صامويل كابلان عزز العلاقات الثنائية مع المغرب ولم يتدخل في شؤونه
الرباط تودع دبلوماسياً أمريكياً بالتمر والحليب
الرباط ــ عبدالحق بن رحمون
عما قريب، ستكون الرباط مقبلة على تغيير سفير، لأكبر دولة في العالم، دولة يعمل لها ألف حساب، انه السفير الأمريكي الحالي بالرباط صامويل كابلان، الذي على وشك مغادرة المغرب، بعد انتهاء مهامه الدبلوماسية، وقد يتقلد مهمات أخرى جديدة مكافأة لاخلاصه في العمل الدبلوماسي على أحسن وجه، حسب ما يحدده له المسؤولون بالبيت الأبيض قريبا.
لذا يليق بهذا السفير أن نودعه بالتمر والحليب، وبباقة من الورود، على الأقل حتى اذا ما جاء ليكتب مذكراته، يستحضر السنوات الجميلة التي قضاها بالمغرب، ويحكيها بصور بالألوان الطبيعية، بدل الصور الرقمية السريعة الالتقاط. وهي تلك التي يحتفظ بها بكل أمانة واخلاص. ففي ألبومه العائلي صور سفرياته الرسمية والشخصية، رفقة عقيلته سيلفيا كابلان، على نطاق واسع في المغرب، سعيا منهما الى تحقيق مهمة في غاية من الأهمية، لاكتشاف المغرب العميق. وهي مهمة أيضا طبعها الكثير من الشراكات والانفتاح على تقاليد وعادات المغاربة.
وبالمناسبة فإن سيلفيا كابلان تعشق المطبخ المغربي وجاء ولعها بذلك لأنها صاحبة مطعم و الى جانب ذلك تعتبر كذلك ناشطة مجتمعية و سياسية.
لذا سيكون صامويل كابلان يحتفظ بذكريات جميلة عن المغرب، أليس كذلك…، تخص السنوات التي مارس فيها مهامه بالمغرب، هذه السنوات التي شهدت الربيع العربي واصلاحات ميزت المغرب وكان هو الاستثناء عن البلدان الأخرى ومن أهم هذه الاصلاحات دستور فاتح تموز يوليو 2011.
وهل فعلا صامويل كابلان مقبل في الأيام المقبلة على تنظيم حفل الوداع، بالفعل لقد نظمه وحضرته شخصيات خاصة وعامة، ومن هنا فالعلاقات الدبلوماسية المغربية والأمريكية، مقبلة أيضا على تجديد الدماء، وفتح صفحة جديدة من كتاب التاريخ المشترك في علاقاتهما المشتركة، وفي هذا المقام يذكر أن العلاقات المغربية الأمريكية شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، وساعد صامويل كابلان في ذلك من خلال نسج شبكة علاقات مع الأحزاب المغربية بجميع أطياف ألوانها السياسية من معارضة ويمين ويسار ووسط، وأيضا مع هيئات ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني وشخصيات وازنة في السياسية وفي الدولة.
وانطلاقا من بداية تعيينه سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية بالرباط في سبتمبر 2009، فأول المهمة التي اضطلع بها ووضعها نصب عينيه، وكان يراها أساسية بالنسبة له، هي المامه الشخصي بكل قطاع من قطاعات المجتمع المغربي، الزعماء السياسيين ورجال الأعمال ومحللي الرأي في الصحافة والأوساط الأكاديمية والطلاب والمزارعين والعمال في كل مجتمع كبير أو صغير.
ومن جملة المعطيات التي سبق أن كشف عنها السفير الامريكي حينما أكد أنه ليس للولايات المتحدة الأمريكية أي قواعد عسكرية في المغرب أو في أي بلد افريقي آخر، كما أوضح أن كل العمليات التي تقوم بها الخلية العسكرية أفريكوم يتم التحكم فيها من شتوتغارت بألمانيا حيث يوجد مقر قيادتها.
وفضلا عن ذلك فإنه من الطبيعي أن نستحضر، وندرك جوهر ما قاله صامويل كابلان في احدى تصريحاته نحن ندرك ادراكا كاملا أنه يجب علينا التعاون مع الشعوب الأخرى في العالم من أجل تحقيق السلام والأمن والطمأنينة للجميع. .
وما يُشهد للسفير الأمريكي صامويل كابلان هو خرجاته الاعلامية التي يكشف من خلالها عن نواياه الدبلوماسية الحسنة والصديقة للمغرب وسبق له أن قال الولايات المتحدة الأمريكية لا تتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب في كل الأحوال . كما كان يعتبر صامويل كابلان أن الهدف الأساسي لأمريكا أن نفهم كيف يفكر المغاربة. لذلك نلتقي بكل مكونات المجتمع المغربي، سواء من النقابات أو التمثيليات العمالية، واتفاقية التبادل الحر تسمح لنا بعقد هذه اللقاءات . مضيفا أريد كذلك أن أؤكد بأن المغرب من أكبر أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، كما تمنى أن ينظر اليهم المغرب بنفس الرؤية التي ينظر بها اليه. أما عن دور السفير يقول كابلان فيتمثل في تعميق هذه الصداقة وجعلها أمتن، مضيفا وكلما استقينا معلومات أكثر كانت مهمتي أكثر فاعلية.
عود على بدء، ومناسبة المغادرة الوشيكة للسيد السفير صامويل كابلان، نظمت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط يوم الخميس 11 نيسان أبريل الجاري ندوة صحفية تحت عنوان تطور العلاقات الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة ، بتيكنوبارك، الدارالبيضاء، ابتداء من الساعة الرابعة والنصف زوالا. والندوة كانت فرصة و مناسبة للسفير لمشاركة الصحافيين المغاربة تجربته حول العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية. كما أن هذه الندوة شكلت أيضا فرصة للصحافيين، قادة الرأي ورجال الأعمال لاجراء مناقشة مفتوحة وصريحة حول مسيرة السفير بالمغرب. وناقشت السفير وجوه بارزة في جلسة مفتوحة للأسئلة والأجوبة.
من جهة أخرى، ان مغادرة السفير الأمريكي للمغرب الوشيكة بعد انتهاء مهامه سيجعلنا نتأمل حصيلة السنوات التي قضاها بالمغرب وما ميزها ، ومن هنا سنقف على محطات مضيئة شكلت أولى اهتماماته ،حيث ركز في كل تحركاته بالمغرب وأنشطته على تقديم المساعدات الأمريكية للتنمية بمناطق مغربية تعيش الفقر، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID ومؤسسة تحدي الألفية MCC هذا وقد كان عمل هذه الوكالة مع جميع أصحاب المصلحة ، بما في ذلك الحكومة والسلطات المحلية والمسؤولين المنتخبين والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لتحقيق نتائج مستدامة من شأنها أن تحدث تغييرا في حياة الناس.
وقريبا جدا من السيرة الذاتية والعطرة للسفير الأمريكي كابلان، ففي سطورها نقرأ أنه أحد رجال الأعمال والزعماء المحليين في مينيابوليس، ولاية مينيسوتا، حيث ترأس المكتب القانوني الذي أسسه العام1978 قبل تعيينه سفيرا ، شغل منصب رئيس المكتب القانوني الذي اقتصر على المسائل غير ذات الصلة بالنزاعات. وقام السفير كابلان بنصح العملاء حول جميع جوانب شؤونهم التجارية وبالتفاوض نيابة عنهم. و قد شارك أيضاً في مجالس ادارة العديد من شركات القطاع العام والقطاع الخاص. وهو شريك في شركة مالكة لبيوت التمريض وغيرها من مرافق رعاية المسنين.
وحول مساره العلمي يذكر في تقييدات السيفي الملحق بسيرته الذاتية الذي يؤكد أنه قد التحق بجامعة مينيسوتا، حيث حصل على كل من شهادة المرحلة الجامعية وشهادة في الحقوق، و قد تخرج بامتياز حيث شغل منصب رئيس جامعة مينيسوتا. كما يذكر أنه كثيرا ما عاد منذ تخرجه الى اعطاء دروس و محاضرات في العديد من كليات الحقوق.
ومن ناحية أخرى، ففي مساره العائلي ارتبط برفيقة العمر وهي السيدة سيلفيا كابلان لمدة 36 عاما، ولديهما 6 أبناء وثلاثة عشر حفيداً أغلبهم قاموا بزيارة المغرب. وشارك كابلان وعقيلته معا في المشهد السياسي المحلي والوطني. و قد كانا من أوائل المؤيدين للراحل بول ولستون ، عضو سابق في مجلس الشيوخ ، وهو من المدافعين المتحمسين عن العدالة والمساواة. أما على الساحة الوطنية، فقد تزعما حملة الانتخابات الرئاسية لجون كيري في مينيسوتا و كانا من أعضاء اللجنة الوطنية.
من جهة أخرى، يرى صامويل كابلان أن الدور الذي يضطلع به المغرب في هذه المنطقة، دور ريادي لأسباب متعددة، منها أن المغرب لم يعرف ثورات دموية أو انتفاضات مسلحة، وكانت هناك انتخابات ديمقراطية، والمغاربة تجار جيدون، الشيء الذي يسمح بأن تكون لهم حظوة كبيرة في المنطقة. وفوق ذلك، فان للمغرب علاقات قوية مع بلدان الاتحاد الافريقي، ومتأثر كثيرا بالعادات الاقتصادية الأوربية، وهذه ميزة تحسب للمغرب، بل ان المفاهيم التجارية التي أخذها المغاربة عن أوربا تفيدهم كثيرا في تعاملاتهم الاقتصادية مع البلدان الافريقية، وفي نفس الوقت تعلموا أسلوب حياة الأفارقة، مما ساعدهم على نسج علاقات اقتصادية قوية بهم.
وفيما يخص عمل الأجهزة الأمنية المغربية يقول كابلان حينما أذهب الى البيت الأبيض، يوجه الي السؤال حول مدى تطور الأجهزة الأمنية في المغرب، وأجيب دائما بأنها متطورة جدا. ويؤكد كابلان بأن هناك شراكة حقيقية بين المغرب والولايات المتحدة في مجال محاربة الارهاب. ويقول أنا لا أريد في هذا المقام أن أقلل من شأن أي دولة في المنطقة، لكن المغرب يبقى من أكثر البلدان تطورا في المجال الأمني بالمنطقة.
من جانب آخر، فالسفير الأمريكي صامويل كابلان معجب كثيرا بالتحرك المغربي في الأمم المتحدة، حيث كان أول مشروع قرار قدمه الى مجلس الأمن بعد أن انضم اليه كعضو غير دائم يرتبط بالملف السوري، وكان له دور كبير في الدفع بهذا القرار لولا الفيتو الروسي والصيني. لقد كان القرار قويا وحكيما، وكان عليه أن يمر. ويؤكد هنا صامويل كابلان أن أمريكا تشيد كثيرا بالطريقة التي دافع بها المغرب عن القرار من خلال مفاوضاته مع الصينيين والروسيين من أجل حثهم على تمرير القرار. ومنذ ذلك الحين يلعب المغرب دورا أساسيا في هذا الملف. وحول رأي صامويل كابلان في حكومة عبدالاله ابن كيران يوضح أنه قبل الانتخابات بوقت طويل كان يدرك بأن حزب العدالة والتنمية لديه نفوذ قوي، وهو حزب بكل ما تحمل الكلمة من معنى. ويضيف كنا ندرك علاوة على ذلك بأنهم دخلوا غمار الانتخابات التشريعية ببرنامج انتخابي يتأسس على ثلاثة منطلقات، هي محاربة الفساد وتقوية الطبقة الوسطى واصلاح المنظومة التعليمية. وكمراقب لما جرى، فان تركيز الحزب على هذه المبادئ هو ما مكنه من احتلال المرتبة الأولى في الاستحقاقات التشريعية في أكتوبر الماضي أكثر من كونه حزبا ذا مرجعية اسلامية.
أما بخصوص علاقة السفارة الأمريكية بقيادة جماعة عبد السلام ياسين المحظورة فان صامويل كابلان ينفي وجود أي علاقة بين السفارة و جماعة العدل والاحسان، الا أنه سيكشف عن وجود قنوات يسميها بجسور للحوار. كما يؤكد أنه لم يسبق له أن كان له أي لقاء شخصي مع جماعة العدل والاحسان أو سبق له أن التقى مع قيادتها.
AZP02