شرقية أم غربية متى تكون عراقية؟ – علي قاسم الكعبي

شرقية أم غربية متى تكون عراقية؟ – علي قاسم الكعبي

لطالما كان تشكيل أي حكومة عراقية، ما بعد الانتخابات، أمراً مستصعباً، وهو الشغل الشاغل لوسائل الإعلام وحتى في أحاديث الناس البسطاء؛ مما يثير أجواءً من الحماسة بين المتنافسين. والعراق، بعكس أنظمة العالم، لا يُقيم وزناً لتلك الأوراق التي دخلت الصناديق البيضاء وأنتجت فائزاً بأعلى الأصوات، بل يتم رَكنه جانباً، وتدخل الكتل السياسية في حوارات وسجالات وجدالات ربما تُفضي إلى شيء أو تصل إلى ما يسمونه «الانسداد السياسي»مفاوضات  تشكيل»

قيادة المفاوضات

الغريب أن من يقود المفاوضات قد يكون حزباً حاصلاً على مقعدين أو أكثر، وكل ذلك بسبب القيود التي وضعتها تفسيرات المحكمة الاتحادية؛ إذ وضعت قيوداً وأغلالاً لا يمكن كسرها بسهولة. وليت الأمر ينتهي داخلياً، بل إن الحوارات الداخلية لا وزن لها ولن تُفضي إلى شيء ما لم يأتي الأمر من الخارج، فتارة ترى «ماركة» الحكومة شرقية، وأخرى تحمل ماركة غربية. ويحدث هذا عندما يحصل توافق بين القوى الخارجية، ولكن -على ما يبدو- أن التوافق على هذه الحكومة بين الشرق والغرب بات أمراً في غاية الصعوبة؛ كون المنطقة تعيش أحداثاً دراماتيكية خطيرة أدت إلى اختلال واضح في موازين القوى، بل حدثت منعطفات خطيرة جداً أدت إلى اختلاف في الإيديولوجيات والأفكار وتغير قواعد اللعبة بشكل واضح.إن ما حدث في غزة ولبنان وإيران، والتغير الجيوسياسي في سوريا التي لا تبعد عن العراق إلا القليل، فَرَضَ واقعاً جديداً لا بد من الوقوف عنده والتفكير فيه ملياً. وهذا ما أشار إليه مبعوث ترامب، «مارك سفايا»، الذي قال صراحة: «لن نسمح بالتدخل الخارجي بتشكيل الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى أنه يراقب عن كثب حوارات تشكيل الحكومة. فهل هذا تدخل أجنبي أم لا؟

إن الخلافات بين الأحزاب، وعدم النضج السياسي، فتح الباب على مصراعيه لتدخل القوى الخارجية في تحديد حكومة البلاد، التي من المفترض أن تحددها نتائج الانتخابات، وهذه هي «الديمقراطية». ومع ذلك، فإن الأمر الحسن هو أن «عمر وعبد الزهرة» قد عقدا صلحاً تاماً بعد ظهور نتائج الانتخابات مباشرة، وبعد شهر ونيف من السجال والجدال حول من يركب في «سفينة نوح» ومن يبقى ليهلك!

تشكيل الحكومة

وثمة أمر هام لا يمكن التغاضي عنه؛ إن أمر تشكيل الحكومة لا بد أن يتم بالعودة والاحتكام إلى ما تفرزه الصناديق البيضاء، وليس ما تقرره اللجان الماسكة للسلطة التي تبحث عن إعادة تدوير نفسها مرات ومرات. إن النتائج أظهرت فوز قائمة «الإعمار والتنمية»، وهو استحقاق جماهيري، ومن المنطق أن يُحترم رأي الناخب لا الالتفاف عليه. وعلى الأحزاب أن تعلم أن خطاباتها الطائفية وما في جعبتها قد استُنفِد وكشفته الجماهير، ولم تعد تلك المعزوفة تُطرب أحداً. وعلى الأحزاب أن تدرك أن القوى «الشرقية أو الغربية» التي تتدخل في تحديد مصير البلاد إنما تبحث عن مكاسب لها، ولا يهمها ما يحدث، سواء ساء الأمر أم حَسُن»

 – بغداد

مشاركة