سوريون يجولون داخل مقر إقامة الأسد: “أذاقنا القهر والحرمان”

دمشق (أ ف ب) – داخل مقر إقامة الرئيس بشار الأسد في حي راق في دمشق، تنقل أبو عمر من غرفة الى أخرى الأحد مزهوا وهو يلتقط الصور، مبديا سعادته بالتجول في “عقر دار” من تسبّب له وللشعب السوري ب”القهر”.

ويقول أبو عمر (44 عاما) الذي لم يذكر اسمه كاملا “ألتقط الصور لأن السعادة تغمرني كوني أقف في عقر داره”.

ويضيف بينما كان يحمل هاتفه النقال “جئت اليوم لأن ثمة ثأرا بيننا، فالقهر الذي أذاقنا إياه لم يكن طبيعيا”.

وجال عشرات بينهم رجال ونساء وأطفال بين غرف المنزل الفسيح الواقع في حي المالكي بغرب دمشق، والمؤلف من ثلاثة أبنية يضم كل منها ست طبقات.

وشاهد مراسل وكالة فرانس برس أوراقا بيضاء تناثرت في كل مكان، بينما كان رسم للأسد ملقى على الأرض عند مدخل الطابق الأرضي المحاط بحديقة فسيحة خضراء تتوسطها نافورة مياه تقليدية.

ويعيش السوريون منذ فجر الأحد لحظات استثنائية على وقع الأحداث المتسارعة التي أعقبت هجوما غير مسبوق للفصائل بدأ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، مع نهاية نحو خمسة عقود من حكم آل الأسد.

وأتى سقوط الرئيس السوري بعد أكثر من 13 عاما على اندلاع تحركات احتجاجية في بلاده قمعتها السلطات بعنف، وتحولت الى نزاع دام أسفر عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص وتهجير الملايين.

وبينما كان ينتقل من غرفة الى أخرى، قال أبو عمر بفخر “أصبحنا اليوم بكامل قوتنا، لم أعد اشعر بالخوف وهاجسي الوحيد أن نتوحد ونبني هذا البلد بكل ما أوتينا من قوة”.

– “تنزيلات” –

وكان المنزل ذو الغرف الواسعة شبه خال من مقتنياته بعدما تمّ نهبها.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو ظهر فيه حشد داخل غرف نوم في المنزل، وهم يأخذون ما أمكنهم من ثياب وحاجيات وأكياس أحدها لعلامة تجارية بارزة، بينما يُسمع في الخلفية صوت شاب ينادي بأعلى صوته “تنزيلات، تنزيلات”.

وحضرت أم نادر (35 عاما) مع زوجها من حي مجاور للمالكي للتجول داخل المنزل، الذي وصفه أحد الزوار بأنه أشبه بـ”متحف”.

وتقول “جئت أرى المشهد الذي كان ممنوعا علينا رؤيته، باعتبار أنه يتعين علينا أن نعيش في الفقر والحرمان”.

وتتابع “حتى بعدما غادروا المنزل، ما زالت الكهرباء والتدفئة متوافرين، بينما يمرض أولادنا من البرد”.

منذ سنوات، تشهد سوريا الغارقة في نزاع مدمر يقترب من أن يتم عامه الثالث عشر، أزمات اقتصادية متلاحقة، بعدما استنزفت الحرب الاقتصاد ودمّرت مقدراته وأدت الى تدهور العملة الوطنية.

ويشكو السكان الذين يعيش أكثر من ربعهم في فقر مدقع، من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة جدا وشح الوقود.

– “فقر وحرمان” –

في القصر الرئاسي عند تلة مشرفة على دمشق، والذي يبعد نحو كيلومترين من مقر إقامة الاسد، كانت قاعة استقبال كبيرة محترقة بالكامل وغطى السواد جدرانها، بينما كانت ألسنة النيران تتصاعد من نقطتين منها، وفق ما شاهد مصور فرانس برس.

وحتى الأمس القريب، لم يكن الاقتراب من المكانين مسموحا نظرا للإجراءات الأمنية المشددة المتخذة حولهما.

وغادر الأسد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، دمشق في طائرة خاصة أقلعت من مطار دمشق الدولي عند العاشرة ليل السبت (19,00 ت غ)، من دون أن يحسم وجهتها.

واحتفل آلاف السوريين في مناطق مختلفة من البلاد وخارجها الأحد بسقوط الأسد، بعد هجوم خاطف لفصائل المعارضة المسلحة التي دخلت دمشق، لتطوى صفحة هيمنة عائلة الأسد لنصف قرن على البلاد التي تدخل الآن في مرحلة عدم يقين.

ويقول عمر (25 عاما) لفرانس برس “أكرمنا الله بشعور ننتظره منذ السبعينات، حين بدأت معاناة كل السوريين”، في إشارة الى وصول عائلة الأسد الى السلطة.

ويضيف بعدما تجول في مقر إقامة الأسد “كان يعيش مترفا فيما كنا نعاني”.

 

مشاركة