سن الغزال
عبدالرزاق صالح
في الفَيْصَلَيَّةِ
مِنْ بَعْدِ منتصفِ الخمسينيات بسنواتٍ قليلةٍ
فَقَدْتُ أسنانَ الطفولةِ
نرمي السِّنَّ اللبنيَّةَ في عينِ الشَّمسِ
ونقول: خُذِي سِنَّ الجِمَالِ
وأعطيني سِنَّ الغزالِ!
كُنَّا لا نعرفُ
بأنَّنا نقول الشِّعرَ!
يُولدُ الأطفالُ شُعراءَ حتَّى إشعارٍ آخرَ!
لا أدري لماذا لَمْ ندفنِ الأسنانَ في التُّرابِ؟
هَلْ البناتُ كُنَّ يَفْعَلْنَ ذلكَ؟
كان يدورُ بِخِلْدِنَا أنَّ الشَّمسَ سوفَ تبتلع أسنانَنا!
أسَنانُنا في بحرِ الشَّمسِ
لكنْ من أينَ تأتي الشَّمسُ بِسِنِّ الغَزَالِ!؟
وهَلْ كانت أسنانُ الجَمَلِ مُعِيِبَةً؟
ما علاقةُ الجَمَلِ أو الحمار بأسنانِ طفولتِنا؟
أسطورةُ الأسنانِ كانت خالدةً في وعي الطفولةِ
حِيْنَ ننظرُ لخرطومِ الفيلِ في القراءةِ الخلدونيةِ
(أنفُ الفيلِ) ؛( قفزَ الولدُ مِنْ فوقَ البرميلِ)
أينَ سِنُّ الفيلِ؟
وقتها كان الطِّينُ اليابسِ سلوتِنا
نَقْطِفَّهُ من الطُّوفِ الطِّيني
ونَأْكِلَهُ مُتلذِّذينَ
النَّهرُ كان قريباً مِنَ الطُّوفِ الطِّيني.
كان الطِّينُ اليابسُ حُلْمَ طفولتِنا!
السِّباحةُ في هجيرِ الصَّيفِ
مُتعةٌ شَيِّقَةٌ
لكنَّها كانت مُغامرةً محفوفةً بالمخاطرِ
في أعماقِ النَّهرِ (عبدُ الشَّطِّ)
كم كُنَّا نُعاني؛ عَنْدَ سماعِنَا عن غريقٍ؟
عندها يكون الأهلُ حازمينَ في منعنِا للاقترابِ من النَّهرِ
نبحثُ عن لعبةٍ أُخرى
أسنانُ البناتُ نبتتْ في بستانِ الحُبِّ!
وشَعْرَهُنَّ طالَ
وأسنانُنا طارَ بها اللَّقْلَقُ
التَّقَطَهَا من ( كاع أصويلح)
كَمْ قطعةً ذَهَبَيَّةً سَرَقَهَا اللَّقْلَقُ من ( رازونة) البيتِ ؛ في غَفْلةٍ ؟
الصِّلةُ بين الحَرِّ والسَّرقةِ ما هي!؟
عبثاً تبحثُ الأُمهاتُ عن الذَهَبِ وأسنانِنا!
نبقى نَتَلَعْثَمُ
نبقى بأفواهٍ دُرْدٍ كالمُسَنْيِنَ!
حتَّى عَوْدَةِ اللَّقْلَقِ..