سنرجع يوماً – نصوص – غسان سالم شعبو

سنرجع يوماً – نصوص – غسان سالم شعبو

جلسنا نستذكر ذكرياتنا لمدينتنا ولم يعد يحلو لنا شيء بعدها، خلنا أننا لن نعود فرحنا نتذكر كل الأشياء الجميلة التي تركناها في لحظة الغدر التي غدرنا بها الغزاة حين اجتاحوا بلدتنا عنوة في ليلة ظلماء. ورحنا نبكي ونتخيل كيف تنقرض الأشياء من حولنا ونتأمل بالذكريات الحلوة التي جمعتنا عبر سنوات عمرنا الماضية، المحتلون إجتاحوا المدينة ونحن بقرارنا الملحمي تركنا كل شيء وهربنا صوب الجبال، فكرنا أن نضحي بكل شيء إلاّ بأنفسنا، وهنا في المنفى قررنا ترك البكاء والبدء من جديد، فسكّنا دوراً جديدة مع من هم مثلنا من المهجّرين من بلدات محتلة. ولم نكن نحلم يوماً أننا سنعيش سوية في منفانا هذا، فأدركنا أننا لم نعد وحدنا فتأقلمنا معا على مر الأيام كالعادة. وجلست أنا وجاري نفترش همومنا ونشرح صدورنا لنلملم جراحاتنا ونجد من يبتاع منها بضاعة للأمل القادم، ونحن نتابع تقدم الأنباء لصالح قواتنا، فوقفت متقمصاً دور البطولة وقلت: لا يليق بنا الجلوس هنا في هذه المنطقة المقفرة، لا بد أن نفعل شيئاً..

 فإنتفض زميلي وقال لي: قف لا تبع مثالياتك لي ولا تهب للناس ما لم تملك، ولا تدّعي البطولة وأنت لائذ في هذا المنفى القسري.

 فقلت: سيأتي يوماً ونعود، واستدركني بقوله: نحن في أرض جديدة لا بد أن نتأقلم بها، هم فهموا اللعبة ولأجل ذلك إجتاحوا مدننا وسكنوها. فقلت بغضب شديد: وكيف تفكر أنت يا أخي، هؤلاء  كنبت الشياطين حيثما حلوّا زاغوا وأفسدوا ولن نسمح لهم ليلقوا ببذورهم النجسة في أي شبر من أراضينا وإلا ستنمو غابات من الشوك والعلقم في ربوعنا وستقف عجلة الإنسانية مع هؤلاء الرعاع. حينها أدركت أننا لابد أن نفكر جلياً بالعودة لتحرير مدننا من قاطعي الطرق والأثمة المارقين ومدمني المخدرات وتلك القبائل الهمجية التي تطمع بنا. فقلت لزميلي: سيأتي يوما ونخرج هذه القمامة ونرفضهم من بيننا وستشرق الشمس في أرضنا فهم يفعلون الخطأ ونحن سنفعل الصواب، وسنعود لنعيد أرضنا وكرامتنا مع قوافل التحرير التي ستدخل مدننا، لن ننسحب ولن نهاجر .. سنرجع يوماً .. ونقاوم.