سقوط النظارة – ثائر علوان

سقوط النظارة – ثائر علوان

رنّ جرس الاستراحة، فاندفع نحو حديقة المدرسة كمهاجمٍ منفردٍ نحو هدفه، ليغتنم أفراخ الفاختة من السدرة.

أوقفه أحد التلاميذ، وهمس له بحكاية غريبة:

«قال إن السدرة أمسكت تلميذًا وأبرحته ضربًا لأنه بصق عليها. بقيت ممسكة به حتى جاء معلم الإسلامية، قرأ الأدعية وتوسل إليها، فعفت عنه.»

تجمّد مذهولًا، يحدّق بالسدرة.

تقدّم، ثم تراجع، ثم انطلق نحوها.

ارتقاها ببطء كحيوان الكسلان.

وصل منتصفها، فشلّ جسده فجأة، وسحبته الأرض بعنف.

ارتطم بالطين، ومشى منتحبًا إلى زاوية الحديقة، منكمشًا كعجوز، مرتد نظارة سوداء، وجلس شاحبًا، يزيل الطين عن ملابسه، يفكر بانتقام السدرة لما فعله بها سابقًا.

رمق طفلاً اقترب منها، ورماها بالحجارة.

تحوّلت إلى كائنٍ عملاق، أغصانها سواعد، وأوراقها أكف.

أرادت أن تنقضّ عليه، لكنه بصق على جذعها، ثم ارتقاها بخفة الوشق.

ظلّ يراقبه وهو يتنقل بين الأغصان كقردٍ يافع.

فغر فاهه، وسقطت النظارة عن عينيه.

مشاركة