سعادة موجعة

سعادة موجعة

يحكى ان على جزيرة منعزلة تملأها الالوان الخضراء وهواء منعش يحيطها بحر ازرق صافٍ يعكس نقاء السماء وجمالها يعيش شاب وحيد

كيفَ نفسه على العيش بمفرده وسط اشجار الجزيرة وحيواناتها ييقتات على ما يصيده من اسماء او ما يقطفه من الثمار الطازجة ومن شدة تعلقه بهذه الجزيرة منذ نعومة اظفاره وهبته شيئآ من روحها.

فأصبح جزءاً منها يستطيع السباحة دون ان يغرق واذا جرح يلتئم جرحه بسرعةفي احد الايام التي يمكن ان اقول انها اسعد او اتعس فرصة حدثت في حياته يومها اأخذه فضوله الى ان يغوص في أعماق البحر رغم تحذير الحيوانات المستمر بأن لا يفعل ذلك لما في الأمر من خطوره لكنه رفض الاستماع كان يشعر بأن شيئاً ما يناديه لأستكشاف ما في الأعماق وان هناك ما لم يره من قبل ,وفعلا صدق حدسه جرفته التيارات الى الاسفل وتفاجئ بما لم يكن يتوقعه .

جزيرة ثانية لا بل عالم آخر لم يسبق ان رأى مثله حتى لم انه لم يخطر على باله وجود اشخاص اخريين غيره.

دخل فوجد مدينة يتوسطها قصر كبير جدآ بالأضافة الى منازل صغيرة

ومخبز ومحل خياطة وسوق كبير ..الخ .

لم يعجبه الجو كثيرآ فلقد كان حاراً والارض ساخنة جدآ ونظرآ لكون روحه من الماء فلم يستطع تحمله كثيرآ لكن حبه للمغامرة جعله يستمر ويتمشى في الارجاء هنا وهناك ,الى ان وقعت عينيه على نافذة القصر كانت هناك فتاة تقف بهدوء كالملاك بشعرها الاصفر الذهبي وعينان خضراوتان وبياض وجهها يميل الى الاحمرار .دق قلبه للوهلة الأولى حين التقت عيناهما للحظة عرف كل منهما انه خلق ليكمل الأخر .

اقترب من القصر محاولآ الوصول اليها فوجئ بصد الحراس له اخبروه ان ملك جزيرة النار يسكن هنا مع ابنته ويعتبر محرمآ على العامة الوصول اليه . ماهذه القوانين لما كل هذا التشدد لماذا لا يعيشون ببساطة هذا ما دار في رأس بطلنا .لم يكترث لما قاله الحارس وتسلق خلسة الى النافذة حينها رأى ملاكه يملئها الخجل كيف لا وهي لم تلتق بشاب من قبل نطق بخجل محاولا فتح باب الحديث معها سئلها عن اسمها وحدثها قليلا عن نفسه لكنها لم تجب ولا بحرف تعجب كثيرآ الى ان اشارت له بأنها صماء ولا قدرة لها على الكلام.

رسمت له قلباً مبتسماً وله جناحان يطير بهما استنتج انها سعيدة معه .وبعد هذا اللقاء تركها وذهب لانه لم يتحمل الطاقة المنبعثة منها كانت ساخنة الى ابعد الحدود عاد الى جزيرته واخبر الجميع بما حدث معه اخبرته الاشجار بأن الموضوع ليس بالأمر السهل وان حاكم تلك الجزيرة وهبته الارض نار قوية نضرآ لكونه تحتها ودفع الكثير للحفاظ عليها وانه يريد شخصاً بنفس قوته ليزوجه ابنته. ثم قالت بقية الكائنات بأن هذا الموضوع لن يتم وانك اضعف من ان تجاري الملك ويجب عليك ان تتخلى عن الفكرة ولا تعود الى هناك مجددآ .حاولوا مرارآ وتكرارآ اقناعه بالعدول عن الامر لكن لم ينفع معه اي شيء . في اليوم الثاني عاد الى القصر وطلب مقابلة الملك استقبله بحزم شديد وبدا الغضب بادرآ على ملامحه كان اشبه بالعمالقة وصاحب جاه وقوة وثروة شعر بأنه لا شيء امامه , كيف سيقنعه بالزواج بأبنته الوحيدة ؟!

عندها بدأ يسرد له كمية السعادة والتضحية التي سيقدمها لأبنته اذا ما وافق على هذا الزواج وطال الحديث بينهما كانت نتيجته الرفض لم يقتنع الملك ولا قليلا واخبره بأن يبحث على غيرها وانه غير مناسب له .

عندها دخلت الفتاة حاولت بكل ما لديها من اشارات ودموع ان تقنع والدها اخبرته بأن قلبها قد تعلق به وانها ستجد روحها معه لكنه لم يتأثر ايضآ اخبرها بأنه يعرف مصلحتها وانها لا تستطيع ان تفعل ذلك لانها لا تعلم مدى خطورة الامر .استمرت المحاولات يومآ بعد يوم ..دون جدوى. وفي لحظة فقدا الصبر اخبرها بأن عليها الهروب والذهاب معه وان هناك جزيرة جميلة ساحرة واخبرها عن روعة البحر ونقاءه وان بأمكانهما العيش بسلام فوقه .لم تستمع لكلام وتحذير والدها وذهبت مع الفتى الى خارج جزيرتها . ما ان لامس الماء جسدها حتى احست بأنها تتألم لكنها لم تتكلم استمرت بالمقاومة الى ان وصلوا الى بيته رحبت الاشجار والحيوانات بها لكن بقلق وخوف شديد يملأه الحزن .كانوا يعرفون ان مصيرها الانطفاء .وفعلا رطوبة الجو والهواء العليل كان مؤثرآ جدا على جسدها الناري الصغير تفاجأ بطلنا عندما رأها تهفت وتتلاشى .نظرت له نظرة ملؤوها السعادة والحزن في آن واحد احتضنها بين ذراعيه ..لسعته حرارتها العالية واطفئتها شدة برودته ، اختفت تلاشت لم يبق منها شيء سوى حرق لن يلتئم ، ظاهرة بسيط وباطنه في قلبه اعمق .

في بعض الاحيان يجب علينا ان ندرك ان ليس كل ما نتمناه

يكون مناسباً لنا ..قد يعطينا سعادة مؤقتة لكنه يترك ألمآ لا يزول ..

زينب اركان – بغداد

مشاركة