ستالين كره لينين وعاشا جثتين متجاورتين في ضريح الساحة الحمراء

ستالين كره لينين وعاشا جثتين متجاورتين في ضريح الساحة الحمراء
دكتاتور يثير الجدل والروس لا يزالون يحنون الى عهده
موسكو ــ الزمان
في مثل يوم امس عام 1953 توفي الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين عن عمر يناهز 73 عاماً، بعد أن حكم أكبر دولة في العالم ما يقارب 31 عاما. ورغم مضي ستين عاماً على وفاته لا تزال هذه الشخصية التاريخية الى اليوم محط جدل بين من يعتبرها شخصية ايجابية تمكنت من مواصلة الثورة البلشفية وتحويل الاتحاد السوفييتي الى دولة صناعية عظمى وبين من يرى فيها شخصية سلبية دكتاتورية قضت على مخزون البلاد من العلماء والمفكرين ورجال الثقافة والمجتمع وجميع المعارضين لأفكار ستالين. واذا كان تقييم شخصية ستالين وأفعاله متناقضا الا أن ظروف وفاته لاتزال الى اليوم تشكل أحد أسرار القرن التاسع عشر الدفينة. خبر وفاة ستالين قض مضجع السوفييت في اليوم التالي من وفاته، وقد ألحق بخبر الوفاة الذي أصدرته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي وثيقتان الأولى تتضمن شرحا للحالة الصحية لستالين والثانية كانت وثيقة وفاة بينت أن ستالين أصيب في الثاني من آذار بنزيف دماغي نتيجة ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وتوفي في الخامس منه اثر فشل في أداء القلب والأوعية الدموية وجهاز التنفس. لكن الكثير من محبي ستالين لم يثقوا بهذا السيناريو العادي لوفاته، ومضى المؤرخون والكتاب على مدى 60 عاماً يختلقون سيناريوهات عديدة لأسباب وفاة ستالين تصب أغلبها في خانة واحدة وهي المؤامرة، والصراع على السلطة من قبل الشخصيات السياسية المحيطة به وهي نيكيتا خروشوف ولافرينتي بيريا وفياتشيسلاف مولوتوف وكليمينت فوروشياوف ولازار كاغانوفيتش وأناستاس ميكويان. شارك في مراسم تشييع ستالين شخصيات أجنبية عديدة لكن ما حُفر في الذاكرة مشاركة رئيس تشيكوسلوفاكيا آنذاك كليمنت غوتفالد الذي تعرض حينها لالتهاب تنفسي توفي على اثره بعد تسعة أيام من وداع ستالين. كذلك كشفت تقارير لاحقا أن حوالي 1500 شخص لقوا حتفهم خلال التدافع الشديد لالقاء نظرة الوداع الأخيرة على الزعيم الراحل. وحنطت جثة ستالين ووضعت الى جانب لينين في التاسع من آذار وبقيت هناك حتى العام 1961 حينما دفنت قرب جدار الكرملين. هزت وفاة ستالين محبيه وخصومه على حد سواء وقد قال فيه خصمه الايديولوجي، الزعيم البريطاني ونستون تشرشل كان ستالين رجلاً ذا طاقة عالية وقوة ارادة لا تقهر… لم أستطع أنا الذي تربيت في البرلمان البريطاني أن أرفض له شيئا . ولد جزيف ستالين في 21 »كانون أول عام 1879 في جورجيا لوالدين تحدرا من عائلة فلاحين أقنان جورجية. وعند بلوغه الـ 15 من عمره، اتصل ستالين بالحلقات الماركسية السرية واخذ يتردد الى مكتبة عامة كان يرتادها بعض الشبان الرادكاليين. وبعد 4 سنوات انضم الى المنظمة الاشتراكية الأولى في جورجيا، وفي تلك الفترة بدأ بقراءة المؤلفات والكتابات الأولى للينين. انتظم ستالين ولفترة 10 سنوات في العمل السياسي السري وتعرض للاعتقال والابعاد اكثر من مرة. ومنذ ظهور الخلايا الأولى للحزب البلشفي وحتى انتصار ثورة أوكتوبر عام 1917 كان ستالين نصيرا مواليا للخط السياسي الذي أرساه لينين. بعد وفاة لينين، تمكن ستالين من حسم الصراع الداخلي لصالحه واصبح القائد الاوحد للحزب في مطلع الثلاثينات، لتبدأ مرحلة نوعية جديدة في حياة الدولة السوفييتية الفتية. وان كان يختلف المؤرخون بتقييمها الا ان الجميع يتفق على انها تركت بصماتها على مصير الاتحاد السوفييتي لاحقا. لقد اتبع ستالين في اعوام الثلاثينيات سياسة القمع الشديد في داخل البلاد والتي اقترنت باعتقال واعدام ونفي الآف الناس ــ من اعضاء القيادة العليا للحزب والجنرالات الى العمال والفلاحين البسطاء ورجال الدين. ولم يكن اي احد في البلاد بمنأى عن اعمال القمع الستالينية. واستمر القمع بعد الحرب العالمية الثانية ايضا. حاول ستالين قدر الامكان تأجيل موعد المواجهة مع ألمانيا النازية، الا ان هتلر وبعد توقيع اتفاقية عدم الاعتداء بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية بعامين، قام بغزو الاتحاد السوفييتي وتمكّن من احراز انتصارات عسكرية في بداية الغزو. لكن صلابة ستالين وقوى الانصار والمقاتلين في الجيش الاحمر وعموم شعوب الاتحاد السوفييتي، ادت الى تحقيق النصر التام على جيوش هتلر في 9 آيار عام 1945.
وكشف استطلاع للرأي نشرت صحيفة امس نتائجه بمناسبة الذكرى الستين لوفاة ستالين ان حوالي نصف الروس يعتبرون انه لعب دورا ايجابيا ، بينما يرى ثلثهم عكس ذلك.
ولعب هذا الدكتاتور دورا ايجابيا بلا جدال برأي تسعة بالمئة من الذين شملهم استطلاع مركز ليفادا مقابل 40 بالمائة قالوا انه دور اقرب الى الايجابي . ونسبة الذين ينتقدون ستالين اقل بكثير. فعشرة بالمئة من الروس يعتبرون ان دوره كان سلبيا بلا جدال و22 بالمائة اقرب الى السلبي .
وكتبت الصحيفة الحكومية روسيسكايا غازيتا ان ستين عاما مضت لكن علينا الاعتراف بأن تلك المرحلة تبقى شرخا في ضميرنا .
ويتبنى الروس مواقف متباينة حيال ستالين بين ادانة عمليات القمع والترهيب في عهده ودوره في الانتصار في الحرب العالمية الثانية.
وخلص خبراء مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الى استنتاج أن ستالين ما زال حياً في رأي الكثير من الروس رغم مرور 60 عاما على وفاته أظهر استطلاع للرأي أجراه خبراء مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في روسيا بمناسبة الذكرى الستين لوفاة الزعيم السوفييتي جوزف ستالين أن ستالين يتقدم على سائر الشخصيات التاريخية الروسية في الشعبية.
وكانت شعبيته تدنت خلال حكم دميتري ميدفيديف الذي قال ذات يوم ان حب الطغاة الراحلين خطأ يقع فيه أناس ضالون . ولكنها عاودت ارتفاعها بعد أن عاد فلاديمير بوتين الى قمة السلطة الروسية في عام 2012.
ويجدر بالذكر أن شعبية ستالين ارتفعت من 12 في المائة في عام 1989 الى 49 في المائة في عام 2012. وقال غالبية الروس الذين شملهم الاستطلاع انهم يتفقون مع وجهة النظر التي تقرر بأن ستالين كان زعيماً حكيماً.
وبيّن استطلاع آخر أجراه مركز ليفادا أن 49 في المائة من الروس رأوا أن ستالين لعب دوراً ايجابياً في حياة البلاد.
وأرجع خبراء مؤسسة كارنيغي سبب استمرار شعبية ستالين الى اعتقاد الروس وسكان الجمهوريات السوفييتية السابقة الأخرى بأن ستالين تصرف من منطلق مصلحة الدولة رغم أن الكثيرين منهم يتفقون مع مَنْ يصف ستالين بـ الطاغية الملطخ بالدماء . وعاد نصب ستالين الى احدى الساحات الواقعة في بلدة أكورا شرق جورجيا، بعد أن غاب لسنوات بحجة ترميمه. وكانت السلطات الجورجية قد طلبت منذ سنوات ازاحة نصب ستالين، وبقي طوال هذه الفترة في منزل مواطن من البلدة اسمه بدري غوغياشفيلي. ولكن بعد تبدل وجه السلطة في البلاد عقب فوز حزب الحلم الجورجي وتراجع مناصري الرئيس الحالي ميخائيل سآكاشفيلي عن القرار، سمحت الجهات المسؤولة باعادة وضع النصب في مكانه.
وتمت الاشارة الى أن النصب عانى من تشققات في الأنف والجبين، الا أن سكان البلدة جمعوا كافة الموارد المالية من ميزانيتهم الخاصة لترميمه ونجحوا في ذلك، وبقي النصب المرمم في منزل غوغياشفيلي في انتظار اللحظة المناسبة لاعادته الى مكانه. وأفاد المواطنون المحليون لوكالة أخبار جورجيا أنهم أعادوا النصب ليبرز على الملأ لأنه جزء من التاريخ ولأن التاريخ لا يمحى سواء كان جيدا أم سيئا فضلا عن أن هذا التاريخ جزء من جورجيا أيضا. وأشاروا الى الحكومة في جورجيا تبدلت وهي حكومة سمحت باعادة النصب الى مكانه. وتجدر الاشارة الى أن بلدة زيمو ألباني في جورجيا أيضا تمت اعادة نصب لستالين ان قد أزيل أيام حكم سآكاشفيلي. وكأن السلطة السابقة في جورجيا خلال السنوات الأخيرة قد أزالت جملة من تماثيل تجسد ستالين وأحدها كان في مدينة غوري، مسقط رأس القائد السوفييتي. ونشرت صحيفة أوربية وثائق تشير الى أن ابن الزعيم الثاني للاتحاد السوفييتي جوزيف ستالين كان خائناً لبلاده وسلم نفسه طوعا الى القوات النازية. وأشارت صحيفة اندبندت البريطانية الى أن الوثائق المنشورة في مجلة دير شبيغل الألمانية تكشف أن ياكوف جوغاشفيلي، ابن جوزيف ستالين والضابط في الجيش الأحمر، سلم نفسه طوعا الى قوات الجيش النازي أثناء الحرب العالمية الثانية ما جعله بمثابة خائن بنظر والده الذي احتقره حتى مماته. وتتضمن تلك الوثائق تقريرا يستند الى ما رواه جندي من الفارين بصحبة نجل ستالين من حصار القوات النازية قمنا بحرق وثائقنا الثبوتية وارتداء اللباس المدني، وعند وصولنا الى ضفة النهر، أمرني الرفيق ياكوف جوغاشفيلي بمتابعة المسير، أما هو فأراد البقاء ليرتاح . ويستنتج أصحاب التقرير من هذه الحكاية أن ياكوف ظل في المكان لينتظر قدوم القوات الألمانية حتى يسلم نفسه طوعا لها. كما توجد فرضية لا تقل اثارة تنفي أن يكون ياكوف جوغاشفيلي قد أسر بالأصل وهي تستند لأقوال ابن ستالين بالتنبني أرتيوم سيرغييف في عام 2007 لا وثيقة أصلية تثبت أن ياكوف جوغاشفيلي كان بالأسر، ومن المحتمل أن يكون قد قتل في معركة وقعت في 16 تموز عام 1941.أعتقد أن الألمان وجدوا وثائقه الثبوتية واستخدموها في لعبتهم الدعائية ضد الاتحاد السوفييتي وقيادته وعلى رأسها ستالين . وأضاف أثبتت الجهات المختصة أن جميع صور ياكوف جوغاشفيلي في المعتقل هي عمليات مونتاج وتزوير . ومهما اختلفت الروايات حول حيثيات وقوع ابن ستالين في الأسر، تثبت وثائق الجيش الألماني نفسه التي نشرها المؤرخ الروسي ميخائيل زويف، أن الملازم أول ياكوف جوغاشفيلي وقع في أسر القوات الألمانية المهاجمة في 16 تموز 1941 ونُقل الى معتقل زاكسينهاوزن الألماني حيث قتل في آذار1943.
وكشف تقرير نائب وزير الداخلية السوفييتي، ايفان سيروف، في عام 1946 أن ياكوف جوغاشفيلي كان يستهتر بادارة المعتقل ولم يتحدث مع أحد. ورفض جوغاشفيلي يوم مصرعه الانصياع لأوامر الحراس بالابتعاد عن السياج المحيط بالمعتقل وشتمهم وصاح أطلقوا النار . فأطلق أحد الحراس رصاصة قاتلة على رأسه. ولعل الحقائق غير المتنازع عليها أن ياكوف جوغاشفيلي هو الابن البكر للزعيم الثاني للاتحاد السوفييتي جوزيف ستالين، وهو من مواليد جورجيا عام 1907 وأمضى طفولته في تبليسي، واشترك في الحرب العالمية الثانية وسقط شهيداً من دون أن يقبل التعامل مع القوات النازية، كما أن ستالين رفض اقتراحاً من القوات الألمانية بمبادلة ابنه الأسير بمشير ألماني أسير، قائلاً انه يرفض مبادلة جندي بمشير .
AZP02

مشاركة