موسكو- واشنطن -الزمان
أكدت موسكو الأربعاء أنها ستحاول العثور على حطام المسيّرة العسكرية الأميركية التي تحطّمت فوق البحر الأسود في إطار مواجهة حمّلت واشنطن مقاتلتين روسيتين مسؤوليتها. فيما يبدو ان واشنطن تسعى للتأكد من الروس لن يفيدوا من المسيرة اذا عثروا على حطامها.
كما حذّرت روسيا من أي طلعات جوية أميركية «عدائية» وسط ارتفاع مستوى التوتر فيما نفت روسيا بأن تكون مقاتلتها من طراز «سو-27» تسببت بقطع مروحة المسيّرة من طراز «ريبر».
قالت كييف بدورها إن الحادثة التي وقعت فوق مياه دولية تعد محاولة من الكرملين لجر الولايات المتحدة إلى النزاع في أوكرانيا. وأفاد الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في تصريحات متلفزة «لا أعلم ما إذا كنا سنستطيع استعادتها، لكن يجب القيام بذلك. وسنعمل في هذا الاتجاه بالتأكيد». وفاقمت حادثة الثلاثاء التي اعتبرت واشنطن أنها نتيجة سلوك متهوّر ويفتقر إلى المهنية، التوتر بين موسكو والقوى الغربية.
واعتبر باتروشيف أن الحادثة تعد دليلا آخر على أن الولايات المتحدة طرف مباشر في المعركة بين موسكو وكييف، مشيرا إلى أن روسيا تتحمّل مسؤولية «الدفاع عن استقلالنا وسيادتنا». وذكرت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء بأنها سارعت لنشر مقاتلاتها بعد رصد مسيّرة أميركية فوق البحر الأسود ونفت بأن تكون تسببت بإسقاطها. بدوره، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في مستهل اجتماع للبلدان الداعمة لمعركة أوكرانيا ضد القوات الروسية الأربعاء «تعد هذه الحادثة الخطيرة جزءا من نمط أعمال عدوانية وخطيرة وغير آمنة يقوم بها الطيارون الروس في المجال الجوي الدولي». وأضاف «تأكدوا بأن الولايات المتحدة ستواصل التحليق والعمل في أي مكان يسمح به القانون الدولي. يتحتم على روسيا تشغيل طائراتها العسكرية بشكل آمن ومهني».
أشار البنتاغون إلى أن مسيّرته كانت تقوم بمهمة روتينية عندما تم اعتراضها «بأسلوب متهوّر وغير سليم بيئيا وغير مهني»، فيما شددت روسيا على أن المسيّرة كانت خارج السيطرة مؤكدة بأن طائراتها لم تحتك بها بأي شكل من الأشكال. وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي لاحقا «ندحض بالطبع النفي الروسي».
وأضاف بأن الولايات المتحدة تحاول تجنّب وقوع المسيّرة التي سقطت في أيدي الجهات الخطأ. وقال كيربي لشبكة «سي إن إن» «اتخذنا خطوات لحماية ممتلكاتنا بشكل خاص في ما يتعلق بتلك المسيّرة». أقر كيربي بأن روسيا تنفّذ عادة عمليات اعتراض فوق البحر الأسود، لكن العملية هذه المرة «كانت لافتة بسبب درجة عدم سلامتها وعدم مهنيتها، وإلى أي حد كانت متهورة». ورأت أوكرانيا من جهتها أن الحادثة ليست إلا دليلا على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى لتوسيع نطاق النزاع الذي تشهده أراضيها. وكتب رئيس مجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلوف على وسائل التواصل الاجتماعي «هدف هذه الاستراتيجية القائمة على المجازفة لتحقيق الأهداف هو زيادة المخاطر على الدوام».
وقال دبلوماسيون من حلف شمال الأطلسي في بروكسل إنهم لا يتوقعون تصعيدا فوريا. وأفاد مصدر عسكري غربي طلب عدم الكشف عن هويته فرانس برس أن القنوات الدبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة قد تساهم في الحد من أي تداعيات واسعة. وقال المصدر «برأيي فإن القنوات الدبلوماسية ستخفف ذلك». فاقمت الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا المخاوف من مواجهة مباشرة بين موسكو وحلف شمال الأطلسي الذي يقدّم الأسلحة لأوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها. وأثارت تقارير عن ضربة صاروخية في شرق بولندا في تشرين الثاني/نوفمبر حالة قلق قبل أن تخلص مصادر عسكرية غربية إلى أنها كانت نتيجة صاروخ أطلقته الدفاعات الجوية الأوكرانية، لا روسيا. تستخدم الولايات المتحدة مسيّرات «إم كيو-9 ريبر» لأغراض الاستطلاع كما لشن ضربات. وتسيّرها منذ مدة طويلة فوق البحر الأسود لمراقبة القوات البحرية الروسية. وقال قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا وإفريقيا الجنرال جيمس هيكر «كانت طائرتنا من طراز إم كيو-9 تجري عمليات روتينية في المجال الجوي الدولي عندما تم اعتراضها وصدمها من قبل طائرة روسية، ما أدى إلى تحطّم الطائرة إم كيو-9 وخسارتها بالكامل». وتابع «في الحقيقة، كاد هذا التحرّك غير الآمن وغير المهني من قبل الروس أن يؤدي إلى تحطّم الطائرتين. ستواصل الطائرات التابعة للولايات المتحدة ولحلفائها بالعمل في المجال الجوي الدولي وندعو الروس للتصرف بشكل مهني وآمن».
بدوره، أشار الناطق باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر إلى أن المسيّرة كانت «غير قادرة على التحليق وخارج السيطرة لذا أنزلناها»، مضيفا أن حادث الاصطدام ألحق على الأرجح أضرارا بالطائرة الروسية التي قال إنها تمكّنت من الهبوط بعد الحادثة. خسرت الولايات المتحدة عدة مسيّرات من طراز «ريبر» في السنوات الأخيرة، بعضها بنيران معادية.
أُسقطت واحدة فوق اليمن عام 2019 بوساطة صاروخ أرض-جو أطلقه المتمرّدون الحوثيون، وفق ما أعلنت القيادة المركزية الأميركية حينذاك.
وبحسب سلاح الجو الأميركي، يمكن لمسيرات «ريبر» أن تزوّد بصواريخ من طراز «هيلفاير» وقنابل موجّهة بالليزر وأن تحلّق لأكثر من 1770 كلم وعلى ارتفاع يصل إلى 15 ألف متر.