سؤال وجواب

سؤال وجواب

ها هي الايام والسنوات تمر على العراقيين مرور الكرام من دون ان يتذوقوا طعم العيش الرغيد، ولاسيما العقد المنصرم الذي تشابكت فيه الحوادث، واصبحنا لا نستطيع ان نضع عنوانا لحالنا ووضعنا.

لقد كانت معاناة العراقيين قبل 2003 واضحة ومحددة بنقاط وابرزها تضييق الحريات وضعف الحالة الاقتصادية وغيرها من الامور الاخرى التي لا اتذكرها ربما لتفهاتها، اما الان فاننا لا نستطيع تشخيص المرض الذي يعانيه وطننا الجريح، وهذا الموقف الذي اصبحت امر به بشكل شبه يومي وذلك عند التحدث مع الاهل والاقارب والاصدقاء الذين هاجروا العراق الى العالم الغربي واصبحت الوحيد المتمسك به من بين عائلة متكونة من 8 افراد اضافة الى تفرعاتها، وعند حديثي معهم عن طريق الهاتف او مواقع التواصل الإجتماعي يسألونني عن اوضاع العراق والعاصمة بغداد، فلا اعرف كيف اجيبهم او من أين ابدأ، فأستهل الحديث بالتفجيرات الدموية التي اصبحت تحدث بشكل شبه يومي عن طريق سلسلة من السيارات المفخخة التي تضرب بوقت متقارب وبشكل منظم بعيدا عن السيطرة الامنية ونظام الزوجي والفردي وحظر التجوال حاملة في كل يوم اسماء وعناوين مختلفة قد يكون احدها مجلس العزاء والآخر المساجد والحسينيات والكنائس واخر مقاه وملاعب كرة قدم وغيرها من الاماكن التي تتعرض للإستهداف..

فالكل اليوم هو عرضة للإستهداف المصلي والصائم والسكير والمدني والعسكري وسائق التكسي وغيرهم.. بعد ذلك اعود للتحدث عن واقع الخدمات فيسألونني كل يوم: هل قامت الامانة باكساء شارعنا الفرعي؟ واقول لهم كلا، فقد اصبح شارعنا أسوأ مما كان عليه لان التخسفات والحفر اصبحت تزداد يوما بعد آخر واقول مازحا:

سوف نستخدم في فصل الشتاء الذي يطل على الابواب القوارب بدلا من السيارات، ثم يسألونني عن الكهرباء.. اذ كانوا قد سمعوا تصريحات للسادة المسؤولين عن قطاع الطاقة بأن الكهرباء ستتحسن ويصبح التجهيز 24/24 الا انني اتسارع لتفنيد الخبر واقول لهم بانها كذبة من اكاذيب الساسة والمسؤولين وبعدها يسألونني عن اوضاع المسيحيين بشكل خاص فاجيبهم بأنهم يهاجرون الواحد تلو الآخر وبدأت الكنائس تفقد مؤمنيها وسوف يصبح البلد لوناً واحداً، بعد ان كان يتميز باطيافه وقومياته المتعددة، بعدها اقول لماذا تسألونني عن هجرة المسيحيين؟

فالمسلمين يهاجرون اكثر منهم باضعاف، وفي الختام اصل مع اهلي واصدقائي الى الفقرة الاخيرة من المكالمة والحوار والتي تحمل عنوان (المشاجرة) اذ يبدأ الكر والفر بيني وبينهم، الطرف الاول منها يمثله اسرتي واصدقائي والاقارب وقضيته:

لماذا انت باق في العراق؟ ما الذي سوف تجنيه من هذا البلد غير الخراب وعدم الاستقرار؟ الا تفكر بزوجتك؟ الا تفكر بمستقبل ابنك؟ تعال الى هنا وادفع ما تدفعه في العراق بدلا من الايجار والكهرباء و(راسك بارد، لا طاق ولا طيق) أمان متوفر وخدمات حاضرة وحقوق للانسان واحترام ونظافة..

ثم يرد الطرف الثاني الذي امثله انا بالرفض لكل هذه المغريات التي من شأنها ان توفر لي ولأسرتي عيشا رغيدا بعيدا عن الانفجارات والمضايقات ومعاناة التشدد والتعصب الذي اصبح مودة العصر التي دخلت عالمنا الحديث تحت مسميات واغطية عدة، واصر على البقاء في العراق وعاصمته والتمسك بمجتمعه، ولا اعلم هل ان القرار صحيح ام خاطئ؟ أسأل الله ان يوفقني ويوفق العراقيين على اتخاذ القرارات الصعبة وان يخرجهم من مأزقهم هذا.

وائل متي

مشاركة