زيارة تاريخية… لكنّها متأخرة

زيارة تاريخية… لكنّها متأخرة
فاتح عبدالسلام
زيارة بابا الفاتيكان إلى لبنان تاريخية وتسد فراغاً يكاد يكون قاتلاً، لكن كأنّها جاءت متأخرة في توقيتها كثيراً، بعد أن أصاب الطوائف المسيحية الكثير من الظلم في العراق قلب الشرق المدمى، وليس المقصود هنا شخص البابا الموقر وإنما مؤسسة دولة الفاتيكان في مسارها التاريخي المعاصر. كما انّ وصول البابا وهو يحمل رسالة السلام كان متأخراً عقداً من الزمن في أقل تقدير إلى منطقة اشتعلت فيها حروب شتى. لو كان هناك في المنطقة حشد معنوي كما تمثله زيارة البابا اليوم لكان شارب دماء الحروب جورج دبليو بوش قد فكر أكثر من مرة قبل أن يفتح باب الجحيم على الشرق الأوسط، وما يحصل في سوريا في جانب من جوانبه امتداد للهيب حرق العراق ويمر على بلاد الشام مختلطاً بثورتها الشعبية من أجل التحرر والتغيير.
الفاتيكان سلطة معنوية كبيرة لها احترامها الدولي الواسع لاسيما منذ عقدين بعد ذلك التصالح المعنوي مع اليهود لكنها من المؤسف أنها سلطة لم توظف اإمكاناتها في التوقيت المناسب لإيقاف كوارث إنسانية كثيرة كان منها الحصار غير الانساني الذي مات بسببه مئات آلاف العراقيين طوال عقد التسعينات من القرن الماضي. كما إنَّ سوريا شهدت كارثة دموية هائلة منذ 17 شهراً نزح فيها مئات الآلاف وهجروا وتجاوز القتلى ثلاثين ألفاً معظمهم من المدنيين، وتأتي تصريحات البابا في بيروت لتساوي في محصلتها بين الضحية والجلاد من خلال الدعوة إلى عدم توريد السلاح إلى سوريا وكَأنَّ المقصود هو طرف المعارضة من دون طرف الحكومة الذي يستخدم السلاح الثقيل بإفراط.
علينا الترحيب ببابا الفاتيكان وهو في شرقنا النازف لأنه صوت سلام تحتاجه الانسانية لكن الحكومات لا تعير اهتماماً إلاّ لصوت المدافع التي تكفل حمايتها على حساب شعوبها.
/9/2012 Issue 4304 – Date 15 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4304 التاريخ 15»9»2012
AZP20

مشاركة