زنوبيا..

زنوبيا..

محفوظ داود سلمان

في تدمرٍ : قد جئتُ أسأل عنكِ ،

هل قصوا ضفائرك الجميلة ، تدمرٌ

رحلتْ على أطلال عزتها ، وليس

هناك من روما سوى الأحجار

والنؤي القديم…

هل هذه الاغلال تقضم في يديكِ

أساور الذهب المرصّع والحجال ، أتسمعين

جلاجل آلأسرى تئن كأنّ أجراساً تدق

كأن موسيقى ترنّ من السديم …

زنوبيا…

زنوبيا…

اين المرابع والمواسم والمماليك العبيد تجيء

صوت الجاز يقطر من أناملهم ، وتنهض من

مساربها القطا ، او من مجاثمها

الظباء تقوم في الليل البهيم …

كل الدروب إليك يا روما تؤدي ،

مهرجان النصر آتٍ ، سوف يقطع رأسكِ

السامي .. كأن مقاصلاً نُصبتْ ،

وصلباناً تضيء لكِ الطريق …

ام كنتِ قد أعلنتِ إضراباً ـ يقال ـ عن الطعام

فكان موتكِ في صيامكِ شاهداً ، عصر

البطولة لم يزل وعلى جبينكِ وسْمُهُ

الدامي العتيق …

لم يبق يا روما سوى الاغلال أخسرها ،

سوى هذي الرواسم والصوى ، إنْ كنتَ

تسأل يا رفيق …

ودم الغروب يسحُّ والشفق البعيد

كأن ناياتٍ من القصب الجميل تنوح في

الابعاد ، والإسوار تشتجر الرماح

او السيوف كأن أصداءً تجيء من المدى

أو رجع فرسانٍ من الفجر العميق …

ويشاع في قاع المدينة : أنّ تدمر

ماتزال…

لكنها آهترأتْ على الطرق القديمة

وهي تعبث في الرمال …

زنوبيا …

زنوبيا…

كيف آرتحلت ، تركتِ بادية الشآم

بعريها الوحشيّ تنزف في المحارقِ ،

ينبت القيصوم فيها والخزامى ، ثمَّ بعض

الشيح فيها والعرار …

أم أنت عارية كصحراء الجزيرة ، تستر الكثبان

عريَك، والرمال تضيء جسمكِ ، تملأ

الاعراب من نهديك إيقاع الجرار …

هل قسّموكِ على الصحاف ، توزعوا

أشلاء جسمكِ والدم القاني يفيض

من الكؤوس كما الشراب

في تدمرٍ : قد جئت أبحث عنكِ

هل بردى سترحل في سلاسل مائها ،

والأرض تنأى والهضاب …

ما أبعد الصحراء ، ليس تجيء روما ،

 لست اسمع من صدى زنوبيا رجعاً ،

وليس سوى النياق تلم

تصهال اليباب …

مشاركة