زمان جديد قصر المطران
عبد الله البدراني
إلى حسن النواب
آلاف الخواطر والعتبات والثيمات التاريخية والحضارية والانسانية.
كم كان بودي ان اتريث ولو قليلاً عن الولوج في حيثيات هذا القصر او أتأخر أو اعزف عن الاتيان بقربه او اسحب خطاي بعيداً عنه ولكنه آلي علي ان لا اريد الا كما يريد لأني استقبله عند دقائق الصباح واودعه في سويعات الظهيرة بحكم عملي الوظيفي الذي يقترب منه بضعة امتار.
أما انتم سادتي الحضور اقصد القراء لاتستعجلوا في التفكير عن ماهية القصر والمطران بل انتظروا لحظات اسوة بي فأنا انتظر ولم ازل انتظر، سألت عنهما كثيراً واستفسرت كثيراً وجمعت معلومات كثر وربما سيطول بي عمر السؤال ولأني ابن ارضه واهله فحاجتي للجواب قضيت ببطء.
قصر المطران صرح موصلي آخر يتوسد ذراع دجلة الايمن وذراع الدواسة الايسر الدواسة قلب الموصل وجزء من تاريخها، ولو تمعنتم بالذي يتوسد الذراعين من صاحب الحظ والبخت من العشاق الذي يتوسد الذراعين انه لذو حظ وفير.
في وسط الموصل هناك قصر عمره قرن او اقل يسكنه في حينه مطران جاء ليعيش مع اهل الموصل ملته او اهل ذمتنا عندما كان الاخوة المسيحيون الموصليون يشاركون اهلهم من المسلمين والازيديين والناس الآخرين. كان قصراً لايختلف عن قصر هارون الرشيد كلاهما بني للحب والعدل لم يكن قصراً للسياسيين او النبلاء انه قصر للحب والتعايش. وعندما ألقت المدنية بثقلها وباشرت الحكومات السابقة لكي تفتح طريقا او شارعاً حضارياً بجوار القصر لم تتسن لها ساعة التنفيذ الا بعد ان وفد وفد من علماء الأثار ومواطنيها ليفاوضوا المطران خوفاً من تغيير البنية الفلكلورية والهندسية لهذا القصر فوافق الجميع مطرانا وحكومة أنذاك وافتتح الشارع والارصفة الجميلة أنذاك.
فوافق المطران ووافقنا وكان ما كان، أما الآّن فإن ملامح القصر فقدت رونقها مثلما فقدت الوجوه العريقة العراقية الموصلية رونقها فحكم عليه القدر ان يكون في منطقة صناعية مهجورة يعز على الغربان ان تقطنها. اما اهل القصر من المطران واهله فقد اندثروا شيئاً فشيئاً وروحاً فروحاً وجسماً فجسماً وانتم ليسوا ببعيدين عن الاسباب والمسببات.
آخر وقفة هلامية امام القصر رأيت عوائل اتعبها الفقر والقفر تسكنه ربما صدقة على روح من غادروه ولكن البناء مازال شامخاً وعصياً فكونوا معنا شامخين وعصيين قبل ان يتساقط.
AZP20