زمان جديد تأبط نعلا
عبدالرزاق الربيعي
خلع الأحذية والنعال قبل دخول المساجد علامة احترام وتقدير لتلك الأماكن، قال تعالى في سورة طه مخاطبا سيدنا موسى عليه السلام اني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى و طوى كما يرى المفسرون البقعة التي وجد فيها موسى ع الشجرة احتراما لقدسيتها .
والحال لا ينطبق على المساجد فقط، بل الكثير من الأماكن التي نحترمها، حتى البيوت التي نذهب لزيارتها، فإننا نخلع أحذيتنا احتراما لأصحابها، وعلمت أن اليابانيين يخلعون أحذيتهم في كل مكان يدخلونه ويضعونه في مكان خاص ويرتدون أحذية خفيفة حفاظا على نظافة المكان.
ولكن خلع الأحذية اقتصر عند الشعوب العربية على المساجد والمراقد وصار من المألوف لنا عندما نذهب لمسجد من المساجد نرى أكوام النعال والأحذية تحتل مساحة من أرضية بوابته الملقاة بشكل عشوائي بشكل منظرا لا يسر الناظرين.
وكلما ازداد عدد الداخلين للمسجد كبر ذلك المشهد في خارجه، وكم من مشاكل حصلت بسبب تشابه بعضها، أو فقدانه، بعد هجمة من ضعاف النفوس، مما حدا بصديق أن يضع في سيارته نعلا احتياطيا وحين سألته عن ذلك أجاب لكي لا أحرج حين أفقد نعلا حين أدخل لأحد المساجد فقد تكررت مثل هذه الأمور ووصل الحال بآخرين ارتداء أحذية بسيطة عند توجههم الى المساجد لكي لا تجذب أنظار البعض من لصوص المساجد.
وفي طريقي لأداء فريضة الحج قبل سنوات لاحظت أن العديد ممن يدخلون المسجد النبوي الشريف بالمدينة يتأبطون نعالهم،وهذا المشهد أزعج صديقي الذي يحمل درجة الدكتوراه بالاقتصاد ويعمل خبيرا اقتصاديا بالسلطنة وقال أفضّل أن أفقد نعلا ثمنه خمسة ريالات سعودية عن أن أتأبطه في هذا المكان المقدس، وحين خرجنا لم يجد نعله، والنَّعْلُ في اللغة الحِذاء وهي مُؤنثة وتصغيرها نُعَيْلةٌ تقول نَعَلَ و انْتَعَل أي احتذى فتلقى الصدمة بنفس راضية مرضية، بل وبزهو وسار حافيا لأكثر من 100 متر حتى وصلنا الى أقرب محل لبيع النعال فسلم الخمس ريالات الى صاحب المحل وارتدى نعله الجديد الذي فقده في الزيارة الثانية للمسجد وتكرر المشهد وسار الدكتور حافيا دون أن يظهر على وجهه الامتعاض لكنه امتعض في المرة الثالثة وفي زيارتنا الرابعة تأبط نعاله
مفارقات كهذه كثيرة محرجة واجهتنا، بسبب ذلك، لكنني أرى أن منظر تكدس الأحذية والنعال ببوابات المساجد ليس بالمنظر المقبول وحتى لو صفت بخزينة خشبية ذات رفوف مستطيلة كما نرى في بعض المساجد فان بعضها يخرج على السياق ربما لأن صاحبه وصل المسجد مستعجلا فلم يجد وقتا كافيا لوضعه في مكان مرتب أو لم يجد أصلا مكانا له في المكان المخصص، لذا سررت كثيرا حين دخلت أحد المساجد التركية ولم أجد هذا المشهد المألوف فتعجبت بخاصة حين مددت عنقي فوجدت المسجد مليئا بالمصلين وقلت أين ذهبت الأحذية؟ وبقيت أنتظر حتى وصول أول الداخلين فشاهدته يخلع حذاءه ويسحب كيسا بلاستيكيا وضع في ماكنة بالبوابة ويضع الحذاء بالكيس ويدخل بصحبة الحذاء حتى اذا ما أنهى صلاته يخرج الحذاء من الكيس ويرمي الكيس في مكان مخصص، ففعلت مثلما فعل وسرت متأبطا كيسا
وهكذا اختفت الأحذية وبدا منظر باب المسجد من الخارج جميلا، يشعر الناظر اليه انه مكان له قدسية.
/6/2012 Issue 4226 – Date 14 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4226 التاريخ 14»6»2012
AZP20
RZRB