الدهدوة : الفنان يبحث عن حلول وسطية تتيح الإستمرارية
ريشة رسام كاريكاتيري مغربي أقوى من رصاصة – نصوص – عبدالله المتقي
الفنان المغربي عبد الغني الدهدوة رسام كاريكاتير عشق فن الرسم منذ سن مبكرة وتحديدا فن الرسم الكاريكاتيري والتي رافقت رسوماته بعض مقالات اصدقائه التي يكتبونها وينشرونها في وغالبيتها احتجاجية منها صار وتضاعف ولعه بالرسم الكاريكاتيري .
والفنان الدهدوة من مواليد طنجة شمال المغرب ، رسام كاريكاتير الرأي ، عمل كرسام للكاريكاتير بالعديد من الصحف المغربية ، و منسق عام المهرجان الوطني بشفشاون للكاريكاتير، كما حاز على درع الشرف لجائزة الكاريكاتيرالعربي 2012 بقطر، حول تجربته الساخرة ، وتيمات رسوماته ،كان لنا معه هذا الحوار .
.
{ الصحف هناك الشيء الكثير الذي يمكن ان يقال عن حياتك، لكن حدثنا عن تلك الحوادث التي قادتك لفن الكاريكاتير؟
– ولعي بالرسم بدأ في سن مبكر جدا، ورافقني طوال فترة الطفولة، بحيث كنت دائما أدعى بالرسام بين زملائي في المدرسة، وفي مرحلة المراهقة حدث أن شرع أصدقائي الطلبة في تدبيج بعض المقالات الاحتجاجية عن أوضاعهم في مؤسسة تربوية، فاقترحوا علي مصاحبة مقالاتهم ببعض الرسوم التوضيحية، وهكذا نشر أول رسم لي بجريدة الخضراء الجديدة سنة 1994 وهي جريدة محلية كانت متألقة حينذاك، وقد علقت على الرسم واصفة إياه بالرسم الكاريكاتيري الساخر .. هكذا كانت البداية، حيث سيشجعني مدير هذه الجريدة الصحافي المقتدر احمد افزارن على الاستمرار بالنشر في صحيفته ..
{ لكل مبدع اسلاف يعبدون له الطريق،فمن هم أسلافك ؟
– عندما بدأت أرسم أولى محاولاتي الكاريكاتيرية لم تكن توجد هذه الطفرة في المعلومات والصور والمعارض الالكترونية المتاحة اليوم، كنت أتابع أعمال الفنان المغربي العربي الصبان، وحمودة، وأعمال الفنان اللبناني محمود كحيل، وجورج كريان، على الشرق الأوسط، وأحيانا كنت اشاهد رسوم علي فرزات على صفحات الوطن الكويتية، التي كنت أقتنيها بـ 5 دراهم لكي أشاهد رسم فرزات فقط، لأن مضمونها كان بعيدا عن اهتمامات القارئ المغربي ..وكنت شغوفا، أيضا، بمشاهدة أعمال الراحل ناجي العلي التي كانت موجودة لاهتمام الإعلام المكتوب بهذا الفنان الكبير منذ حادث مقتله الاجرامي الغامض سنة 1987بلندن.. وكانت تصل بعض الأعمال من الكاريكاتير المصري عبر الصحف المصرية التي توزع بالمغرب.. عموما هذه هي الصورة العامة عما كنت استهلكه من مواد الكاريكاتير الصحافي، والتي كونت وعيي بهذا الفن، ورسالته..
{ هل من طقوس لعبدالغني وهو يبني رسوماته ؟
– ارسم، غالبا، في الصباح الباكر، وقد يستغرق مني الرسم ساعات من التفكير والتأمل في الموضوع الذي أريد تناوله، أحيانا يأخذ مني اختيار الموضوع وسط كومة الأخبار اليومية الكثير من الوقت. العمل اليومي شيء صعب لأن الفنان يخرج نسبيا عن طور المتعة ويتحول إلى آلة إنتاج الرسوم والأفكار، غير أن الرسم الذي يخلو من المتعة أثناء التنفيذ لن يجدها فيه القــارئ أثناء التلقي..
{ ما الذي يفتح شهيتك للدخول الى عوالم الكاريكاتير؟
-الحاجة إلى التعبير هي الدافع الأساس لرسم الكاريكاتير، ذلك أن هذا الفن يتيح لمزاوليه فرصة نادرة للتعبير عن قضايا وأشجان يصعب التعبير عنها، أحيانا، بالكلمة المكتوبة. الكاريكاتير قناة مهمة لتمرير رسائل، حتى تلك التي يتم التحفظ عنها، بشكل من الأشكال، مثل قضايا الطابوهات، وقضايا السياسة الشائكة وغيرها..
{ ماحكاية هذا العنف المادي والرمزي الذي يتخلل بعضا من رسوماتك؟
لاادري ما المقصود بالعنف المادي.. فإذا كان المقصود به الحدة في التعبير، فهي، أحيانا، تكون مطلوبة ومستصاغة تماما في سياق محدد للتعبير عن أمر يستحق تلك الحدة، وعموما فإنني من الذين يعتبرون الريشة الكاريكاتيرية إبرة تصلح للوخز.. وليس بندقية تصيب فتقتل..
{ كلمة في حق هؤلاء: العربي الصبان، حمودة، علي فرزات، ناجي العلي، سعيد أمين..
-كنت ولاأزال، أعتبر الفنان العربي الصبان أحد كبار فناني الكاريكاتير العربي، وقد اعترف به عربيا وانتخب ضمن الفنانين الذين شكلوا اللبنة الاولى لرابطة الرسامين العرب. وهو الإطار الذي نام نومة أهل الكهف، لقد أثرى العربي الصبان الكاريكاتير المغربي ومنحه مكانة هامة داخل الخريطة العربية، إلى جانب الفنان محمد عليوات (حمودة) وأسماء أخرى.. العربي الصبان كان صاحب أفكار مبدعة ومختزلة، وحمودة كان صاحب أسلوب أنيق وجميل وسعيد أمين فنان شاب واعد، رحل عنا في ريعان مشواره الفني.. أما الفنان الفلسطيني ناجي العلي فهو حالة خاصة، مثلما وصفه زميله علي فرزات فقد سبق لهذا الأخير أن قال: إنه يرى أن ناجيا لايشبه فناني الكاريكاتير.. إنه حالة خاصة، وينبغي أن تقرأ كذلك..
ويعد علي فرزات أحد أعمدة فن الكاريكاتير العربي، صاحب المسيرة المتألقة والزاخرة وله أسلوب صامت ويعتمد على الإيحاء واستعمال الرمز وهو توجه راق في الكاريكاتير العالمي مستلهم من المدرسة الشرقية، الروسية بالخصوص.
{ هل انت راض على مشهد الكاريكاتيري العربي ؟
يوجد في عالمنا العربي كم هائل من الرسامين المزاولين لهذا الفن، وعدد كبير منهم يجد الفرصة لنشر أعماله في الصحف، والباقي منهم ينشر محاولاته على جدران الفيسبوك.. لكن قلة قليلة جدا من هؤلاء الفنانين من تمكن بحق، من نحث إسمه عن جدارة ضمن لائحة مبدعي الرسم الساخر.. مشكلة الجيل الجديد من الفنانين اليوم، تكمن في اتساع رقعة المنافسة، إذ أصبحت حلبة المنافسة عالمية، لايوجد رسام محلي اليوم، ولن يعترف به ما لم يضع اسمه مع الأسماء العالمية في زمن التقنية والمعلومات المتدفقة مثل النهر.. وفي المجمل فإن الكاريكاتير المغربي له مكانته، ويعرف تطورا ملحوظا، خصوصا في مجال رسم الوجوه بطريقة الكاريكاتير..
{ يقال ان معظم رسومات الكاريكاتير العربي خجولة وغير صادمة ومشوشة للطمأنينة، مارأيك؟
– فنان الكاريكاتير العربي لايقول كل ما يريد قوله، فهو يبحث كل يوم، عن حلول توفيقية وسطية تسمح له بالاستمرارية، أتذكر بالمناسبة تعبير جميل قاله أحد الفنانين العالميين: الكاريكاتير الجيد هو الذي ينشره لك رئيس التحرير .. الرقابة في بلداننا ليست سلطوية فقط، منها ما تتكفل به الأعراف والتقاليد المحافظة في المجتمع، وعندما أشاهد بعض المجلات الساخرة الصادرة في أوربا مثلا لا أصدق حجم حرية التعبير المتاحة أمام الفنان الغربي..
إنه امر لايراود الفنان العربي حـــــــــــــتى في أكثر أحلامه وردية.
{ ما حكاية هذه السخرية من المشهد الثقافي ؟
لا يستثنى من سخرية الكاريكاتير موضوع معين سوى إذا كان مسورا بهالة معينة من التقديس أو المنع، ماعدا ذلك فإن سخرية الكاريكاتير تلاحق جميع الظواهر التي يراها الرسام تستحق عنايته.. أرى أن المجال الثقافي في بلادنا يستحق هذه العناية ربما أكثر من غيره، لاعتبارات عدة، منها ماهو مرتبط بالوضع الاعتباري للثقافة والمثقفين، حيث تقبع الثقافة والمثقف في آخر سلم الأولويات، سواء لدى الجهات الرسمية أو لدى المجتمع بشكل عام.. ثم إن بعض المثقفين أنفسهم انحرفوا عن رسالتهم الإنسانية المنوطة بهم وأصبحوا مجرد انتهازيين، لا يختلفون في شيء عن نظرائهم من السياسيين الذين تنتقدهم ريشة الكاريكاتير صباح مساء..
{ كيف استقبلت الهجوم الإرهابي على صحيفة ” شارلي ايبدو” الساخرة ؟
إحساس كبير بالصدمة، لا يمكن تبرير فعل القتل مهما كان شكله ودوافعه، بالنسبة للمجلة الساخرة “شارلي إيبدو “والتي سخرت من بعض الرموز الدينية الإسلامية في بعض أعدادها يمكن أن نختلف مع ما قامت به حتى ضمن إطار المهنية الصحفية واحترام أخلاقيات المهنة، لكن الاختلاف لا يمكن التعبير عنه باستعمال الرصاص.. صحيح أن الإرهاب قضية متداخلة ومعقدة يختلط فيها الديني، والسياسي، والمصلحي، ولعبة الأمم، إلا أن العنف بجميع أشكاله مرفوض..
{ هل حدث وسخرت منك في رسم ما؟
نادرة هي المناسبات التي هجوت فيها نفسي كاريكاتيريا ، غير أن هذا الأمر يتكــــفل به أصدقائي من الفــنانين بحيث نخصص بعض الأوقات لرسم بعضنا البعض في حرب فيسبوكية اكتــسبت لها جمهورا واسعا من المتـــــتبـعين العاشقين لرسوم الكـاريكاتور الساخر..


















