الدوحة – الزمان : شارك الأكاديمي العراقي، الاستاذ الدكتور رياض الدباغ رئيس أكاديمية مانشستر الدولية، ورئيس الجامعة المستنصرية في العراق، سابقا، في الكونجرس العالمي الثالث للهندسة والتكنولوجيا الذي انعقد في مدينة الدوحة عاصمة قطر للفترة من 3-7 ديسمبر 2023.
وكان عنوان بحثه « التنمية المستدامة وتطور الابنية الخضراء»
وتطرق في بحثه الى ان المبني الأخضر هو المبنى الذي يراعي الاعتبارات البيئية في كل مرحلة من مراحل البناء، وهي التصميم، التنفيذ، التشغيل والصيانة، والاعتبارات الرئيسية التي تراعى هي تصميم الفراغات وكفاءة الطاقة والمياه، وكفاءة استخدام الموارد، وجودة البيئة الداخلية للمبنى، وأثر المبنى ككل على البيئة.الفرق الرئيسي بين المباني الخضراء والمباني التقليدية هو مفهوم التكامل، حيث يقوم فريق متعدد التخصصات من المتخصصين في البناء بالعمل معا منذ مرحلة ما قبل التصميم الي مرحلة ما بعد السكن لتحسين خواص الاستدامة البيئية للمبنى وتحسين الأداء والتوفير في التكاليف.
المباني الخضراء توفر العديد من المزايا للعديد من الجهات المعنية بصناعة البناء، بما في ذلك سكان المباني والمجتمع ككل.المباني الخضراء تشمل في العادة جودة هواء أفضل، اضاءة طبيعيه وفيرة، توافر اطلالات، ومكافحة الضوضاء والتي تفيد شاغلي المبنى، مما يجعل هذه المباني مكان أفضل للعمل أو المعيشه.
يمكن من خلال تطبيقها الوصول إلى المبنى الصديق للبيئة والذي يتلافى عيوب المبنى المريض , هذه المبادئ و المعايير تتمحور حول النقاط الآتــية
1- استخدام الطاقات الطبيعية :
يظهر تأثير العوامل المناخية – سواء في المناطق الباردة أو الحارة – على الإنسان و البيئة المبنية من خلال استخدام الطاقة من أجل التبريد أو التدفئة حسب المنطقة المناخية لتوفير ما يطلق عليه ( الراحة الحرارية داخل المبنى ) و يعرف البعض الراحة الحرارية Thermal Comfort بأنها الإحساس الفسيولوجي (الجسدي) و العقلي الكامل بالراحة , و في هذا الصدد كان لابد من توضيح استراتيجيات التصميم المناخي الواعي بالطاقة و الذي يسعى إلى تحقيق هدفـين أساسـين و هما :
أولا : في فصل الشتاء يجب أن يراعى في تصميم المبنى الاستفادة القصوى من الاكتساب الحراري عن طريق الإشعاع الشمسي مع تقليل فقد الحرارة من داخل المبنى ,
ثانيا : في فصل الصيف حيث يحتاج المبنى للتبريد فيراعى العمل على تجنب الإشعاع الشمسي و تقليل الاكتساب الحراري و العمل على فقد الحرارة من داخل المبنى و تبريد فراغاته الداخلية بالوسائل المعمارية المختلفة , ولكي يتم تدفئة أو تبريد المبنى فإن هذا يستلزم وسائل و نظم سواء كانت تعتمد على الطاقة الكهربية(كمكيفات الهواء) أو الطبيعية (باستخدام الطاقات الطبيعية كالشمس و الرياح و الأمطار) , وبنظرة متأملة للمباني الحديثة نجد أن أغلبها يعتمد تماماً في عمليات التدفئة أو التبريد على مكيفات الهواء بالرغم من السلبيات المتعلقة بها و التي يمكن إيجازها فيما يلي :
1 – تعرض الجسم إلى اختلافات كبيرة في درجات الحرارة ما بين المبنى المكيف و الشارع أو الفراغات الخارجية الحارة مما يؤدي إلى تقليل مناعة الجسم للميكروبــــــات .
2- تساعد المكيفات على دخول البكتيريا و الأتربة إلى المباني , كما أن إغلاق الغرف المكيفة إغلاقاً محكماً يؤدي إلى زيادة نسبة الملوثات المختلفة في هذه الأماكن المغلقة مقارنة بالأماكن جيدة التهوية .
3- إن عملية صيانة المكيفات مكلفة , كما ينتج عن عدم تنظيفها و تبديل الفلترات نمو البكتيريا و الفطريات الضارة بصحة الإنسان .
4- يحتاج التكييف الميكانيكي على مستوى المدن لمجهودات و تكاليف كبيرة من ناحية توفير الطاقة الكهربائية لتشغيل هذه المكيفات .
و بالرغم من كل الأضرار و السلبيات الناتجة عن استخدام المكيفات فإن الاتجاه إلى استخدامها يزداد باطراد في حين أن الموارد و الطاقات الطبيعية و التي تتمثل في الطاقة الشمسية و طاقة الرياح متوفرة و يمكن استخدامها بأساليب تصميمية معينة وهو ما كان يحدث في المباني التقليدية القديمة , فهذه المباني كانت تستعمل مواد بناء ذات سعة حرارية كبيرة كالحجر أو الطين مثلاً بمعنى أن هذه النوعية من مواد البناء تعمل على تأخير انتقال الحرارة من خلالها إلى داخل المبنى و حتى ساعة متأخرة من النهار و بذلك يظل الجو الداخلي للمبنى مريحاً أغلب ساعات النهار الحارة , كما كانت الفتحات الخارجية ضيقة( بعكس ما نراه من مسطحات زجاجية كبيرة في المباني الحديثة ) و ذلك لتلافي دخول كمية كبيرة من الإشعاع الشمسي المباشر , مع وضع بعض الفتحات العلوية و التي تسمح بدخول الضوء الطبيعي دون أن يتعرض الجالس أسفلها إلى الإشعاع المباشر , أما في حالة الفتحات الكبيرة فكانت تستعمل المشربيات الخشبية ذات الخرط الخشبي و الذي يعمل على كسر حدة أشعة الشمس مع السماح بدخول الهواء و نسبة معقولة من الضوء , كما تم استعمال ملاقف الهواء في بعض المباني و المنازل لتهوية بعض الحجرات أو القاعات , أما الأفنية الداخلية المكشوفة و التي كانت القاسم المشترك بين هذه المباني , فقد وفرت أماكن مظللة بالصيف و قدر معقول من دخول الشمس أثناء الشتاء إلى جانب ما يوفره الفناء من خصوصية تامة لأهل المنزل و مكان آمن للعب الأطفال .
ومن الطاقات الجديدة و المتجددة و التي يمكن استخدامها لتوفير طاقة نظيفة قابلة للاستخدام خاصة بالمباني السكنية و خصوصاً بالمناطق الريفية و غير الحضرية هي طاقة الكتلة الحيةBiomass , و التي يتم إنتاجها من المواد العضوية المتجددة ذات المنشأ النباتي و الحيواني , فالمخلفات الزراعية الناتجة من حصاد المحاصيل المختلفة تعتبر مصدراً هاماً من مصادر الطاقة الكامنة يشاركها في ذلك مخلفات النباتات المائية الناتجة عن تنظيف المجاري المائية , ولا تقل المخلفات الحيوانية أهمية عن سابقتها في هذا المجال , كما تكون المخلفات الآدمية بما تحتويه من مواد عضوية مصدراً هائلاً للطاقة
و تعتبر تقنية إنتاج الغاز الحيوي Biogas أحد أهم الوسائل لتوفير الطاقة النظيفة والمتجددة كما أنها في نفس الوقت أحد أهم الوسائل الهامة للاستفادة من المخلفات و الفضلات الآدمية و الحيوانية و النباتية إلى جانب القمامة أيضا مما يعتبر أحد الوسائل التي تساعد و تساهم في نظافة البيئة .
2 – مواد البناء الصديقة للبيئة :
يلاحظ أن المباني في الحضارات القديمة كانت تستعمل مواد بناء شديدة الاحتمال متوافرة في البيئة كالحجر و الطين و الخشب و القش , ويعتبر الطين و الطوب المحروق من أشهر و أقدم مواد البناء المستعملة , و لكي تكون مواد البناء صديقة للبيئة يجب أن يتوفر فيها شرطين أساسين :
1 – ألا تكون من المواد عالية الاستهلاك للطاقة سواء في مرحلة التصنيع أو التركيب أو حتى الصيانة .
2- ألا تساهم في زيادة التلوث الداخلي بالمبنى أي أن تشكون من مجموعة مواد البناء (و التشطيبات) التي يطلق عليها مواد البناء الصحيحة و هي غالباً ما تكون مواد البناء الطبيعية .
كما يجب الاهتمام باستبعاد المواد و التشطيبات التي ثبت تأثيرها الضار على الصحة أو على البيئة , ومحاولة البحث عن بدائل لها , ومن هذه المواد و التشطيبات الضارة مادة P.V.C و الفورمالدهيد و الذي يستخدم كمادة لاصقة , و مادة الفينيل المستخدمة في الأرضيات و (الملدنات) التي يصنع منها الأثاث و الستائر و الأبواب و الشيش و الأرضيات حيث تنبعث منها غازات تضر بالصحة , لذلك يوصي العديد من الخبراء بأهمية استخدام المواد الطبيعية و الدهانات التي تعتمد في تكوينها على الزيوت الطبيعية كزيت بذرة الكتان أو القطن مع استبعاد الدهانات الكيماوية الحديثة و التي ينبعث منها مركبات عضوية متطايرة تضر بالصحة .
3 – أساليب الحفاظ على الماء داخل المباني :
ربما يعتقد البعض أن الماء يستعمل فقط في المباني من أجل عمليات الشرب و الاستحمام أو طهي الطعام , ولكن الماء يستخدم أيضا في ري الحدائق المنزلية و عمليات تجميل المبنى و ترطيبه عن طريق النوافير و أحواض المياه أو الشلالات أو حتى في حمامات السباحة , فالماء له استخدامات جمالية و بيئية حيث يساعد على ضبط الرطوبة النسبية بالموقع كما يؤدي إلى تنقية و تبريد الهواء المار عليــــــــــــــــه ,
هذا و لعملية إعادة استخدام المياه المستعملة و التي تسمى بالمياه الرمادية Grey Water وهي الناتجة عن استعمال الحمامات و الأدشاش و المطابخ لها أثر كبير في خفض استهلاك الماء بالمباني , حيث يتم تجميعها في خزان أرضي و يتم معالجتها و ترشيحها باستخدام الرمل و الزلط و المرشحات البيولوجية ثم يعاد استعمالها لري الحدائق أو تستعمل مرة أخرى في صناديق الطرد .
كما تعتبر عملية تجميع مياه الأمطار أيضاً من العمليات الهامة في خفض استهلاك الماء , حيث تسقط هذه المياه في بعض المناطق الجافة على هيئة رخات كثيفة و لمدة زمنية قصيرة , حيث يتم تجميعها و تخزينها بأساليب مختلفة , ومن أشهر هذه الأساليب الآبار و الخزانات الأرضية , حيث يمكن استخدام هذا الماء في الحمامات و ري الحدائق و غسيل السيارات , كما يمكن استخدامها أيضاً بعد التأكد من خلوها من الملوثات في حمامات السباحة و نوافير المياه .
4 – جودة الهواء داخل المباني :
التنفس هو الحياة , و إذا كانت عملية التنفس في حد ذاتها هي العملية الأساسية لاستمرار حياة الكائنات الحية فإن نوعية الهواء الذي تتنفسه هذه الكائنات لا يقل أهمية عن العملية نفسها , فاستنشاق الهواء الذي يحتوي على العديد من الملوثات يكون له أضرار صحية كبيرة حتى على الأصحاء من الناس , وقد استفحلت مشكلة تلوث الهواء داخل المباني مع زيادة استعمال مواد البناء و التشطيبات المخلقة Synthetic و كيماويات البناء المختلفة , و كل هذه المواد غير الطبيعية تساهم في تركيز الملوثات في الهواء و خلق بيئة داخلية غير صحية , إلى جانب أن المباني الحديثة تكون محكمة الغلق حتى لا تسمح بأي تسرب للهواء من أجل التحكم في عمليات التدفئة أو التبريد و زيادة كفاءتها , و بذلك تصبح هذه المباني سيئة التهوية و يقل معدل تغيير الهواء بها لدرجة تصل إلى مرة واحدة كل خمسة أو ستة ساعات مما يساعد على زيادة تركيز الملوثات داخل هذه النوعية من المباني , إن التهوية الجيدة للمبنى تعتبر أحد أهم العوامل للتغلب على تركيز الملوثات بها , وهنا تظهر أهمية توجيه فتحات المبنى إلى اتجاه الرياح السائدة بكل منطقة مع الحرص على تواجد أكثر من فتحة بكل غرفة لخلق تيار هوائي مناسب بها , وفي حالة الغرف غير المواجهة للرياح السائدة فيمكن الاستعانة بملاقف الهواء كما يجدر الإشارة هنا إلى أن استخدام بعض المواد المسامية Porous Material مع شرط استخدامها دون تغطيتها أو طلائها بدهانات تسد مسامها سيكون له الأثر الأكبر في ضبط نسبة الرطوبة داخل المبنى حيث أن هذه المواد تحتفظ بالرطوبة في مسامها ليلاً حيث الرطوبة تكون أعلى (خاصة بالمناطق الجافة) و تنطلق هذه الرطوبة من مسام هذه المواد في أوقات النهار الحارة بفصل الصيف مما يوازن من نسب الرطوبة بهذا المناخ الجاف , ومن أمثلة هذه المواد الطوب و الأحجار الطبيعية أو الأخشــاب غير المدهـونة بدهانات تسد مســــــامها .
5 – الإضاءة و المبنى :
الشمس هي المصدر الأساسي للضوء الطبيعي على الكرة الأرضية , و الضوء ينتشر على هيئة موجات كهرومغناطيسية , و للتعرف على أهمية كمية الإضاءة لحياة الإنسان فإن الدكتور شيرد Sheard يؤكد على أن عملية الرؤية تستهلك ربع الطاقة الكلية اللازمة للجسم في حالة الإضاءة الصحية و النظر السليم , و أن أي نقص في هذه الإضاءة معناه استنزاف الطاقة من الجسم لتعويض هذا النقص , و يمكن توفير الإضاءة داخل المباني بطريقتين أساسيتين :
- الأولى عن طريق الإضاءة الطبيعية القادمة من الشمس .
- الثانية عن طريق الإضاءة الصناعية .
فبالنسبة للإضاءة الطبيعية داخل المباني :
فإن التصميم الجيد للمبنى يجب أن يشتمل على ما يلي :
1 – أن يكون بكل حجرة نافذتان بقدر الإمكان موزعتان على حائطين حتى يتم تجنب ظاهرة الزغللة .
2 – توزيع الشبابيك و اختيار أماكنها للحصول على أكبر قدر من الضوء الطبيعي و بخاصة المنعكس مع محاولة تجنب الضوء المباشر .
3- تخصيص بعض الفراغات المكشوفة ( كالأفنية مثلاً ) بالمبنى تسمح للإنسان بأن يستفيد من الأشــــــــعة البنفســـــــــــجية مع مراعــــــــــــــاة عامــــــل الخصوصية .
4- أن يراعى في تخطيط الموقع ارتفاعات المباني و المسافات بينها بحيث لا يحجب مبنى الضوء الطبيعي عن مبنى آخر قريب منه أو يواجهه , ومن هنا تظهر أهمية دراسة زوايا الشمس المختلفة على مدار العام لتجنب ذلك .
أما بالنسبة للإضاءة الصناعية داخل المبنى :
فيتم استخدامها في حالتين :
- الأولى عندما تكون الإضاءة الطبيعية غير كافية في الأجزاء البعيدة عن النوافذ .
- الثانية عندما تغرب الشمــــــس و يحـــــل الظــــــــــلام .ويراعى في اختيار وحدات الإضاءة الصناعية أن تعطي نوعاً من الإضاءة التي تكون أقرب ما يمكن للضوء الطبيعي , كما يجب اختيار النوعيات التي توفر في استهلاك الطاقة الكهربائية .
6 – فلسفة استعمال الألوان :
تحتل الألوان مكانة هامة في جميع الأنشطة الحياتية المختلفة للإنسان , و بخلاف التأثيرات الجمالية للألوان في حالة استخدامها بتناسق و تكامل مدروس فإن للألوان أيضا تأثيرات سيكولوجية و فسيولوجية على الجسم البشري , إلى جانب أن اختيار ألوان الواجهات الخارجية له تأثيرات بيئية و مناخية هامة فالألوان الفاتحة أو القريبة من اللون الأبيض لها قدرة كبيرة على عكس Reflect الإشعاع الشمسي , كما أثبتت الدراسات أن تأثير اختيار الألوان على الأسقف يكون اشد تأثيراً و كما أن الواجهات الغربية و الشرقية للمبنى تكون أكثر تأثرا من الواجهة البحرية , في حين أن الواجهة الجنوبية تمثل حالة خاصة حيث أن استقبالها للإشعاع الشمسي في فصل الشتاء يكون أكبر من الصيف و هو شيء مطلوب للاستفادة من حرارة الشمس شـــــــــــتاء , و للألوان إحساس سيكولوجي بالحرارة أو البرودة فالألوان تقسم إلى ألوان ساخنة كالحمراء و البرتقالية و الصفراء , و ألوان باردة كالزرقاء و الخضراء و القريبة منها , كما يدخل في التأثير السيكولوجي للألوان خداع النظر بالنسبة للمسطحات و الأحـــــجام .
7 – التصميم الصوتي و تجنب الضوضاء :
الصوت مثل الضوء له تأثيرات ملموسة على الصحة النفسية و الجسدية للإنسان , فالأصوات المقبولة أو الجميلة لها تأثيرات نفسية جيدة و على العكس فإن الأصوات العالية أو الضوضاء يكون لها تأثيرات ضارة , و توجد ثلاثة مصادر رئيسية لخلق و تواجد الضوضاء داخل المباني :
- أولها الضوضاء الآتية من خارج المبنى و الناتجة عن وسائل النقل و السيارات المختلفة أو الورش و المصانع القريبة إن وجدت , و هذه الضوضاء يحملها الهواء و تدخل المبنى عبر النوافذ و الأبواب المفتوحة أو حتى من بعض الشقوق و الفتحات الضيقة .
- أما المصدر الثاني فهو ناتج عن سقوط أي جسم على الأرض أو نتيجة لاهتزازات بعض الأجهزة الكهربائية (كالثلاجات و الغسالات مثلا) .
- أما المصدر الثالث فينتج من انتقال الضوضاء الداخلية أيا كان سببها خلال الحوائط و الأرضيات من الشقق و الفراغات المجاورة .
وعلى ذلك فإن كفاءة الحوائط في منع انتقال الأصوات أو الضوضاء يعتمد على كتلتها , فالحوائط الأكثر سمكاً و الإنشاءات الثقيلة تكون أفضل في منع انتقال الضوضاء , أما تأثير الأرضيات على انتقال الضوضاء فلا يعتمد على كتلتها بل يعتمد على درجة امتصاص أسطح هذه الأرضيات , لذلك يفضل استخدام أرضيات أو تشطيبات أو كسوات ماصة للصوت (كالسجاد مثلاً) , و يعتبر أفضل دفاع ضد الضوضاء و عدم و صولها لداخل المبنى هو زيادة المسافة بقدر الإمكان بين مصدر الضوضاء و المبنى المراد حمايته أو بوضع الغرف التي لا تتأثر بالضوضاء من الناحية الوظيفية (كغرف الخدمات مثلاً ) في جانب المبنى القريب من مصدر الضوضاء وهو غالباً ما يكون الشارع فتقوم هذه الغرف بحماية الغرف و الفراغات الهامة و التي تتأثر بالضوضاء , أما إذا تعذر ذلك فإنه يمكن مراعاة بعض الأسس التصميمية البسيطة لتقليل الضوضاء الواصلة للمبنى , فعلى سبيل المثال فإن زراعة الأشجار في جهة مصدر الضوضاء (كالشارع مثلاً ) خاصة ذات الأوراق الكبيرة يمكنها التقليل من درجة هذه الضوضاء بامتصاصها , كما أن زراعة أحزمة لأجل المستقبل تشييد المباني بحاجة لأن يصبح أكثر مراعاة للبيئة، وأكثر قدرة على الصمود أمام الآثار المحتملة لتغير المناخ. وقد طورت الشركات البريطانية مواد بناء مستدامة تحقق الأداء الأمثل وكفاءة الطاقة، وتقلل توليد المخلفات والانبعاثات، وتخفض الأثر البيئي للمباني. ويعتبر الرمل المعاد تدويره، والمواد الخرسانية منخفضة الانبعاثات حلولاً مبتكرة تحافظ على الموارد الطبيعية، وتساهم في خفض تكاليف دورة حياتها. ومع نمو زخم أعمال البناء المستدام، فإن استخدام هذه المنتجات يقلل بصمة الكربون ويمثل سابقة أيضا في ممارسات البناء المراعية للبيئة والقادرة على مواجهة آثار تغير المناخ.