روّاد المطبوعات الورقية يديمون النبض في شارع المتنبي

التسلية الألكترونية تتفوّق على الفائدة العلمية * ولع الشباب بفيسبوك يبقي كتبهم على الرفوف

روّاد المطبوعات الورقية يديمون النبض في شارع المتنبي

بغداد – حسن الشمري

يترك الشباب كتبهم على الرفوف للانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما فيسبوك مركزين على جوانب التسلية الالكترونية بعيدا عن المنافع المعلوماتية العلمية والادبية الى درجة ان اعلامي شبهة اهمية الهاتف الذكي باحد اعضاء الجسم في وقت يديم رواد المطبوعات الورقية نبض شارع المتنبي وبحرصهم على متابعة اخر منشورات دار الطباعة.

وقال الطالب اسعد رزاق (الزمان) امس (هناك كثير من الاسباب جعلت الشباب يعزفون عن قراءة الكتب قد يكون اهمها وجود الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر وغيرها واستخدام الشباب لهذه الوسائل قد يكون للتسلية واللهو والمتعة بعيدا عن الفائدة منها).

واضاف (بعض الشباب يقرأون الكتب عن طريق الانترنت والمكاتب الالكترونية فأصبحت هذه الوسائل هي البديلة للكتاب الورقي لكن هناك بعض القراء والمثقفين من الشباب يتجمعون في شارع المتنبي الذي يعد ملتقى للمثقفين وتوجد فيه الكتب بانواعها سواء الادبية ام العلمية).

واوضحت الطالبة رسل صباح ان (هنالك مؤثرات عدة على الشباب والفتيات في الوقت الحالي منعتهم من مطالعة الكتب لعل في مقدمتها انشغال الشباب بامور الحياة اليومية ومسلياتها مثل الحفلات او وجود الانترنت والدردشة وغيرها كلها منعت من توجه الشباب للكتب وقراءتها). واضافت ان (استخدام الشباب للكومبيوتر والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد يكون في بعض الاحيان استخدام خاطئ او لغرض التسلية والمتعة بعيدا عن الفائدة من الجانب العلمي او الادبي).

وقالت الطالبة زهراء ضياء لـ(الزمان) ان (من اسباب عزوف الشباب عن قراءة الكتب هي صعوبة الوصول الى الاماكن التي توجد فيها الكتب سواء التي نحتاجها في الدراسة الاكاديمية ام حتى الكتب الثقافية والادبية فضلا عن المستوى الاقتصادي الذي له تأثير كبير على عزوف بعض الشباب عن قراءة الكتب و يتمثل بالمستوى المعيشي المتدني الذي يعاني منه العديد من شبابنا والذي يمنعهم من الالتفات الى القراءة).

وتتابع (فهم مشغولون بالجري للحصول على لقمة العيش التي لا يحق لاحد ان يطالب فاقدها بأي عطاء حتى يوفرها له فتوفر الحاجات الاساسية المتمثلة بالطعام والملبس والسكن ..الخ تعد عوامل مهمة ولاسيما ان البعض ما زال يعد الثقافة ترفا ذهنيا وليس ضرورة حياتية).

ظهور التقنيات

ويقول الاعلامي احمد الصادق ان (لظهور تقنيات الاتصال الحديثة وتعددها وتنوع مصادرها ووضع المتلقي امام كم هائل من المعلومات ووسائل الترفيه التي لم تكن متاحة في الفترة السابقة فجهاز الهاتف الذكي لم يعد اداة اتصال تقليدية وانما اصبح بفضل امكانياته وتقنياته التي تعشقت مع فعاليات الانسان الحياتية كافة ووضعته في عالم افتراضي قائم بذاته ليكون بحق احد اعضاء جسم الانسان).

فيما قال مصطفى قاسم وهو موظف في كلية الاعلام انه (يعود السبب في امتناع الشباب والفتيات عن قراءة الكتب الادبية والعلمية الى توجه انظار الشباب نحو وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي اخذت معظم اوقات الشباب وكذلك لجوء الشباب للحصول على المعلومة من الانترنت فبدلا من البحث في الكتب عن معلومة تهمهم وبذل الجهد والوقت الكبيرين يمكن ان يحصل عليها من خلال كبس زر في الانترنت).

واوضحت زينب علاء وهي طالبة في المرحلة الثالثة في قسم الصحافة لـ(الزمان) ان (من اسباب عزوف الشباب عن القراءة هو تنافس وسائل الاعلام المسموعة والمرئية للـكتاب المطبوع بل تتحداه ان يصمد امامها فهي تعمل على اجتذاب الشباب اليها بما تمتاز به من اثارة وجمال وتسلية لتترك الكتاب قابعا وحده على رفوف المكتبة مغطى بالتراب دون ان تمتد اليه يد تعتني وتنتفع به ).

واضافت (الشباب اليوم مشغولون عن القراءة بمتابعة القنوات الفضائية ومشاهدة افلام الـ( سي دي) وهم يقضون جل وقتهم امام شاشة التلفاز او امام الكومبيوتر ذلك الجهاز الذي اسيء استخدامه فقد تحول لدى الكثيرين الى وسيلة لممارسة العاب التسلية).

فيما قال الطالب سليل لبيد ان (حب المطالعة يختلف من وقت الى اخر بحسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بالمواطن ففي زمن النظام السابق كان الكتاب هو الوسيلة الوحيدة المتاحة فكان يستخدم لغرض الاطلاع او التسلية والامتاع من خلال قراءة بعض الكتب الشعرية او القصص والروايات اما في الوقت الحالي فبفضل التطور التكنولوجي الذي ادخل الينا الاجهزة الذكية مثل الهاتف والحاسوب والذي اخذ الكثير من وقتنا بدون فائدة فقط للتسلية واللهو).

متغيرات العصر

ويقول  هشام الفاخر وهو مدير البرامج في اذاعة كلية الاعلام ان(متغيرات العصر والتطور التكنولوجي اثرت بشكل واضح على توجهات الشباب واهتماماتهم اليومية، فبات الجيل الجديد يعطي جل وقته لمواقع التواصل الاجتماعي التي اخذت تهيمن على افكارهم مما جعله يعزف عن مطالعة الكتب الادبية او العلمية).

ويضيف ان (بعض الشباب يعد أن انتقاء الكتب من شارع المتنبي هو حكر لفئة معينة  من الشباب وليس سلوكا عاما يفترض بالجميع التوجه نحوه وحتى اولئك الذين يرتادون الشارع فهم لا يختارون كتبا متنوعة للاطلاع عليها وانما ينتقون كتب الروايات واخرى تتناسب مع دراستهم الاكاديمية ،الامر الذي يجعل الجيل الجديد وثقافته بخطر). من جانبه قال رئيس قسم الصحافة في كلية الاعلام  محمد فلحي الموسوي ان (انخفاض مستوى القراءة هي ظاهرة اجتماعية عامة ولا تهم فئة الشباب فقط بسبب تغير الوسائل والوسائط واستخدام الكومبيوتر والانترنت في القراءة وانا اعتقد ان تراجع القراءة الورقية اذا صح تسميتها يقابله ازدياد في القراءة الالكترونية من خلال تصفح الانترنت والاطلاع على الكتب الالكترونية وان هذه الظاهرة تتعلق بطبيعة التطورات التكنولوجية التي شهدها العالم خلال الربع الاخير من القرن الماضي).

واضاف ان(ما يتعلق بالشباب ليس انخفاض القراءة فقط وانما اتجاهاتهم في القراءة ليس كيف يقرأون؟ او كم يقرأون؟ وانما ماذا يقرأون؟ فأغلب الشباب بعيدين عن الكتب الورقية والصحف والمكتبات فهم لا يدخلون الى المكتبات حتى يقتنون ما يهمهم من الكتب وهذه ظاهرة مشخصة).

وتابع ان (العزوف عن قراءة الكتب مشكلة ذات جانبين الاول انخفاض القراءة لدى المجتمع بصورة عامة والثاني هو اتجاه الشباب الى الانترنت ووسائل الترفية والتسلية على حساب القراءة الجادة،مشيرا الى ان(القراءة هي من الضروريات في الحياة فالكل يقرا بما يلبي احتياجاته العلمية ثم ما يلبي حاجاته الشخصية فنجد الذي يهتم بالادب يقرأ الكتب التي تخص الشعر والرواية او القصة، او النساء اللواتي يطلعن على الكتب التي تتعلق بالطبخ او التجميل او الصحة العامة.) فيما قال الباحث والاعلامي ضياء مصطفى لـ(الزمان) امس (تعلمنا في بداية حياتنا ونحن صغار بأن المثقف هو الذي يعرف شيئا من كل شيء والثقافة لا تتحدد بعمر ونحتاجها بكل زمان ومكان لأنها من ضروريات الحياة وبناء الشخصية والمجتمع وهناك فرق شاسع وكبير بين الجيل الستيني والسبعيني والجيل الحالي فالجيل السبعيني او كما نسميه بـ(جيل الزمن الجميل) كان يحب القراءة وكان قريب من المكتبة فضلا عن التشجيع على القراءة من جانب الاسرة اولا ومن المدرسة والجامعة ثانيا وكانت المكتبات تنتشر في المدارس المتوسطة والثانوية وحتى الهدايا التي كانت تقدم الى الطلاب المتفوقين هي عبارة عن كتب ادبية فكان هذا الاهتمام  هو الحافز الذي شجع الشباب في ذلك الوقت على القراءة والمطالعة وهم الآن ادوات فاعلة في المجتمع فمنهم الدكتور والاعلامي والفنان).

ودعا ضياء (الشباب الذين اخذتهم التكنولوجيا بعيدا عن القراءة والمطالعة الى ان يستخدموا التكنولوجيا والانترنت في الاسلوب والاتجاه الصحيح لانها مفيدة صحيا وعقليا، وينصح الشباب بالعودة الى الكتاب الورقي او حتى الكتاب الالكتروني لان القراءة هي اكتساب لخبرات الاخرين وفائدة القراءة تتجلى في ثلاثة امور هي الخزين المعرفي والخزين اللغوي والقدرة على التخيل وصناعة الافكار).

مشاركة