رواية فخري أمين تتحرر من القيود
أجنحة الفراشات تكسر جمود النظرة المتخلفة
الموصل – سامر الياس سعيد
حفلت السنوات السابقة بفرص عمل تعرفت من خلالها في ميدان الاعلام الموصلي على عدد من النماذج التي وقفت تجاها على اسلوب مهم وبارز في ميدان الصحافة حيث لامست من خلال تلك التجارب عدد من النخب البارزة التي استطاعت ان تنقل في نتاجاتها تجربة غنية من الخبرة والمهنية مرتكزة على قراءات وثقافات مهمة ومن بين تلك النخب تعرفت خلال عملي في جريدة المسار منذ صدورها عام 2005 على شخصية ثقافية بارزة هو الكاتب والاديب فخري امين الذي تولى في تلك الجريدة مسؤولية الصفحة الثقافية واستطاع خلال عمله في تلك الجريدة التي ربما اكون صادقا من انها استطاعت ان تترك بصمة مهمة في تاريخ الصحافة الموصلية كونها فحت المجال لنخب صحفية من ان تستهل مسيرتها من تلك المحطة بالاضافة الى ان تلك الصحيفة ادارتها سيدة ككسر للتقاليد الموصلية المعروفة التي لاتعترف بتولي صحفية مثلا زمام الامور في اي مؤسسة صحفية مثلما فعلت السيدة هيفاء الحسيني ..
رجالات الثقافة
واعود لزميلي امين الذي كان قريبا من كل رجالات الثقافة الموصلية فاستطاع من خلال صفحته التي يديرها في الصحيفة المذكورة من ان يقدم مع كل اسبوع وجبة ثقافية دسمة اضاءت لميدان الثقافة في المدينة برغم ما كان يكتنف ذلك المشاهد صعوبات ومعوقات نتيجة كل ما شهدته تلك الحقبة التي تماهى معها الجميع ..لقد سررت مؤخرا وانا اسمع باصدار الزميل فخري امين لرواية عنونها باجنحة الفراشات حتى سنحت لي الفرصة بان يقدم لي نسخة منها وقبل حصولي على نسخة منها وخلال العناوين التي ابرزت صدور الرواية حاولت مرارا التكهن بثيمة الرواية وما هو الوتر الذي عزف عليه امين خلال روايته الاخيرة قبل ان تتضح لي صورة الرواية في قراءة اتاحها قبل فترة الناقد صباح سليم من خلال موقعه التواصلي على الفيس بوك اضافة لقراءة اخرى يسرها الكاتب والمترجم يحيى صديق يحيى قبل ان تتسنى لي فرصة قراءة الرواية التي تقع في 560 صفحة من القطع الكبير حيث صدرت عن دار سطور للتوزيع والنشر واحتفى بها قبل اشهر ملتقى المسقى الثقافي .. قبل الدخول في ثيمة الرواية والتي خصصها الكاتب نحو انصاف شريحة نسائية تعمل في ميدان الصحافة علينا الانصات لثلاث اصوات تتمحور حولها الرواية وهي كلا من بيبي وقاسم ونسرين وكلا منهما يتيح نظرته تجاه الاحداث التي تحصل والمفاجات التي تعترض عمل كلا منهما ويعزز الكاتب روايته باحداث تجري لاسيما ما بين مدينتي الموصل واربيل المنطقتين التي تظهران بين حين واخر في سياق الرواية وقد تعمد الكاتب التزام مدينة الموصل بكل ما حملته بيئتها من نظرة تقليدية والتزام بالاعراف ومقارنة ما بين ما شهدته مدينة اربيل لاسيما بعد عام 1991 من سياقات اخرى نفضت من خلاله تلك الوتيرة المماثلة لما كان يجري بمدينة الموصل لتفتح ذراعها لمؤسسات وادوار اخرى منحت المراة فرصة العمل والاحتكاك وقيادة تلك المؤسسات والاضطلاع بادوار تارة تبدو رئيسية واخرى ثانوية في محور المجتمع مما عزز الانطباع بان هنالك ثيمة مناسبة للعب عليها وتحديدها كصورة مناسبة لرواية يجري العمل فيها وهذا ما عناه فخري امين بروايته التي سعى من خلالها لانصاف تلك الشريحة دون ان يلتفت وهو يستخدم لغة بسيطة وواضحة في التعامل مع ابطاله وهم يروون كل ما يحصل معهم سواء كان منطقيا في الدفاع عن مجلة تصدر باللغة العربية وتعنى بمراقبة المؤسسات الاعلامية ومن يتولى الدفاع عنها وما هي رسالتها اذ ا كان اغلب هولاء المدافعين لايتمكنون من التواصل معها او قراءتها والتزام مبدا المحسوبية للتمكن من ايقاف وتيرة اصدارها والحكم عليها بالخرس اضافة للسلوكيات التي تعتمدها بيبي ذاتها وهي ابراز مشاعرها ليرسخ امين بذلك نظرة متباينة تجاه العاملات بهذا الميدان وهي تقدم حبها لقاسم الستيني في نظرة مرتبكة تجاه عنوان ذلك الحب من جانب سيدة تتوارى عن عائلتها لتخفي عنها حقيقة زواجها الفاشل وتعيش مع صديقتها بالاضافة الى زميلها في العمل اضافة لفصول اخرى مرهقة للعمل الروائي لاادري ما جدوى التزامها من جانب الكاتب مثلما هو الحال في استكشاف بيبي للفندق المجاور واحتفاء عامليه بعيد ميلادها او استكشافهم لميدان متنزه عام دون ان يسعى الكاتب ذاته الى ان يقــدم احداث مغايرة ملفتة تجعل القاري في تشويق لمواصلة سبره لاغوار الرواية وعيش عوالمها التـي تتضح من الصفحات الاولـــى .. ختاما تعد بداية الرواية لفن البناء والبناء اولا واخيرا هو اطار حيث كان للكاتب فخـري امين ان بلفت لشيئين تناولتهما الرواية عبر ماساة اولها الظلم المجتمعي والثانية هي الخيانة ولم يوفر امين الفرصة في الامسـاك بزمام روايته ليخلص من خلالها على عبثية
منولوج داخلي
الحياة وسخريتها حيث لجا الى استنطاق اصوات الرواية وهم كلا من قاسم وبيبي ونسرين ليتحدثا بضمير الانا والى المنولوج الداخلي الذي يعد الاكثر تعبيرا عن شكوى الانا المتوحدة بالامها وقوة هاملت بحسب شكسبير في منولوجاته حيث حاول فخري امين استبطان الشخصية الدرامية وتقمص احزانها وان يجعل القاري يعيش احزان نسرين او بيبي وكانه يكابدها مع تلك الاصوات النسائية لتسعد في الختام بسمو روحي يعيشه ابطال الرواية ..