بيروت – الزمان
صدرت عن دار نوفل / هاشيت أنطوان نوفيلا “غابة” للكاتب اللبناني سمير يوسف. هي رواية قصيرة تختصر ، بأسلوب ساخر وممتع، الصراع بين الفطرة والتطور. الطبيعة والتوحش المدني. الجمال والتسليع، لعلّها تكون رجع صدى لما نادى به المفكر البريطاني تيري إيغلتون ضد اقتصاد الإنتاج الغزير الذي يعزز “الاغتراب، ويُفرِغ الحياة البشرية من معناها وقيمتها”.
في الإهداء الذي قدّم به روايته، (156 صفحة)، كتب سمير يوسف خلاصة ما أراد قوله في عمله الخارج عن السائد في الأدب العربي: لا أدري لمَ أستعيد مشهدًا أكثرَ من غيره حين أفكّر في والدي. أتخيّلُه يحمل سلاحَ صيدٍ قديمًا جدًّا بسبطانةٍ طويلة، عليه زخرفاتٌ فضيّة مشغولةٌ بحِرَفيّةٍ عالية. سلاح وصله من هيرستال البلجيكيّة، هديّةً من عصرٍ صناعيٍّ بائد. أراه متقدّمًا في سهلٍ ممتدٍّ ومفتوح، وسط عاصفةٍ ثلجيّةٍ قويّة. لا أعرف إن كان والدي يرغب في إطلاق النار، أو أنّه كان يتقدّم فقط لأنّه مجرّد حالم، محبٍّ للطبيعة، لمشاهدة أسراب البطّ التي كانت تعبر فوقه كالسهام، بقلوبٍ ساخنة. كأنّ حبّه لرؤية الطير، قبل كلّ شيء، جعل من الكَرْم فائضًا في المشهد. كان والدي غضًّا وعذبًا، وكان صلبًا أيضًا. لكنّه كان الصيّاد الذي لم يطاوعه قلبه على القتل، فاستعاض عنه بتأمّل الجمال، لأنّ الحياة غير ممكنةٍ ولا معقولةٍ من دون الجمال. أعتقد أنّه كان شاعرًا قبل كلّ شيء، كان شاعرًا في نفسه، لم يُرِد حتّى الكتابة والنثر، فاكتفى بخطّ الحروف، برسمها بالقصب المجروح بالحبر الأسود الكامد الرخم، الآتي من إمبراطوريّة الوسَط.
أما في مقدّمة الراوي فقال: “كتبتُ هذه الرواية، بلغةٍ هجينةٍ إلى حدٍّ ما، تمزج لغةَ المكان ولغتي الأمّ… أعتقد أنّي كنتُ مدفوعًا بالدرجة الأولى بتلك الرغبة في تدوين حدثٍ مختلفٍ جدًّا عمّا أراه في عملي الصحافي اليومي، بكتابة رواية أراد بعض شخصيّاتها قولَ شيءٍ يستحقّ الانتباه”.
نبذة الناشر:
تدور القصّة في إحدى القرى الفرنسيّة الصغيرة، حيث يرفض رئيس بلديّتها مشروعًا لإنشاء بلدةٍ تكنولوجيّةٍ على غرار السيليكون فالي.
يحاول توماس – بطل الرواية، المدفوع بحبّه للطبيعة وبحنينٍ قويٍّ إلى الماضي والجمال، القيام بكلّ شيءٍ لمنع المشروع. وقد خطّط جيدًا لما وصفه «يوم الحساب»: حضّر غالونات البنزين وحُزَم القشّ التي سيُشعل بها البيوت الخشبيّة والآليّات، موّه فَعلتَه بدقّة، وقاد سيّارته في الثلج لارتكاب حريقٍ ستستفيق القريةُ عليه، ليباشَر تحقيقٌ مع توماس…
رواية تطرح، بمتعةٍ وسخرية، القضايا التي تؤرّق عصرنا: الحداثة المتوحّشة التي تقضي على كلّ ما هو جميلٌ وبسيطٌ وأصيل، وتنتهك خصوصيّة الفرد، الوعي البيئيّ والحفاظ على الطبيعة، ومعالجة القضايا بين الحلّ السلميّ والعنفيّ…
عن الكاتب:
سمير يوسف – كاتب وصحافي لبناني مواليد (عكار، 1985). يكتب باللغتين الفرنسيّة والعربيّة.
فازت روايته الأولى «حروق الثلج» (2016) بمنحة «آفاق» ضمن برنامج «آفاق لكتابة الرواية»، غابة هي روايته الثانية. حاز فيلمه القصير «بروكسل – بيروت»، الذي أخرجه بالشراكة مع تيبو وولفارت، جوائز عديدة في أوروبا، واختير ضمن أفضل أربعة أفلامٍ قصيرة في مهرجان Les Magritte du Cinéma ببلجيكا عام 2020.