رواية أرض المدامع لبشير الدامون**

رواية أرض المدامع لبشير الدامون**
مشاعر متضاربة بين الحب والذنب**
حميد ركاطة-ناقد من المغرب
ارتباط الكنز بالجانب الأسطوري
ستبرز محتويات الصندوق المستخرج من سراديب القصر دهشة السيد وباخلافة، وبالتالي احباطهم حيث وجدا فيه حسب الراوي خيوط كتان متعفنة متربة مبللة..خمسة أو ستة أوعية لا يتعدى طولها نصف شبر في لون أزرق فاتح وأخضر باهت..اثنان منهما مكسرتان ص 156
لقد أسهب الراوي في ص 155 في الحديث عن الصناديق المختومة من خلال تضمين الأسطورة الاغريقية الخاصة بالآلهة بندورة وهديتها الملغومة بالإغواء التي بمجرد ما يتم فتح صندوقها تنطلق منها خفافيش شيطانية سود بمخالب حادة تزرع الشرور والآثام والخطايا والموبقات والهلاك فظائع تلاحقهم طيلة حياتهم ص 155 وهي نفس اللعنة الضمنية التي ستلاحق سيد القصر أثناء الغوص في البركة الموحلة بعد الامساك بالصندوق وعجزه عن انقاد زوجته يقول زوجتي كنز حياتي غرقت أمامي في قلب الوحل وأنا الخائن اتملى الفاجعة ويدي تزدادان قيضا على الصندوق ص 152
ولعل سبب ذلك مرده الى الاعتقاد الخاص بطقوس استخراج الكنوز، وهو اعتقاد خاطئ لا يمكن أن تستخرج من دون إرضاء العفاريت الحارسة لها حراسة ابدية تتطلب تقديم قرابين قد تكون أحيانا بشرية،أو امتلاك قوة جبارة من أسرار السحر ,,للجم العفاريت وجعلها تهرب ص 149.
إننا سنلمس موقفا خاصا من قصة الكنز ذاتها كحكاية جاءت تفاصيلها على ألسنة شخوص الرواية فالبطلة كان لها موقفا مغايرا وهي تتساءل لم لا تكون حكاية الكنز فقط قصة رجل يملك ملكة السرد ويهوى االاستغوار وقراءة التاريخ وتجميله بخيال جامح شيق؟ ص 150 .
وبموازاة مع قصة الكنز ستبرز قصة جانبية قصة المدامع وكذلك النقيشة الموجودة على الصفيحة التي تحمل رسالة خاصة مليئة بالحسرة والوعيد وتلخص معاناة الملكة، كما أن ستكون دافعا جديدا للبحث في المصادر التاريخية الخاصة بالفترة وأسباب انتقال طقس المدامع إلى مملكة موريطانيا الطنجية.
طقوس واحتفالات، رقصة الكنز
تبدأ الاشارات الأولى الخاصة بطقوس العبيد من داخل قصر الباشا كما جاء على لسان سيد القصر إلى زمن طفولته يقول يوما من سمعت موسيقى وأهازيج جميلة غير مألوفة لدي. توجهت إلى دار مرجانة، هناك رجال ونساء سود يعزفون الموسيقى ويرددون كلمات سجية ص 108 وهي موسيقى سيبرز مفهومها ودلالتها على لسان با خلافة باعتبارها وسيلة للمناجاة والنسيان نحن طائفة عبيد كناوة..قهرتنا الحياة فجعلنا خدما وعبيدا للأسياد فواجهنا قهرها بموسيقانا لغة أرواحنا النازفة وملهبة مشاعرنا ص 112 وستبرز بعض الطقوس خلال إحياء ليلة الملوك بتفاصيلها الباذخة بدء من وصلة تقديم الثمر والحليب للآلة العزف الهجهوج وما رافق ذلك من حديث عن الايقاع الكناوي الذي يقوده عطش الروح 125 والرقصة الخاصة بالكنز يقول الراوي تبدأ بصوت خفيض للصناجات وضرب خافت على الطبل ص 126 وهي رقصة توحي اشارتها بالبحث عن سر الكنز حيث يلتحف الراقص البياض الذال على الأمل مع ما يرافقها من بخور وتعاويذ لفك الطلاسم وكأنها لحظة استخراج الكنز.
طقس تدخين الكيف
أشارت الرواية إلى طقس تدخين القنب الهندي من خلال زيارة سيد القصر لمنزل با خلافة أثناء جلسة خاصة حول سر الكنز يقول الراوي تناول غليونا، جعبته نحاسية رقيقة مخروطة ألقمها بنبتة الكيف مقصوصة دخن لمرات قبل لن يدعوني لمشاركته ص 110 فالتدخين بقدر ما هو طقس هو عادة لدى المدخن الذي يستعذب الحديث ويكثر الكلام بعد مزجه بغبار الحشيش، فمتذوقه يستعذب الحديث بهدوء وسكينة لساعات ثم تجعله يحس وكأنه يرقص مع الريح ص 111 .إنه يمنح لحظات انتشاء ورقص طويل ترافقه نسمات ريح رخوة منعشة يشعر المدخن بأنه يدور ويرقص في لين، رأسه غير مثقلة وجسده يتمايل كهدهدة رضيع في مهده ص 111.
طقوس القصر
برزت من خلال الرواية احتفالات القصر الخاصة، بعضها سنوي تقيمها السيد احتفالا بذكرى زفافه وزوجته تشير الراوية أنه يقام حفل عشاء فاخر ووجبات متنوعة، أصناف أكلات مختلفة في أطقم صحون فخمة ص 86 وزوجته تشير الراوية أنه يقام حفل عشاء فاخر ووجبات متنوعة، أصناف أكلات مختلفة في أطقم صحون فخمة ص 86 إلى جانب الاحتفالات الخاصة بالنساء التي تؤثثها جوقة عزف وغناء. كما كان يتم إخصاء العبيد في القصركما جاء على لسان سيد القصر أنه شاهد وهو صغير، رجالا أشداء بينهم عبيد..يقومون بضرب غريب للعبدين. عملية ضرب عرفت أسرارها حين كبرت لقد كانوا يقومون بخصيهما ص 177
الامكنة داخل الرواية
بقدر ما عبرت الأمكنة على الانتماء نسجت سر العلاقة به، ارتباط لم يكن اعتباطيا ولا عفويا بقدر ما تحول لهوية وإحساس بالكينونة، فيه تتحدد روح المنكسر وتتحقق السعادة للعائد والحرية للمقيم. فالأمكنة بقدر ما شكلت أرضية لتأثيث الحكي أضحت في الرواية دلالة على المرارة، والفرح، والاطمئنان، والفقدان، والبؤس، والقلق، والثورة، والرفض. رفض للواقع كما هو، وملابسات أخرى جعلته مكانا منسيا. هكذا ستتحول الأماكن الغامضة،والأسطورية إلى حلبة لأكثر من صراع، والأماكن المظلمة لأماكن لتفجير الرغبة بمختلف أنواعها في الاكتشاف والثروة وفي تفجير الأنوثة والعذرية، والتحرر من كل مكبوت،وأمكنة موشومة بمآسي ترسبت في الحنايا للأبد بعضها عبر عن الخيبة أو الندم ومشاعر آخرى ظلت طي الكتمان.أما الأماكن المفتوحة فبقدر ما شكلت واجهات للفقر والإحساس بالدونية أحيانا، أضحت فضاءات لنقل الحلم بالتغيير والثورة على النظام. أحلام ظلت موشومة في جسد المدينة والأجيال التي اعتنقت الحلم بالحرية والكرامة. فالأمكنة شكلت عوالم أفرزت تحولات الحدث الروائي وتقلباته أكثر من مرة وحين، وبالتالي وفرت الأرضية المثالية لسرد هادر ورهيب.
قصر الباشا أول شارة نلتقطها عن القصر سنلمسها في الفصول الأولى للرواية والتي تصفه من الخارج من بعيد تشع اضواء قصر الباشا، تكسر الظلمة القابضة على البناية ص 9 فالقصر ظل ملفوفا بأسراره من خلال الوصف الخارجي تمتد نظراتي فترتقي أسوار القصر الرابض على رأس حينا، نوافذه الكبيرة مغلقة، شبابيكه التي تطل على دربنا علاها الصدأ، قصر رابض في غموضه في جلاله، وفي عظمته شامخة يقاوم في اصرار وكبرياء عوائد الزمن وتقلباته ص 29. وسنلمس وصفا عكسيا من داخل القصر نحو الخارج ومن الأعلى نحو الأسفل ومن زاوية أخرى رميت بصري خلف سور القصر فبانت أحياء مدينة تطوان تمتد مباشرة في حلتها البيضاء ص 53 وستتم أنسنة القصر هذا القصر الرابض على مشارف مدينتنا صامتا بكبرياء في وجه الزمن..كأنه شيد فوق هذه الربوة العالية المطلة على المدينة ليشهد على تاريخها وليعاين تاريخ أناس عاشوا بينه وحوله بمرارتهم وأحزانهم وانشغالاتهم اليومية ص 67.
وسيبرز القصر بسراديبه من خلال وصف البطلة اثناء الرحلة الاستقصائية بداخله رفقة أمير ابن سيد القصر أمامي سرداب طويل..وبمحاذاتي شاب وسيم ص 74 سراديب امتدت فوقها مدينة تطوان على مساحة كبيرة يمتد وسط المدينة بحييها العتيق والجديد ليصل بعض مسالكها إلى منافذ بضواحي المدينة ص 75 وكذلك في الرحلة الأولى لسيد القصر رفقة مرجانة وباخلافة عبور المسالك المظلمة والصغيرة التزاما بالوصية المتضمنة لسر الكنز وعبور التواءاته السبعة كما برزت دلالة الرقم المقدس نفسه بالإضافة إلى التعازيم قبل مباشرة الحفر في البركة الموحلة وهي الرحلة التي راحت ضحيتها مرجانة زوجة سيد القصر زوجتي كنز حياتي غرقت أمامي في قلب الوحل وأنا الخائن أتملى الفاجعة ويدي تزدادان قبضا على الصندوق ص 152
الدار الكبيرة
تبرز الدار الكبيرة من خلال استرجاع الراوية لتاريخ علاقتها بها مليئة بالمواجع وكوصمة عار على الجبين وعاهة لازمتها بقوة لم تستطع التحرر من تبعاتها نسبيا إلا لحظة انخراطها في النضال السياسي بالجامعة تقول ما تسرب نفسي في سرير أسراري عن حياتي في الدار الكبيرة نكبات كافية لتجعل العذاب يلف قلبي عند كل إطلالة حب جديدة علي ص 16
وستبرز معاناة قاطني الدار الكبيرة من عاهرات أكثر أثناء الانتفاضة واحتمال اقتحامها بالقوة من طرف صعاليك المدينة. وما قامت به مديرتها مامة رحمة من استعدادات للحيلولة دون ذلك وهي اللحظة التي ستبرز نوعا من المعاناة النفسية كما جاء على لسان الراوية حيث صدحت نجية الوافدة من جبال الأطلس أثناء دندنتها بصوت منخفض ونبرة حزينة بلهجة أمازيغية ص 42 وقد ظلت الدار رمزا للوجه الخفي،المليء بالأسرار والنكبات للمدينة العتيقة التي غزتها الفتوة والصعلكة والدعارة والفساد.
كما لمسنا مجموعة من المقارنات سواء بين قصر الباشا والدار الكبيرة المتواجدة في الحي الشعبي من خلال رصد البطلة حملقت باندهاش ممهور بأحاسيس غامضة في القصر العظيم هذا الذي يطل في صمت و لامبالاة على دروب فقرنا وإخفاقنا وعاهتنا ص 48 وبين أسوار الجامعة وهي تقارن بينها وبين نسرين تقول لأنها كانت تراه في انتمائها الطبقي وصورتها تجتاحها وهي في نضالها الطلابي بالجامعة ضد الاقطاعية والبورجوازية أم من خلال حوارها وصديقتها سعيدة هناك أناس يحبون الحياة وآخرون امثالنا يؤنسونهم إنهم يتلهون فقط بوجود أمثالنا ص 56.
فاس
لقد تم رصد فضاء المدينة القديمة بفاس من خلال الاشارة إلى شوارعها وأزقتها وأحيائها، وامتزج الرصد بالإحالة على ما ضيها التليد مع الاشارة إلى تقاليدها العتيقة دورها موغلة في القدم متاحف لتاريخ الانسان..الدواب التي تنقل البضائع التقليدية وهي تخترق دروب المدينة تدعو إلى اقتفاء أثر زمن مر من هنا منذ مئات السنين ص 17 هذا الوصف سينتقل تدريجيا من رحاب الماضي إلى زمن آخر وكأنها كليشيهات من خلال وصف الجامعة ثكنة فسيحة الأرجاء بمعمار فرنسي من زمن الاستعمار ص 19 مع ما رافق الجانب الوظيفي للثكنة التي تحولت إلى جامعة .وهو الفضاء الذي يتم تبئيره لكونه سيؤثث احداث الرواية. فالمكان يتحول إلى عالم يجمع تظاهرات صاخبة تجمعات الطلبة وحلقات نقش ص 12 إنها البؤرة التي ستصدر الانتفاضة إلى مدن أخرى منها تطوان. فالجامعة هي مهد الانتماء السياسي والتنويري للثورة على الوضع القائم والنظام الحاكم تقول الراوية أفكار تصور لي الحياة والعالم بصورة لم أعهدها وتدعوني لمحاولة فهم برؤية جديدة ص 14
إن التعدد الثقافي والفكري والنقاشات الصاخبة والخلافات والأطروحات المتنوعة ستبرز رؤية روادها للعالم والمحيط وستذكي حماس النضال ولثورة. نضال ساهم فيه الفن والشعر والأدب، ونظريات الفلسفة المادية.
الصراع ضد العتمة
سيبرز هذا الطرح من خلال ما تم تقديمه من تفسيرات وتداعيات حرة جاءت على لسان الأبطال للعديد من المفاهيم ودلالات الأشياء والألوان، وبالتالي تحديد المنظور إلى الجسد وأقفاله، وإلى النفس والرجل على شكل مواقف خاصة.
تنمح البطلة للألوان من خلال الرواية دلالات خاصة فاللون الأسود تعتبره نشازا يحبس الألوان المضيئة ص 23، والأحمر مع الأسود لونين للعشق والشبق ص 24 في حين تعتبر اللون الرمادي كلون البرد الدافئ المنعش دفؤه، والدفء البارد المنعش برده ص كما تم الحديث عن دلالات الألوان من خلال طقوس رقصة الكنز خصوصا عند الالتحاف باللباس الأبيض الرامز إلى الأمل ص 126 في حين سنلمس دلالة اللون الأسود من خلال ما جاء عرضا في حديث سيد القصر أثناء بداية عمليات الحفر داخل أحد السراديب الأسود..ما السواد لونك سوى سيد الألوان،وخليط لكل ألوان الدنيا، إنه اللون الملكي ص 141 وكذلك موقف حول سواد مرجانة يقول هي سوداء التقت اغصان شجرتها حول سويداء قلبي فاعتمره النور ص 124
ستتحدد ماهية اللون الأسود انطلاقا من مواقف ذاتية محضة تتداعى بشكل عفوي داخل المتن، جاء على لسان الراوية لي مع اللون الأسود قصة ولع ممزوجة بالكراهية، أكرهه لأنه لون مغرور يرغب في اكتساح كل الأوان ص 30
وإلى جانب الألوان سنلمس تأملات وإشراقات خاصة حول النور والظلام تقول البطلة ما الظلام سوى صنو النور..ما الحكايات التي سمعتها وعشتها خلال مقامي في القصر سوى صراع ضد العتمة ص 187 وسنلمس طرح أحد الشخوص أحمد حول النور والظلام ارتباطا بالحياة يقول الحياة عدة أوجه، ما أنت إلا أحد وجوهها المشرق نوها من قلب الظلام ص 201
المنظور إلى الجسد
طرحت الرواية على لسان بطلتها العديد من المواقف والهواجس التي فجرت الإحساس بالحب أو الذنب وكذا الموقف من البكارة مواقف ظلت مغلفة بإصرار وامتثال لوصايا المحيط ما الذي يكبلني؟ ما الذي يكبل صراخي؟ لغة الجسد تنتشي تكون جامحة وهي تخطف الشعور فيسيسلم الجسد، تخذير موضعي يزحف، ليحل تخدير كلي سرعان ما يشل المقاومة، فيرتخي الجسد في إدعان حنون ص 27
نعم أنا سوى.زلقيطة ضريرة هاربة…حالمة بالثورة والتغيير..مؤمنة بالنضال مسايرة دوامات متاهاتي…عازمة عل نبش الغاز الحياة ص 178
الحياة جعلتني مساحات خراب وبوار بقل صرت أجر جسدي، أدفعه أمامي، كأني خائفة من أن أدعه خلفي فيخالفني السبيل قلت لو تركته خلفي قطعا لن أعود إليه ص 211
الأنا والآخر في مرآيا متشظية .
أنا كنت نتيجة بذرة نثرها جبان بائس في بطن أمي لأولد أنا.امرأة لن تكون سوى ضحية بلهاء بليدة ولم لا مجنونة ص 185
المنظور إلى الرجل
الرجال..مخلوقات جاحدة ناكرة للجميل يداهمها ظمأ أبدي، وحين ترتوي منا، نحن النساء،تولي لنا ظهورها ص 178
أنا بليدة.زكم حذروني من الاقتراب من الرجل مما الزاهية، مما رحمة، السي لا مين ، وحتى عاهرات الدار الكبيرة كم نصحت بتأجيل رغباتي وعدم التفكير في الرجل الوحش اللذيذ ص 82
أيكون نزولي إلى الأنفاق هروبا بمشاعرك إلى ما تحت الأرض لتفجيرها هناك؟ ص 75
قصص الحب داخل الرواية
أفرز تشابك العلاقات داخل الرواية العديد من الارتباطات العاطفية التي اتخذت طابعا انسانيا اعتبر بمتابة جسر رابط بين بعضها البعض لتنسج حبكتها الخاصة وبالتالي تقديم منظور صاحبها وعالمه الروائي الذي تم اسنباته في تربة واقعية ليجنح به نحو الأسطورة حينا والتاريخ حينا آخر وهو ما جعل للعبة السردية أكثر من تجلي داخل الرواية.
سيد القصر ومرجانة
تبرز البوادر الأولى لعلاقة سيد القصر ومرجانة داخل الرواية أثناء زيارة الراوي لبا خلافة للحديث معه حول الكنز المدفون في سراديب القصر وهو لقاء سيلف الراوي فيه إحساس غريب لف كل كيانه وهو يتطلع لحسن مرجانة يقول جمال مبهم خفي جمع كل ألوان الدنيا تم زينها بلون أسود وضاء ص 110 ولعل دهشة اللقاء الأول ستحول مرجانة على الكنز الحقيقي الذي يبحث عنه بعد مقارنته يقول كنز في أعماق الكهوف تحت أسوار قصرنا ومرجانة التي صارت كنزا قابعا في قصر أعماقي ص 124
لقد تحول الراوي مفتونا بعشق مرجانة متلهف للقائها ودائم البحث عنها أمر من أمام درب مرجانة اتسمر غير بعيد من باب دارها متلهف لألتقي بها ص 124
رغم معارضة الاب على زواج ابنه من مرجانة سيتزوجها ويغادر القصر. وخلال رحلة سيبدأ كفاحه وحياة جديدة من أجل اثبات ذاته ولم تتم عودته إلا بعد مرض والده وإصابته بالعجز الكلي.
سيتخذ عند العودة القرار بالبحث عن الكنز في سراديب القصر وبعد القيام برحلة أولى ستليها ثانية وستموت خلالها مرجانة وهو الموت الذي سيخلف حزنا كبيرا للراوي ويدفعه لتأنيب نفسه على التفريط في كنز حياته بعدها سيتزوج أم أمير وسناء.
قصة حب البطلة وأحمد
وهي قصة جد مثيرة أحمد نموذج للمناضل داخل أسوار الجامعة والبطلة القادمة من شمال المغرب تطوان وهي مكبلة باح حول العديد من العقد التي لا حقتها كتاريخ جريح حول اصلها وانتمائها للدرا الدعارة الدار الكبيرة وهو ما كان يكبل كل محاولة للدخول في علاقة عاطفية، فوجدت نفسها محاصرة بنصائح أهلها ونوازعها الشخصية والمطاردة اللصيقة لأحمد صار أحمد يكثر تودده واقترابه مني، نفسي تعاتبني لأنني نسيت نصيحة مما الزاهية بعدم الاقتراب من أي رجل ص 15
لقد استطاع أحمد أن يبدد هواجس البطلة بمحاولته تحريرها من عقدها وهو يستدرجها لعشق خالص، ينبعث من ذات نشر الجمال الآخاذ تمرق نحو ذروة العشق تعالى نبدع جمالا من الفوضى..يأخذنا بعيدا إلى ذروة العشق بعذوبة راعشة ص 19. وسوف نلحظ إشارة إلى هذه القصة التي ظلت مفتوحة على صراع طوال فصول الرواية لنلمس استمراره يتمزق من طرف واحد بعد اعتقال أحمد على خلفية المظاهرات ومحاكمته وايداعه السجن , وهي تسترجع ذكرياتها معه قبيل زيارته تبرز عشقه الخالص لها ولروحها للحياة عدة أوجه ما أنت إلا أحد وجوهها..المشرق نورها من قلب الظلام ص 201 . وستكون دهشة البطلة كبيرة وهي تصفع بهزاله وذهوله وجنونه..كانت تنتظر منه أن يسترجع الزمن الجميل معها والحديث عن الثورة. لكنه كان قد تخطى عتبة الجنون. وهو أمر سيتأكد من خلال زيارتها له في مستشفى الأمراض العقلية سرت خلفه، ناديت عليه، توقف، دمدم بكلمات نطق فيها اسمي ثم واصل سيره وعيناه مثبتتان تحدقان في السماء ص 207
قصة أمير والبطلة
ستبدأ قصة حب أمير والبطلة بعد لجوئها إلى قصر الباشا هروبا من مطاردة السلطة لتجد نفسها مطاردة من طرف ابن سيد القصر امير الذي ظل يتودد إليها لتبرز حبها له بشكل ممزوج بنوع من الرغبة والندم والامتناع في نفس الوقت وقد انتابها شعور بالذنب وانبهار بجماله وهي أحاسيس متناقضة جعلت أسئلة الذات ترتقي إلى درجة من التعارض والدهشة من خلال مقارنتها لانتمائها الطبقي ووضعها الاجتماعي كلقيطة مزقها الاحساس بالنبذ والاغتراب. لكن جمال أمير جعلها تستسلم له بشكل رهيب بعد استدراج سنلمس فيه نوعا من الرغبة الممزوجة بالرفض جاء على لسان أمير لا تغضبي، ما قصدت أن أقول لك إن جمالك هو الكنز الأكبر ص 69 عبارة سبق وأن رددها سيد القصر لمرجانة. هذه المناوشات الماكرة أبرزت انجذاب البطلة واشتعال شرارة الحب بين طيات الحوارات الداخلية المنولوغ الصامت تقول كيف أتحمل توهجي بالقرب من أمير؟ نسيت الرغبة في السفر في أحضانه ومواقفي المقيدة لي؟ ص 71 وهو ما جعلنا نلمس إحساسا بالخيانة لمواقفها الثورية ولمبادئها مناضلة فاشلة أنا، فاشلة أنا مذاق القصور جعلني أنسى طريق الرفاق ص 71
إنها أسئلة تؤرج لضعف إنساني في مواجهة ذات ملتهبة بمحاذاة شاب وسيم شفتاه كرز بري ظازج وبسمة عينيه ضوء، شفاف عاجي ما تراني فاعلة؟ ص 73
فالصراع الداخلي بين الرغبة والامتناع تكشف انحيازا لأمير وجاذبية من خلال مقارنة وضعها الجريح مع استاذها المتصابي واحساسها بالغثيان من رائحته وبالتالي استمرارها في لعبة الكر والفر في انفاق مظلمة منحها الاحساس بتمزق عفتها تقول أيكون نزولي إلى الأنفاق هربا بمشاعري إلى ما تحت الارض لتفجيرها هناك؟ ص 75
لقد بر استسلام رهيب سببه الاستجابة لنداء الجسد وبالتالي التعب من تأجيل كل أحلامها، نداء سيبرز بقوة رغبتها لم لا أسلك طريق فؤادي وأصغي للنداء الذي يعدني باغتراف طعم لذة اكتفي بتذوقها ها في خيالي ص 76 وسنلمس أنها لحظات ساحرة في ظلمة سرداب ملتهب اي سحر حملت يداه وهي تلمس مزالجي الصدئة الظمآنة؟ ص 77
فقصة قوالحب ستنتهي باكتشاف أمرها وبتعقب سيدة القصر لهما داخل السرداب وهي تحاصرهما بسؤال رهيب في وضع حرج ماذا تفعلان في السراديب؟ ص 78 وهم ما سيعمق إحساسها بالدونية وبالجفاء من طرف سيدة القصر أمر برز على طاولة العشاء الذي اعتقدت البطلة أنه عشاؤها الأخير بالقصر.
لقد لمسنا إحساسا بالذنب وتأنيبا للضمير، بعد محاولتها الفاشلة أنا بليدة حين لم أعمل بالنصيحة كم حذروني من الاقتراب من الرجل..الرجل الوحش اللذيذ المتعب قربه، المتعب بعده .
قصة نسرين ومصطفى الأحمق
قصة نسرين ومصطفى الحمق هي من القصص التي بقدر ما حطمت الفوارق الطبقية من الأعلى إلى الاسفل شكلت اقترانا غير منطقي بصعلوك الحي الكهل الذي تمكن من اتلاك وقلب فتاة، وبالتالي حدوث قصة الحب المستحيلة في عز مراهقة جامحة كحب أول وربما الأخير يقول الراوي عن نسرين قادها لتفتح لهله البوابة الخلفية ومنها شرعت له كل أبواب قلاعها كسرت اقفال حصنها واستباح مكنون سرها ص 54
لقد انتهت هذه القصة بترحيل نسرين إلى الدار البيضاء حيث تم تزويجها وظل مصطفى الأحمق تائها معربدا بين الأزقة
قصة حب المهداوية والبوهالي
تبرز المهداوية كابنة زنا داخل الرواية بجمالها الأخاذ ونبذها من طرف محيطها حيث رفض اهل القرية تزويجها لأبنائهم. لتثور بعد مخاض وتهرب مع عشيقها البوهالي الذي تميز بطيبوبته يقول الراوي هربت مع عشيقها البوهالي الطيب…فشرع أهل القرية يطاردونهما ..رمقت العاشقين يمخران عباب البحيرة الكبرى قاصدين البحر والحوريات السبع مشعات بنور بهي ص 192
وهي نفس النهاية التي سنلمها بخصوص البطلة وهي تسير نحو مآلها النهائي في ختام الرواية شرعت أتهيأ متوفزة لرحلة أعرف مسبقا طريقها. الحوريات ملتفات حولي حزينات على فراقي يقلن لي.. إلى أين أنت راحلة والتعب مازال باديا عليك؟ ص 220
وسيبرز من خلال الحوار عدم الاستعداد النهائي للرحيل أو سلك مسار المهداوية وعشيقها لأنها لم تأخذ حقها من المدامع. وأنها تعودت على كبح دموعها أرجوكن، لا تتوسلن إلي فأنا أشعر بأن قلبي سيسع لعالم جديد أخر من الأحلام والآمال.إني عائدة، إني ملتزمة بمواصلة العبور ص 222
إنها نهاية مفتوحة نحو عودة أخرى، يبرزها عدم استعداد البطلة ورفضها العبور على نفس مسار المهداوية وهو ما يمنح الأحداث تشويقا كبيرا مفعما بانتظارات أخرى وتطورات أخرى.
أرض المدامع سيرة مدينة، بأسيادها ومهمشيها على محك العلاقات الانسانية، واتنظاراتهم منذ تاريخ سحيق، فتطوان الموريسكية المتشحة بالبياض ستظل محتفظة بحرقتها وحرقة أحلامها، وأسرارها الموغلة في أزمنة أخرى ظلت خبيئة الحنايا واللغة والسحنة والانتماء الأكثر امتدادا من جغرافيا و قدما من التاريخ المنسي.
/4/2013 Issue 4488 – Date 27 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4488 التاريخ 27»4»2013
AZP09

مشاركة