

نورهان شيراز
عندما يهاجر الوطن، لا يبقى للفرح مكان في قلب الإنسان. ويغدو القلب مجرد ذاكرة للنسيان، والوطن ـ أيًّا كان ـ قلب إنسان، أوطن نعيش فيه غرباء، تُقتل فيه تلك الروح الملتهبة لتتحول إلى رماد، وتحت الرماد تخبو ثورة الروح.
وأقولها من أسى متأصّل في قلوبنا، قرأته في وجوه المحبين ومُكادي الشوارع، وفي حبّ الناس لوطن ضاع منذ سنواتٍ عجاف، فلم يبقَ إلا ذكرى وأنين العاشقين الذين مضوا في هذا الدرب أو ذاك.
ولِمَ تتغيّر الأقدار؟ وما الذي جعلنا نسلك ذلك المدار في بلادٍ تشعّبت فيها القلوب والخطى المثقلة بالهموم، والرقص على أنغام الموت والأحلام الفارغة اليتيمة كيُتم الحياة؟ قاتل الله من قتل الحبّ والحياة فينا، وأحالنا إلى رماد الذكرى، وقاتل الله من منع الدمع وجعلها متحجرة في العيون.
وهمومنا قتلت جذوة الحياة فينا، فلم نعد قادرين على أن نعطي بعضنا حتى قبلة للقاء أو للفراق أو للحب. وكلٌّ حمل جرحه ومضى إلى جزيرة النعاس التي لا نتمنى أن نُوقَظ منها، ليس لأننا متعبون، ولكن لأن هموم الحياة أثقلتنا. ما أثقل الهمَّ على حامله! رفقًا بنا، فنحن نعيش على أرصفة الحياة.



















