
رسالة ذات شقين – عبد الخالق الشاهر
الى / السيدات والسادة اعضاء الفروع فأعلى وخلفهم من الارامل والايتام المحترمون
تحية طيبة
موضوع عدم منحكم المعاش التقاعدي تحديدا هو ما دفعني لأن اكون محاميا .. بعده اكتشفت مظالم كثيرة متأتية من خروق دستورية وقانونية .. فتصديت لها ومعي زميل عزيز وفشلت في هذا وفي ذاك .. اليوم لم يبق امامنا الا طريقين الأول يكمن بتعديل تلك القوانين ، أو إلغائها ،وهذان امران غير مستبعدين بسبب ان ذلك ضمن العدالة الانتقالية التي لا تستمر قوانينها ، فضلا عن هناك نص قانوني في متن قانون المساءلة يجيز لمجلس النواب الموقر الغائه …. اما الثاني فيكمن بطرق الباب الأخير وهو باب المحكمة الاتحادية العليا والتي هي الآن ليست التي كانت في اذهانكم .. متطلباتها كثيرة ودقيقة لا مجال لشرحها لكنها كلفتني اشهر عدة في تهيئة السندات والوثائق الى ان فرجت ووافق السيد رئيس المحكمة على قبولها بتأريخ 19/ 5 الفائت وأوعز سيادته بأرسال نسخة منها الى المدعى عليه، وأعتقد ان المرافعة الأولى ستكون خلال حزيران بتقديري المتواضع ، وأرافق لكم لائحة الدعوى راجيا من زملائي ابطال القضاء الواقف ان يبدوا ملاحظاتهم القيمة عليها ، وعلمتنا دراسة القانون ان المحامي الناجح لا يعد موكليه بالفوز ، بل يعدهم ببذل الجهد المناسب ، وما توفيقي الا بالله ، وما النصر الا من عنده جل جلاله وهو العالم بأن المعاش التقاعدي هو حق مطلق لأنه ليس منحة من الدولة بل هو توقيفاتكم التقاعدية المؤمنة في صندوق التقاعد .. تقبلوا فائق التقدير..
اخوكم عبدالخالق الشاهر
{ { { {
السادة رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية العليا المحترمون
المدعي
المدعى عليه
سبق وأن شرع المدعى عليه قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة الرقم (10) لسنة 2008 والذي نص بالبند اولا من المادة (6) منه على (( انهاء خدمات جميع الموظفين ممن كان بدرجة عضو شعبة وأحالتهم على التقاعد بموجب قانون الخدمة والتقاعد )) مما يعني (ضمنا) حرمان موكلنا ( كعضو فرع في حزب البعث المنحل) وشريحته ( اعضاء الفروع فأعلى) من الحصول على الحقوق التقاعدية المتأتية من التوقيفات التقاعدية التي وضعها كأمانة لدى الدولة (صندوق التقاعد) لعشرات السنين بصفته لواء في الجيش العراقي السابق والضرر نفسه اصاب شريحة واسعة من المواطنين وخلفهم من الأرامل والايتام ، حيث فقدوا بموجبه حقوقهم التقاعدية الدستورية والقانونية ، لا لسبب سوى انهم خلف لمتوفين كانوا اعضاء فروع في حزب البعث المحظور . ولعله من الجدير بالذكر ان موكلنا يعي ان في ذلك خيارا تشريعيا لمجلس النواب الموقر إلا انه يعي ايضا ان المهمة رقم واحد لمحكمتكم الموقرة والمحددة بالمادة (93) من الدستور هي (( الرقابة على دستورية القوانين)) مما يعني ان الخيارات التشريعية لمجلس النواب ان نصت صراحة ام ضمنا على ما يخالف الدستور فهي ليست محصنة من الطعن بدستوريتها امام محكمتكم الموقرة . خصوصا ان كانت تتعلق بجريمة التجويع الجماعي التي اعدتها الامم المتحدة احد صور الابادة الجماعية بموجب اتفاقية منع الابادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها الصادرة عن الامم المتحدة بقرار الجمعية العامة 260 ألف (د-3) المؤرخ في 9 كانون الأول / 1948 والتي نصت بالبند (ج) من المادة الثانية على ان من صور الابادة الجماعية (( اخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا او جزئيا )) هذا فضلا عن الآتي :-
تطهير طائفي
1- نصت المادة (7) من الدستور على (( يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي ، او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له، وبخاصة حزب البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت اي مسمى كان ، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ، وينظم ذلك بقانون )) ولعل هذه المادة بدرجة من الوضوح الذي لا يترك شكا ولو بسيطا لدى المشرع في الاجتهاد حيث ان كل ما في الدستور بخصوص موكلنا وشريحته هو (حظر البعث ورموزه من العمل السياسي ) ولعل في هذا دليل قاطع على ان الدستور لم يمنح الغطاء الشرعي للعقوبة الجماعية غير الشرعية في اعلاه .
2- ان البند موضوع الطعن بحرمانه موكلنا (ضمنا) من حقوقه يتناقض تناقضا صارخا مع المادة (7) من الدستور كما هو يتناقض تناقضا صريحا مع مواد دستورية واردة في البابين الأول والثاني ( المباديء الاساسية ، والحقوق والحريات) والتي تعد روح الدستور مع الأخذ بنضر الاعتبار ان (الخاص) المتمثل بالمادة (7) من الدستور لم يقيد (العام) الا بالحضر السياسي كما اسلفنا ، وكالآتي :-
اولا. يتعارض البند اعلاه مع الفقرة (ب) من البند اولا من المادة (2) من الدستور التي نصت على (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام ))، وبما إن الحقوق التقاعدية متأتية من التوقيفات التقاعدية التي وضعها موكلنا وشريحته في صندوق التقاعد ( أمانة لدى الدولة) . والقرآن العزيز اكد على ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) الانفال: 28 و ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا)) النساء:58. مما يجعل البند محل الطعن يخالف ثوابت احكام الاسلام
ثانيا. لا شك ان المتضرر من منع الحقوق التقاعدية بموجب البند موضوع الطعن هو ليس موكلنا فقط بل اسرته حاليا ، وهم خلفه لاحقا .. حين يتحولون الى ارامل وايتام وهؤلاء سيأخذهم البند موضوع الطعن بجريرة غيرهم (موكلنا) وهم لا علاقة لهم بحزب البعث المنحل لا من بعيد ولا من قريب وقد يكونوا اطفالا يوم اقرار البند المذكور ولعل القرآن العزيز نهى بشدة عن وزر وازرة وزر أخرى (( ولا تزروا وازرة وزر أخرى)) فاطر : 18 و (( ولا تزر وازرة وزر أخرى)) الأنعام 164 و (( ألا تزر وازرة وزر أخرى)) النجم : 38 ولذلك نجد ان النظام القانوني العراقي اكد انه حتى لوحكم على المدان بالإعدام تتحول حقوقه التقاعدية الى خلفه .
ثالثا. بما أن الكثير من المتضررين من البند موضوع الطعن هم الذين ينبغي ان يطعموا من ارث مورثهم ، وبما إن الأرت هو الحق الدستوري لورثة موكلنا وشريحته من الايتام نجد ان القرآن العزيز حذر من هذه الحالة ((إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ? وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)) النساء : 10
رابعا. يتعارض البند موضوع الطعن مع الفقرة (ب) من البند اولا من المادة (2) من الدستور والتي نصت على (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية)) ولعل عدالة محكمتكم هي الاعلم بأن جوهر الديمقراطية بكل اشكالها يكمن في احترام (الآخر) ، ورغم ان الآخر محظور من ان يكون جزء من العملية السياسية في العراق دستوريا الا ان الدستور لم يتطرق الى تدميره ماديا هو وعائلته وسلب حقوقه المشروعة
خامسا . ان البند موضوع الطعن هو عقوبة بالتأكيد، وهذا ما يعارض البند ثانيا من المادة (19) من الدستور التي نصت على (( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ، ولا عقوبة الا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة …)) وأن ما يعزز قيمة هذا البند هو انه يمثل المادة الأولى من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل فضلا عن انه يمثل المادة 11- ثانيا من الإعلان العالمي لحقوق الأنسان ، ولعل كل الأفعال السلبية إن وجدت والمفترض (جدلا) ان موكلنا ارتكبها لم تكن تعد جريمة في القانون وقت ارتكابها ، وبالتالي فأن هذا البند الدستوري يحرم عقوبة موكلنا وشريحته على تلك الافعال التي لم يعدها القانون وقت اقترافها جريمة خصوصا وأن موكلنا لم يدن بأية جريمة ولم توجه له اية تهمة.
سادسا. يتناقص البند موضوع الطعن مع البند ثامنا من المادة 19 من الدستور التي نصت على (( العقوبة شخصية)) بينما العقوبة التي وجهت لموكلنا هي عقوبة جماعية له ولشريحته دون امر قضائي ودون تهمة موجهة اليه .
سابعا. يتناقض البند موضوع الطعن مع البند اولا من المادة (30) من الدستور التي نصت على (( تكفل الدولة للفرد والأسرة الضمان الاجتماعي والصحي ، والمقومات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة ، تؤمن لهم الدخل المناسب ، والسكن الملائم )) وموكلنا وشريحته حرموا بموجب البند موضوع الطعن من الضمان الاجتماعي (الحقوق التقاعدية)، والدخل المناسب والسكن الملائم حيث لا ضمان اجتماعي ولا دخل مناسب او غير مناسب ، ولتسمح لنا عدالة محكمتكم الموقر بإضافة ما هو خارج موضوع الدعوى لاكتمال الصورة المأساوية امام حضراتكم فقط وهي ان حتى سكن موكلنا وشريحته ومصادر رزقهم الأخرى هي مصادرة بموجب قرار مجلس الحكم الانتقالي 76 لسنة 2003 او محجوزة بموجب قرار المجلس اعلاه رقم 88 منذ العام 2003 وقد تشملها المصادرة بموجب القانون 72 لسنة 2017 مما يعني استحالة العيش بحياة حرة كريمة كما ورد في المادة الدستورية اعلاه .
ثامنا. تعلم عدالة المحكمة الموقرة مدى قدسية النصوص الدستورية خصوصا في مجال (المباديء الاساسية والحقوق والحريات) ، وقد اكدت المادة (2- اولا – ج) من الدستور على (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور )) كما واوجزت المادة (49) من الدستور هذه الحقيقة حين نصت على (( لا يكون تقييد اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه ، على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او الحرية )). ولعله من الواضح ان البند المطعون بدستوريته حرم موكلنا (ضمنا) من حقوق جوهرية اهمها العيش الكريم . والدخل المناسب
3- في الوقت الذي نؤكد فيه لعدالة محكمتكم ان التزامنا بكل حرف بالدستور مطلق، رغم ملاحظاتنا عليه ، ولكنه قد يكون من المفيد القول ان المادة (7) من الدستور هي اصلا تتناقض مع المواد الدستورية 2- 14-15-19-20-22-29-30-38-39-42-46 فضلا عن تناقضها مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، ووثيقة العهد الدولي ، وقصدنا من هذه الاشارة لفت انظاركم الكريمة الى أنه لا يجوز للمشرع ان يتعسف باستخدام تلك المادة لأهداف غير انسانية لم توجد المادة اصلا لتحقيقها مما يعد خرقا ل ((القانون الاسمى والأعلى في البلاد)).
الطلبات القانونية
الحكم بعدم دستورية البند اولا من المادة (6) من قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة الرقم (10) لسنة 2008 كونه حرم (ضمنا) موكلنا وشريحته من اعضاء الفروع فأعلى من حقوقهم الجوهرية بعيدا عن ثوابت احكام الاسلام ، وبعيدا عن الشرعية الدستورية المثبتة بجوهر الدستور ( المباديء الاساسية ، والحقوق والحريات) نغتنم هذه الفرصة لنعبر لعدالة محكمتكم الموقرة عن فائق الاعتزاز والتقدير.



















