رسالة الأهوار إلى السيد رئيس الوزراء – نعيم عبد مهلهل

رسالة الأهوار إلى السيد رئيس الوزراء – نعيم عبد مهلهل

منذ ان باشرت معلما في مدارس أهوار قضاء الجبايش وهذا المكان يسكن هاجس احلام المكان وبيئته بالنسبة لمشاعر تلك الذكريات التي قضيتها هناك عند امكنه الماء والقصب والسمك والمشاحيف والطيور القادمة من كل جهات الأرض لتقضي شتائها في المكان الذي يقال ان الطوفان ابتدأ منه وان نوح بنى فيه سفينة لنجاة البشرية وان السلالات التي صنعت مجد اور وزقورتها كانت تتحصن في أكمة القصب وهي تصد غزو الجيوش التي تجيء من عيلام متجهة الى بابل او تلك التي جاءت بجيوش الإسكندر المقدوني من بابل لتغزو عيلام عبر الأهوار .

هذا المكان ( الأهوار )الذي يعتقد المستشرقون انه من بقايا جنائن أساطير الحلم السومري في تخيل اركاديا وعاد ودلمون وانه كان واحدا من اغنى البيئات المنتجة ( القصب والسمك والطير والقيمر والرز الشتال والسياحة وحتى الخريط ، وأضافوا اليه كل هذا أسطورة الزئبق الأحمر ) لم ينل من الرعاية ما يكفي بل عاش طوال أزمنته استلابا عجيبا حد الذي تعرضت فيه قراه الى الهدم واقتربت منه مدافع الحرب واتخذ القرار بتجفيفه .

ليصبح هذا التجفيف من بعض وسائل الدعاية للمعارضة العراقية لتزيح النظام السابق وتم الاستنجاد بالأمم المتحدة ومنظماتها من اجل إعادة الحياة الى الأهوار.

في عام 2004 وعند بداية نشري لسلسلة عالم الأهوار في صحيفة الزمان اتصل بي المكتب الإعلامي لوزير الموارد المائية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد الذي كان يتابع تلك المقالات وكانت من بعض أهدافه وتخصصه وطموحاته تطوير بيئة الأهوار وعالمها المائي والاجتماعي ، والتقيت به في مكتبه ومن نتاج اللقاء دعمه لطباعة ثلاثة كتب عن الأهوار وسيناريو سينمائي وإصدار مجلة تعتني بعالم الأهوار صدر منها عددين وتوقفت بانتهاء مهمة تكليف السيد الوزير .

وفي ذات الوقت اتصل بي الصديق المرحوم والباحث الصوفي قاسم محمد عباس واخبرني ان السيد مصطفى الكاظمي يشرف على موقع عنوانه الذاكرة العراقية وانه مهتم بأحياء ذاكرة المكان وتطويره ، فنشرت في موقع الذاكرة مقالات عديدة عن عالم الأهوار وأظن ان بإيعاز من السيد الكاظمي كانت المقالات تنشر بسرعة.

الآن وقد اصبح السيد الكاظمي رئيسا للوزراء .وددت لفت انتباه السيد الكاظمي الى حال الأهوار التي لم يتطور فيها شيء ، وانه بعودة سريعة الى موازنات سنوات ما قبل وزارته سيرى ان اكثر من مليار دولار تم صرفها لتطوير بيئة الأهوار وان في ملاك الوزرات السابقة هناك حقائب وزارية لتطوير الأهوار وإنعاشها .

المليار دولار واكثر تبخر ولا اثر لمنجز والمشاريع كانت مجرد خرائط على الورق . لامدارس ولا مشافي ولا مراكز ترفيهية سياحية ، وكل المشهد هناك هو عبارة عن مياه تنعش المكان مرات ومرات حين يقطع الجيران المنابع عن دجلة والفرات يصيب اهل الأهوار الهلع والخوف من موت جواميسهم وعودة الجفاف الى الأمكنة التي كانت مسرحا لمرادي مشاحيفهم ومواويل غنائهم.

اعتقد ان تأليف لجنة عليا لانعاش الأهوار وتطويرها هي مهمة مقدسة ووطنية ويمكنها ان تجلب الخير والفائدة على خزينة الدولة لما يحويه المكان من ممكنات الجذب السياحي لوجود الطبيعة الساحرة والأضرحة المقدسة ومن بعضها مرقد النبي العزير . ومدينة اور الأثرية التي لا تبعد عن ضفاف الأهوار من جهة سوق الشيوخ سوى 60 ميلا ، وكذلك شجرة النبي ادم ع في القرنة وغيرها ، عدا الموارد الاقتصادية الهائلة واهمها الثروة السمكية ويمكن أيضا ان يكون المكان حقولا شاسعة لزراعة الرز .

هذا مختصر للتصور من اجل انعاش المكان أضعه أمام أنظار السيد الوزير الأول في دولتنا . وأظن ان الأهوار والاعتناء بها عملا شرفيا ومقدسا . وكان لي الشرف ان أكون اكثر كاتب عراقي يكتب عنها ( ثمانية ) كتب وعشرات المقالات والبيوغرافيا والمناشدات .

لهذا اجد ان الانتباه الى الأهوار يبدا أولا عن البحث عن تلك الملايين التي صرفت عليها وتبخرت .ومن ثم نخطط وبجدية الى تطوير هذا العالم الساحر والاعتناء به.

ذلك هو مختصر رسالة الأهوار الى السيد رئيس الوزراء.

دوسلدورف

مشاركة