الحياكة بمبادرة شعبية
ربيع الشرق الأوسط – مهند عماد عبد الستار الزبيدي
قبل عدة سنوات ظهر ما يسمى ” بالربيع العربي ” حيث شمل الأخير دولة سوريا وليبيا ومصر وتونس واليمن، وحتى الجزائر لم يسلم من شرارة ما يسمى بالربيع العربي . وبخصوص هذا الشأن هناك سؤال يقتحم الأذهان وهو من المدبر للربيع العربي الذي لاقى رواجًا بين أزقة الحكومات العربية وغيرت أنظمتها جذريًا؟.. إن الربيع العربي وهو عملية تغيير الوجوه الكالحة في الأنظمة العربية والتي كانت تحكم لعقود من الزمن، حيث البداية كانت في سوريا فكانت شرارة الربيع باقتتال بين النظام الحاكم والشعب السوري وكان الأخير تحت مسمى المعارضة إلى أن أدى هذا الاقتتال لدمار سوريا وإرجاعها إلى الوراء، ومن ثم جاء الدور على ليبيا مما أدى إلى قتل الرئيس الحاكم وسحله في الشوارع وحدوث انقسام بين الشعب، أمّا في مصر اندلعت ثورة عارمة على مستوى البلاد مما أدت إلى تنحي الرئيس مبارك عام 2011م والذهاب إلى انتخابات مبكرة وفوز أحد قيادات الأخوان المسلمين ولم تمضي سنة على تولي الأخوان للسلطة في، وبين ليلة وضحاها حدث انقلاب عسكري على الحكومة ورئيسها المنتخب من قبل الشعب، أمّا في اليمن فقد اندلعت حرب طائفية بين الحوثيين المدعومين من قبل النظام الإيراني وبين الحكومة اليمنية المدعومة من قبل السعودية. وعليه فمن نتائج الربيع العرب ولادة تنظيم ما يسمى داعش، الذي انتشر هذا التنظيم الوحشي على نطاق واسع سيما في بعض الدول التي مستها شرارة هذا الربيع !!. ففي العراق سيطر هذا التنظيم على أغلب المحافظات الغربية وأحرق الأخضر واليابس، وكذلك في سوريا سيطر على بعض المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية ، أمّا في مصر فقد انتشر هذا التنظيم في صحراء سيناء، وحتى في ليبيا فقد لوحظ بأن سيطرته كان في المناطق التي تتوافر فيها آبار النفط!، وفي شهر أكتوبر من عام 2019م تم الإعلان عن مقتل أمير داعش بجهود استخباراتيّة عراقيّة. وعلى ضوء ذلك فقد انتهى الربيع العربي الذي كان يحاك بأيدي دول غربية، أمّا الآن فقد بدأت الشعوب تحوك بيديها ربيع جديد وهو ما نطلق عليه ” ربيع شرق أوسطي ” وهو ما يحدث الآن في العراق ولبنان وإيران . للوهلة الأولى قد يعتقد البعض بأنّ هذا الربيع قد مسته شرارة الربيع العربي وعلى الرغم من وجاهة هذا الرأي إلا أننا نعتقد بأنَّ هذا الربيع بحياكة شعبية بحتة دون تدخل من قبل دول الغرب ومن يعتقد عكس ذلك فأنه واهم!. حيث أنّه، وفي هذا الصدد فقد اندلعت انتفاضة شعبية في ربوع محافظات العراق ماعدا المحافظات الشماليّة والغربيّة، وفي الوقت ذاته اندلعت مظاهرات في لبنان لا تقل شعبية عن مظاهرات العراق، إلا أن مظاهرات لبنان أطاحت بالرئيس عن طريق استقالته من الحكم. أمّا في العراق فما زالت الحكومة قائمة ومتزمتة في السلطة وعلى الرغم من وصول عدد القتلى إلى ما يقارب 350وأكثر من 12000 جريح والسجال ما زال قائماً إلى وقتنا الحالي بين الحكومة وبين الشعب. وليس هذا فقط فقد امتدت التظاهرات إلى المصدر الداعم (إيران) لما يحدث في المنطقة من اضطرابات وتدخلات في الشؤون الداخلية لعدة دول منها العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث كان العامل الأول والرئيس لاشعال فتيل التظاهرات في إيران برفع أسعار الوقود ومن هنا كان انطلاق التظاهرات في اغلب المحافظات الإيرانيّة.
الخلاصة فيما أسلفنا، فإن المظاهرات التي أنطلقت في العراق ولبنان وإيران ليست بمؤامرة كما يعتقد البعض، وإنما هي مظاهرات من صنع شعبي، وباعتقادنا فأن الزجاج الذي كان يحتمي به النظام الإيراني قد آن أوانه وانتهى مفعوله سيما ما حدث من مهاترات بين أميركا وإيران وهذا يذكرنا بالحرب الباردة التي كانت قائمة بين أميركا والاتحاد السوفيتي وبالآخر أدى ذلك الصراع إلى انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي.
النتائج المستقبليّة متوقعةُ الوقوع :
1- النظام الإيراني تحت هاوية الخطر
2- ضعف الدعم من النظام الإيراني للحكومة العراقيّة واللبنانيّة.
3- حدوث تغيير في سياسة منطقة الشرق الأوسط وسيكون أثرها كبير على النظام السوري والأنظمة في دول الخليج.
وبناءً على ذلك، فأن الربيع العربي قد أكل وشرب عليه الدهر، أمّا الآن فما يحدث – برأينا – هو ربيع شرق أوسطي تتم حياكته بمبادرة شعبية بسبب ماعانته هذه الشعوب من دكتاتورية الأنظمة الحاكمة وخاصة في العراق وإيران وعلى مدار سنين ممتدة من الربع الأخير من القرن الماضي وإلى وقتنا الراهن.
– بغداد