راوندوز مدينة تعانق الجبال .. التاريخ ظلمها وبالجغرافيا تكتشف نفسها – حمدي العطار

راوندوز مدينة تعانق الجبال .. التاريخ ظلمها وبالجغرافيا تكتشف نفسها – حمدي العطار

راوندوز

يتحول فريق لاماسو من التحدي للوصول إلى المعرفة والتمتع بالاكتشاف كل ما هو جديد في المدن العراقية، إلى المغامرة لاكتشاف شعور السعادة في تحقيق ما يعجز الآخرون للوصول إليه! هكذا كانت المغامرة مكانها ( وادي الموت) في راوندوز ، من الناحية التاريخية المعاصرة!

يقول الخبير الاستاذ مثنى وهو المؤسس الحقيقي لفريق لاماسو والمخطط لكل برامج رحلتنا الاستكشافية « نحن فريق لا نتعصب للثقافة على حساب المتعة ولا نرغب بالمتعة بعيدا عن الثقافة، رحلاتنا تهدف إلى المعرفة اين ما توجد في المدن العراقية ، وهذه المعرفة تكون في الآثار أو الأمكنة التراثية أو الأمكنة السياحية ( الطبيعية والاجتماعية والغرائبية) في كل مدن العراق ونعد كل مدينة عراقية  هي مدينتا».

راوندوز عاصمة السورانيين

في هذه الرحلة سوف نطوف بكم في مدينة تعانق الجبال وفيها الطبيعة الخلابة الخضراء والامطار الغزيرة، فما هي هذه المدينة التي سقطت بالتقادم مع التاريخ لكن الجغرافيا انقذتها وجعلتها تكتشف مكانتها. فريق لاماسو تعيد اكتشاف مدينة راوندوز التاريخية.راوندوز التسمية تعني ( نقطة استراحة البريد) تقع راوندوز عند سفح صخري، وتحيط بها واديان عميقان ،  والمدينة تحيط بها  سلاسل جبال شاهقة، إلا أنها تشتهر بالزراعة والثروة الحيوانية ، ومن راوندوز يمكن للزائر أن يصل إلى اجمل مناطق العراق إذ المصايف التابعة لهذه المدينة ( منتجع بانك- شلال بيخال) الشهير!

الامير محمد باشا الراندوزي

حينما يكون الحديث عن تاريخ راوندوز لا بد من الإشارة إلى دور الأمير محمد باشا الذي ولد عام 1783م ، تسلم الحكم من والده الذي تنازل عن الإمارة عام 1813 اي كان عمره 30سنة، فأنشأ قوات عسكرية جديدة من المشاة والخيال مزودين بأحسن سلاح متوفر ، ثم حصن راوندوز بعدة قلاع ، أهمها قلعة راوندوز « قلعة» ايج قلا» وشيد على التلال الواقعة غرب راوندوز برجين.هذه المواقع سيتم الوصول إليها ! برفقة أحد المهتمين بإبراز معالم وحضارة راوندوز وأحياء تراثها.

الإعلامي  سعيد فتحي تؤبجي فريق لاماسو عند وصوله إلى راوندوز وهو يتجاوز شلال بيخال الجميل والمشهور والذي تم زيارته لعدة مرات مع الشركات السياحية لم نتوقف عنده مررنا بالتلفريك الذي يقل السياح إلى أعالي جبل كورك ولم نهتم به لأن التجربة ستكون مكررة ! بل توقفنا غير بعيد عنهما بانتظار احد اهالي راوندوز الإعلامي والناشط في مجال السياحة والتراث الشعبي ( السيد سعيد تؤبجي) وهو من يرافقنا في رحلتنا الى الأماكن التراثية والمواقع الأثرية في راوندوز وهو يغطي هذه الرحلة بالبث المباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي فكان توثيق الرحلة – المغامرة -عفويا ومباشرة.

قبل الصعود إلى قلعة راوندوز. اصطحبنا سعيد إلى مقهى ( سيد جبار التراثي) الذي تأسس عام 1898وكتن التجديد لتاريخ 25/9/2023 ، تغطي جدران  المقهى الصور للشخصيات المعروفة في راوندوز. وكل شيء في هذا المقهى ينتسب إلى التراث من السماور أباريق الشاي والأستكانات والأهم حضور الروحية التراثية الشعبية للسيد جبار صاحب المقهى. الذي استقبلنا برحابة الصدر وهو يقدم لنا أنواع مختلفة ومتنوعة من الشاي الاسود والأخضر والوان غريبة بطعم النعناع والبرتقال والموز، قضينا وقتا ممتعا في هذا المقهى قبل زيارتنا لقلعة راوندوز وبعد رجوعنا عصرا من جبال راوندوز.

قلعة الأمير الكبير

وفي سابقة غريبة تم الصعود إلى قلعة  ايج قلا التي يطلق عليها قلعة الأمير الكبير ( محمد باشا)  وهي تقع شمال مدينة راوندوز قلعة ( ايج قلا) اي ( «القلعة الداخلية «) وتعد من أهم قلاع الإمارة السورانيون في اربيل ويعود تاريخ القلعة إلى عهد السورانيون عهد الأمير محمد الراندوزي الذي شيد هذه القلعة والابراج الحصينة.ولقد قوى داود باشا أواصر الصداقة بينه وبين باشا راوندوز الذي كان أسماه بالباشا المستقل الذي لم يخضع للشاه ولا للسلطان،. إذ اعلن محمد باشا الراندوزي استقلال إمارته عن الدولة العثمانية عام 1818 وسمي بالامير المنصور امير سوران وتحتضن راوندوز اليوم نصبا تذكارياً للأمير محمد باشا.عند وصولنا إلى القلعة لاحظنا وجود كهف فيه فتحتين للدخول والخروج أوضح لنا سعيد تؤبجي بأنها كانت مكان للضيافة يستقبل فيها الأمير محمد ضيوفه من كل دول العالم.فريق لاماسو تمتع لهذا التفرد المعرفي لإعادة استكشاف المواقع الأثرية والتراثية ومن شدة سعادته رقص الدبكة الجوبي فوق أعالي القلعة.والقلعة مهملة حاليا وفي وضع يرثى لها إذ تهدمت أجزاء منها وبقي السور من الجهة الشمالية والأسس المعمارية في الجنوب.

السير في وادي الموت

ثم توجهنا مع سعيد تؤبجي إلى وادي الموت  أو وادي الانتحار، يحدثنا سعيد   عن وادي الموت وسبب التسمية قائلا « بعد احتلال القوات الروسية سفوح جبل هندرين عام 1916م وفي مساء أحد الأيام استعدت القوات الروسية للهجوم على مدينة راوندوز بدأت القوات الروسية بالقصف الشديد على المدينة وبحلول الظلام بدأ الهجوم بالخيول وبحكم جهل الجيش الروسي بطبيعة المنطقة سقط ما بقارب670 جنديا ( قوقازي) في الوادي وسمي بوادي الموت» أما التسمية المعاصرة للوادي ( وادي الانتحار) بسبب حالات انتحار العشاق وحدث أغلبها بسبب معارضة الأهل ورفض الزواج وفقا للتقاليد الموروثة.اما تجربة المسير في وادي الموت على الرغم من صعوبتها والخطورة التي رافقت هذه المغامرة، أنا شخصيات تعرضت إلى حادث بسيط لأن الطريق وعرة وفيها صخور غير صالحة للسير وانقاص ترمى من مخلفات البناء في هذا الوادي ولكنها كانت تجربة ومغامرة تستحق التعب والمجازفة فالشعور بالسعادة بعد الوصول إلى حيث المكان المخطط له لا يمكن وصفها بالكلمات. في طريقنا بالمسيرة بوادي الموت أشار دليلنا سعيد تؤبجي إلى صخرة يطلق عليها ( صخرة الدبكة) وهي صخرة كبيرة كانت تقام قربها الرقص الشعبي الدبكة الكردية من قبل أهالي راوندوز على الأخص في حفلات الزواج. كما قمنا بالصعود إلى اعلي المدينة من أجل مشاهدة المكان الذي سقط منه القوقاز في الوادي وكذلك مشاهدة الشلال الذي يصب في وادي الموت.

بيت التراث الشعبي

في نهاية زيارتنا إلى مدينة راوندوز اصطحبنا ذهبنا مع سعيد تؤبجي إلى بيت التراث الشعبي وفي جلسة عائلية متميزة بالأزياء الرواندوزية مع عائلة صاحب البيت التراثي وكرمه وحسن ضيافته انتهت جولتنا في مدينة راوندوز وطبيعتها العجيبة الخلابة وتاريخها العريق وسكانها الطيبين.

قدم فريق لاماسو هدية تذكارية إلى الإعلامي والناشط السياحي سعيد تؤبجي .وقدم الشكر والتكريم إلى السيدة الكردية عضو فريق لاماسو التي كانت سببا للتعرف على سعيد تؤبجي وقامت بالترجمة طيلة رحلتنا الى راوندوز وباقي المدن الكردية « ست دلباك  حسين  حجي طاهر» الف تحية لجهودكم.

مشاركة