رئيس جبهة التغيير الجزائرية عبد المجيد مناصرة
لندن ــ نضال الليثي
الجزائر الزمان
قال عبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير المعارضة في الجزائر امس ان اعادة انتخاب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة عبر تزوير الانتخابات كما تدل المؤشرات سيؤدي الى دخول الجزائر في فوضى لا نهاية لها.
وقال مناصرة ل الزمان ان جبهة التغيير لا توافق على ترشيح بوتفليقة لولاية رابعة لانه مريض وغير قادر على الحركة.
وشدد مناصرة في تصريحه ل الزمان ان مثل هذا الترشيح هو خطر على ارادة الشعب الجزائري.
من جانبه تعهد رئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال هنا امس بأن تكون الانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها في 17 أبريل المقبل شفافة ونزيهة وتجرى في ظروف جيدة.
وقال سلال في تصريح للتلفزيون الجزائري الرسمي ان الحكومة الجزائرية اتخذت كل الاجراءات اللازمة لضمان تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة في ظروف شفافة وواضحة .
وأوضح مناصرة ان الجبهة التي يترأسها لن ترشح احدا لخوض الانتخابات الرئاسية في الشهر المقبل لكنها حرصت على دعوة التيارات الوطنية والاسلامية والعلمانية على الالتفاف حول مرشح توافقي هو علي بم فليس ونحن الان على تواصل معه حيث لم يتم التوصل الى قرار بهذا الخصوص2 حتى الان. وقال مناصرة ل الزمان انجبهة التغيير لا تدعو الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية فالاقتراع على الرئيس حق من الحقوق للجزائريين ونحن نرى ان الرافضين عليهم ان يرموا اوراقا بيضاء في صناديق الاقتراع تعبيرا عن الاحتجاج.
وأوضح مناصرة ل الزمان ان فوز بوتفليقة في الانتخابات عبر التزوير كما تدل المؤشرات سوف يفتح الباب لعدم الاستقرار والفوضى في الجزائر كما اتوقع.
من جانبها أعلنت أحزاب وشخصيات جزائرية امس اتخاذ عدة خطوات سياسية تعبيرا عن رفضها للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 17 من ابريل المقبل.
وقالت الأحزاب والشخصيات المحسوبة على المعارضة في بيان عقب اجتماع بينها إنها قررت تشكيل لجنة مشتركة لإقامة ندوة وطنية سياسية من أجل الحوار حول مستقبل الجزائر وآليات الانتقال الديمقراطي.
وأضافت أنها قررت أيضا تنظيم لقاءات دورية لتطوير برنامج لمقاطعة الانتخابات الرئاسية بحضور قيادات وشخصيات وطنية وأحزاب بالمعارضة.
ودعا البيان قواعد الأحزاب السياسية ومناصري الشخصيات السياسية المقاطعة الى المساهمة الفعالة للتغيير السلمي والتفاعل مع اجراءات المقاطعة والتنسيق فيما بينها .
كما كشف البيان عن تنظيم وقفة سلمية أولى لقيادات الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية المقاطعة للانتخابات يوم الأربعاء المقبل عند النصب التذكاري للشهداء في أعالي العاصمة الجزائرية بالإضافة إلى إقامة تجمع شعبي حاشد في 21 من مارس الجاري.
وثمن البيان قرار مقاطعة الانتخابات الرئاسية الذي اتخذته بعض الأحزاب والشخصيات مجددا الدعوة لباقي المرشحين للانسحاب من المعترك الانتخابي بسبب انحياز الادارة ومختلف مؤسسات الدولة للرئيس المرشح ما يجعلها محسومة مسبقا ويجعل من المشاركة فيها مجرد تزكية لهذا المسار الذي يشكل خطرا كبيرا على مصلحة واستقرار البلد .
وضم الاجتماع رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور الذي انسحب من سباق الانتخابات الرئاسية ورئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري والأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي واسماعيل سعداني ممثلا عن رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان المنسحب من الانتخابات الرئاسية ولخضر بن خلاف ممثلا عن رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله.
وربما لم يشعر الجزائريون بالصدمة عندما علموا أن رئيسهم المريض سيرشح نفسه لفترة رئاسة جديدة بعد أن أمضى 15 عاما في السلطة. لكن الطريقة التي أبلغهم بها بذلك كانت مفاجأة.
وبعد شهور من التكهنات لم يخرج الزعيم البالغ من العمر 77 عاما وأصيب بجلطة في العام الماضي على شعبه بخطاب على الهواء يبثه التلفزيون والراديو لاعلان ترشحه. بل إنه ترك رئيس وزرائه ووكالة الأنباء الوطنية لاعلان ذلك الأسبوع الماضي.
و الاثنين سجل بوتفليقة نفسه كمرشح لدى المجلس الدستوري قبل 24 ساعة من نهاية المهلة المتاحة للمرشحين وظهر لفترة وجيزة على التلفزيون الرسمي وتكلم علانية للمرة الأولى منذ شهور.
وفي ضوء التأييد الذي يحظى به من حزب جبهة التحرير الوطني وحلفائها والجيش فإن فوز بوتفليقة في الانتخابات في حكم المؤكد وهو الذي ينسب له الفضل في قيادة الجزائر وإخراجها من الحرب الأهلية التي دارت رحاها في التسعينات بين قوات الامن والاسلاميين.
وسيزيل تولي بوتفليقة الحكم لفترة جديدة الغموض في الوقت الحالي بشأن مستقبل الجزائر التي تعد منتجا رئيسيا للنفط في أفريقا وحليفا لواشنطن في حربها على المتشددين الاسلاميين الذين وسعوا نشاطهم في شمال أفريقيا بفضل الفوضى التي اجتاحت ليبيا.
ورغم كل الاصرار على المستوى الرسمي أن بوتفليقة في صحة طيبة فإن ندرة ظهوره أدت إلى شكوك حول الكيفية التي سيدير بها حملته الانتخابية وما قد يحدث إذا مرض من جديد ومن يخلفه إذا اضطرته حالته الصحية للتخلي عن الحكم في الفترة الرابعة.
وحتى عند الاعلان عن ترشح بوتفليقه لم يبذل رئيس الوزراء عبد المالك سلال جهدا يذكر لتبديد الشكوك بشأن صحته عندما قال إن الرئيس لا يحتاج لخوض حملة دعائية لان بوسع كثيرين أن يقوموا بهذه المهمة.
وقال جيف بورتر الخبير في شؤون شمال أفريقيا بمركز مكافحة الارهاب في وست بوينت تستطيع أن تحصي على يد واحدة عدد المرات التي ظهر فيها بوتفليقة علنا في العام الماضي. وستكون انتخابات 17 ابريل انتخابات غريبة من حيث ممارسة الديمقراطية.
ذكريات الحرب الأهلية
بعد انتفاضات الربيع العربي التي بدأت عام 2011 لم تشهد الجزائر التي مازالت تعاني من آثار الحرب الأهلية التي سقط فيها 200 ألف قتيل أي اضطرابات أو انتفاضات شعبية على الوضع القائم.
ومازال الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي الذي أدى إلى الاستقلال عام 1962 رغم انه زمن ولى يشكل الحياة السياسية.
ومنذ ذلك الحين يرسم ملامح السياسة من وراء الستار مزيج من قدامى أعضاء جبهة التحرير الوطني ونخبة قطاع الأعمال وقادة الجيش.
وفي الاسابيع الأخيرة خرجت إلى العلن خلافات بين مؤيدي بوتفليقة والفريق محمد مدين رئيس المخابرات.
وقال محللون إن جانبا كبيرا من ذلك عكس جهود جماعة بوتفليقة لتحييد النفوذ السياسي لمدين قبل أن يعلن الرئيس ترشحه لفترة رابعة.
ويبدو أن رجال بوتفليقة كانت لهم الغلبة. فقد تم عزل عدد من كبار ضباط المخابرات ونقل آخرون في حين يتولى حلفاء الرئيس مناصب رئيسية في الجيش ومجلس الوزراء.
ويرأس اللواء أحمد قايد صالح رئيس الاركان ونائب وزير الدفاع وأحد المقربين من بوتفليقة لجنة تقر ترقيات ضباط الجيش. وتقول مصادر سياسية إن هذا المنصب يمكن ان يستغل في تقليص دور المخابرات في السياسة.
وفي عام 2012 أشار بوتفليقة إلى أن زمن جيله من الزعماء قد انقضى لكنه شدد قبضته على الحكم.
وسخر رسامو الكاريكاتير السياسي في الجزائر من ترشيح رئيس مخضرم اختفى من الحياة العامة تقريبا.
ويظهر رسم في صحيفة الوطن اليومية جائزة الاوسكار لاحسن مؤثرات خاصة وقائمة المرشحين تضم أفلام جرافيتي و ايرون مان 3 و ستار تريك ومن الجزائر الفترة الرابعة .
ويقول حلفاء بوتفليقة إنه شخصية تمثل عامل استقرار في منطقة تمثل فيها ليبيا مخاطر الفوضى بعد ثلاث سنوات من إنهاء حكم العقيد معمر القذافي الذي استمر 42 عاما.
وقال مصدر مقرب من الرئاسة إنه بمجرد انتخاب بوتفليقة سيتم تعديل الدستور لايجاد منصب نائب الرئيس أو حتى نائبين للرئيس لادارة السياسة والأمن.
وقال المصدر على الأرجح سيترك السلطة قبل نهاية فترة السنوات الخمس وسيتولى نائب للرئيس الحكم.
مناورات حزبية
وربما يكون سلال 66 عاما الذي أدار الشؤون اليومية بصفته رئيسا للوزراء خلال مرض بوتفليقة أحد المرشحين لشغل منصب نائب الرئيس. كما برز اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني كأحد المرشحين لهذا المنصب.
ورغم ما ألم بجهاز المخابرات من ضعف فإنها مازالت طرفا أساسيا في الحياة السياسية في الجزائر.
وقال ريكاردو فابياني الخبير في شؤون شمال افريقيا بمجموعة أوراسيا الولاية الرابعة لبوتفليقة لن تنهي الصراع. فاستقرار النظام سيتوقف على صحة بوتفليقة وجماعات النظام التي تناور لتحديد من يخلف الرئيس.
وعندما بدأت الانتفاضات في دول عربية أخرى امتص بوتفليقة مشاعر الاستياء بتوزيع قروض ووحدات سكنية ورفع المرتبات.
وما دامت أسعار النفط أعلى من 100 دولار للبرميل فإن الجزائر التي تبلغ احتياطياتها من النقد الأجنبي نحو 200 مليار دولار قد تتمكن من الحفاظ على سخائها في الانفاق العام.
وفي الأجل الاطول تحتاج الجزائر بشدة لاصلاحات اقتصادية للتصدي للعجز في ميزانيتها وتخفيف القيود على الاستثمار الاجنبي وجذب استثمارات في قطاع النفط الذي يشهد تراجعا.
وقد هددت أحزاب المعارضة الأضعف كثيرا من جبهة التحرير الوطني بمقاطعة الانتخابات قائلة إن الرئيس يتمتع بميزة غير عادلة.
ويخوض السباق خمسة مرشحين لكن بعض الساسة المعارضين لم يشاركوا فيه مثل السعيد سعدي.
وقال سعدي إنه لن يرشح نفسه لان الانتخابات محسومة ولان رجال بوتفليقة سيشرفون على التصويت.
واتحدت ثلاثة أحزاب من بينها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي ينتمي إليه سعدي في دعوة حث الناخبين على مقاطعة الانتخابات.
وتبدأ الحملة الانتخابية في 23 مارس اذار الجاري لكن الناخبين لا يعرفون ما إذا كان بوتفليقة سيكثر من الظهور العلني.
AZP01