ذكرياتي عن المدرسة – لينا ياقو يوخنا

ذكرياتي عن المدرسة – لينا ياقو يوخنا

ان كُل ما اتذكرهُ اليوم عن المَرحَلة الابتدائية هو عَدم رغبتي بالدوام, لِدَرجة ان اولَ يوم لي في الصَف الاول الابتدائي وفي الحِصة الثانية بالتحديد قَرَرت ان اترُك المَدرسة – بِحَسب رواية أُختي التي كانت معي في نفس المَدرسة – ورُغمَ عَدم تذكُري هذا المّوقف, لكنّ مَشاعر عدم رَغبتي بمواصَلة الدراسة, كانت هي السائدة ولِمُدةٍ طويلة وبِدرجاتٍ مُتفاوتة, ولَم استَطع وقتها ان اعرفَ سَبب ذلك, رُبَما لكوّني صَغيرة السِن. اما في المَرحلةِ الثانوية فلم يتغير الحال كثيراً وكانَ عزائيّ الوَحيد انَّ في الجامِعة سيتغيّر كُلَّ شيء وسأُحب الدِراسة كثيراً, وهذا ما حصَل فعلاً فدراستي الأولية والعُليا من افضَل مَراحل الدراسة بغض النظرعن بعض السّلبيات المَوجودة في نظام التعليم, لكنّ اغلبَ اساتيذها يبذلونَ جهوداً كبيرة في مُهمتهم الانسانية, وان نِظامَ التعليم فيها من حيّث المَنهج وطُرق التدريس وبيئة الجامِعة افضّل مُقارنةً بالمدرسة .

وفي المَرحلة الابتدائية, كُنت اجتهد كثيراً كيّ احضّر واجباتي المنزلية رُغم طاقتي السَلبية تجاه المدرسة, اما في الثانوية بَعدَ ان ازدادَ وعيي اكثر لم ارغب في ان اترُك المدرسة كما هو الحال في الابتدائية, الا ان جُلّ اهتمامي كان  مُطالعة ايّ كتاب شرطَ ان لا يكونَ من المَنهج الدراسي المُقرر, واتذكر اني طالعت بعض الروايات والكُتب العلمية منها كتاب في علم النفس رُغم عدمَ فهمي لمَضمونه كثيراً لصعوبتهِ بالنسبة لي, لكن كنتُ سعيدة لقراءتي كتب من اختياري بسبب فضولي المَعرفي ورغبَتي بأكتشاف العُلوم المُختلفة والعالم من خِلالها خاصة كتب علم الاجتماع وعلم النفس وكتب التاريخ القديم والمعاصر الخاص ببلدي, فضلاً عن مطالعة كتب منوعة اخرى. هذه الكتب كانت تُشعِرُني بالفرَح وبأنني حققت تقدُم في حَياتي, اكثر من نَجاحي في اي مَرحلة رُغمَ ارتياحي باجتياز كل صف دراسي بسَبب القلق الدائم من الامتحان, لكن سَعادتي بمُطالعة كُتب بَعيدة عن مُقررات الدراسة هي اجمَل شيء اتذكره.

نظام التعليم

وبعد سنوات تساءلتُ عن سبب هذا كله, واصبحَ من اولوياتي, البَحث المُستمر عن كُل مايتعَلق بنظام التعليم في المؤسَسة التربوية-التعليمية وتسليط الضوّء على السَلبيات ونشر الايجابيات فيها إن وجِدت, وتوصَلت الى ان المنظومة التعليمية بشكل عام تحتاج الى تأهيل وبالتحديد وزارة التربية, خاصةً المَنهج الدراسي وطُرق تدريسه, اذ لا يزال نفسُ النظام التقليدي السائد منذ عُقود ولا يوجد تغيير كبير رُغم محاولات اللجان المُختصة لتطوير المَناهج لكنها محاولات لا تواكِب التطورات في العالم اليوم كونها تعتمد على الحفظ والحَشو من اجل اجتياز الامتحان لا اكثر, ولا مَجال لتعزيز عقلية التلميذ او الطالب, وتطوير قُدراته الفِكرية وتمكينه من الابتكار, اما طُرق التدريس فهي ذاتها تعتمد على التلقين, لا على التفاعل بين المُعلمين وطلبتهم. كما ان للبيئة المادية تأثير كبير فالمَدارس اليوم تُعاني الاهمال من حيث ازدواجية الدوام وايضاً عدم إدامة ابنيتها, واكتظاظ الصف الواحد بعدد كبير من الطلبة, ومن السَلبيات ايضاً عدم الاهتمام بمجالي علم النفس وعلم الاجتماع ومدى اهميتهُما لِنجاح العَملية التربوية-التعليمية, فالتركيز على الجانب النفسي للتلاميذ والطلبة من حيث المنهج المقرر وطُرق تدريسه وكذلك البيئة المادية ومدى تأثيرها في نفسية الفرد, سيُساهم في تخطي كثير من العَقبات النفسية لدى الفَرد, كما ان دراسة وتَحليل مُجتمع المَدرسة وعلاقة كوادر التدريس بتلامذتهم وطلبتهم وعلاقة الطلبة ببعضِهم البعَض وتأثير البيئة فيهُم سواء المَدرسية او المُجتمع ككُل, ودراسته من خلال المُختصين والباحثين في علم الاجتماع, سيُقلل من التأثير السلبي الذي يعانيه التلميذ او الطالب في البيئة, وسَتكون صحته النفسية بخيّر وعلاقته بمَن حوله جيدة, وان ذكرياته عن المدرسة ستكون جَميلة لأنه قضى وقت رائع فيها.

مشاركة