دقة بدقة
يونس عبدالله محمد العبادي
الابن أريد أن أتزوج فلانة
الأب مَن
الابن فلانة بنت فلان، التي تسكن في نهاية هذا الشارع
الأب هذه لا تصلح لك
الابن و لماذا، ما بها
الأب كانت لي علاقة مع والدتها، فربما هي أختك
فبعد أن سمع الابن هذا الكلام الثقيل على مسامعه، ظل مطرق الرأس، يفكر..
واقتنع بعد برهة من الزمن، أنه لا بد أن يبحث من جديد على مَن تشاركه هذه الحياة الدنيوية، فتكون له زوجة، وأم لأولاده، وحافظة لأسراره، وأنيس له في وحدته، وبينما هو على هذا الحال، لمع له بصيص من نور، فلما اقترب منه إذ هو ضوء القمر سائراً على قدميه، ماراً من أما نافذة غرفته، فنفض غباره وتهيئ في ثوانِ، وتبعه، وعلم من تكون صاحبت هذا الحسن البديع، والجمال الفريد، فعاد إلى أبيه مسرعاً، وأنفاسه كأنها نغمة موسيقية متقطعة.
قائلاً يا أبي فلانة بنت فلان.
الأب على مهلك يا بني، وخذ قسطاً من الراحة، قد ضاعت كلماتك بين شهيقك والزفير.
الابن يا أبي أريد أن أتزوج فلانة بنت فلان، فهي في غاية الحسن والجمال.
الأب لا يا بني، أخطأت الاختيار مرة أخرى.
الابن ولِم..
الأب فهي كسابقتها.
وهكذا استمر الحال بينهما مرة بعد مرة، حتى أصبح وجه الشاب كورقة أثرية مرَّ عليها غبار الزمان ورطوبته، وجسمه كأنه غصن زرع في صحراء فتشقق عنه اللحاء، فما عاد أكثر الناس يتعرفون عليه.
وهذا المنظر المريب لذلك الشاب جلب انتباه الأم المسكينة التي كانت تعاني شظف العيش مع ذلك الزوج البخيل في المنزل الكريم خارجه، الذي لا تعني له المرأة في المنزل شيء، وتلفت انتباهه أيا كانت خارجه، و.. و… و.. الخ.
فأرادت أن تفرح ذلك الشاب، المغلوب على أمره، الذي طالما عطفت عليه صغيراً، فيا ليتها لم تفعل، ولم تقل شيئاً، فإن كان الأب عذبه وحرمه، فهي مزقت قلبه، وشلت أفكاره، وبعثرت أجزاؤه حين قالت له اذهب وتزوج من شئت، ولا تسمع كلام أبيك.. فإن هذا.. ليس أباك.
AZP09