خير الكلام

خير الكلام

الستر (الحجاب)، الشذوذ، شرب المنكر،، الزنا، الشرك بالله، وغيرها من المصطلحات المنفوشة ذات الدلالات الخاطئة.. تثير قلقي حين يتم تداولها من قبل احد المواطنين الكرام بإسلوب حاد في سياق عصبي، ولا يمكنني كفرد _متفلسف وبطران_ حينها الرد على ادعاءات ذلك المواطن ونقاشه حول ما لفهمه لتلك المصطلحات من اخطاء، لكي لا يزعل او يبادر بكيل الإتهامات اللطيفة التي ستؤدي بي لشعور بالإهانة او الرهبة لاحقا على اقل تقدير.

ضبط المصطلحات وتصحيحها له أهمية اساسية في مجال الأفكار ونقاشها، ولا يمكن ان تكون المفاهيم صحيحة والنقاش سليما ونحن نجهل اساس الموضوع الذي يدور حوله نقاشنا وهو “عنوان النقاش” ومختزله وخلاصته، ويكفي ان نبادر أحيانا اذا ما اردنا فهم الموضوع، بتحليل المصطلح وتفكيكه وإرجاعه الى اصوله، فتسهل عندئذ محاولة نقاشه والخلاصة لموقف عقلاني تجاهه. أتذكر في إحدى المرات أن نقاشا استمر لساعتين متواصلين حول قضية “الشذوذ” (المثلية)، وكان طرفا النقاش متحمسين لإشهار أقوى اسلحتهم في وجه بعض لنيل الفوز الساحق الماحق فيه، ولم يكن أحدهم قد قال شيئا نافعا وحقيقيا بشأن الموضوع حتى وان تخللت نقاشهم بعض المفردات العلمية وبعض الاقتباسات الفلسفية! ولم ازد بدوري _بعد استعاذتي بالله من شر الشيطان الغشيم_ على استئذانهم ان يتمعنوا بمصطلح النقاش وعنوانه! وحقيقة فعلوا.. وليتهم ما فعلوا، حيث ركز الأول جهده على ان يبين مدى انفتاحه على إتاحة الحرية للشاذين لممارسة شذوذهم، بينما ركز الآخر على عكس ذلك لما في الشذوذ من “شذوذ”! وبعد مرور الدقائق المضنية في شرحي لهم اختلال المصطلح وخطأه، توصلنا لما كان يمكن ان يجنبهم كل هذا الجهد، وهو الحديث بالمصطلح الصحيح للموضوع، وهو “المثلية” بدلا من الشذوذ، ولم تمض سوى فترة وجيزة من الشرح المختصر حتى بات الصديقان يميزان مدى بعدهما عن ادراك الحقيقة لو استمرا بالتعامل مع ذلك المعنى بمصطلح آخر لا يدل عليه. وهكذا نقع، ويقع البقية، احيانا في سلسلة من النقاشات التي لا تفضي الى شيء حقيقي ونافع، طالما جهلنا اسس تلك النقاشات ودلالات معانيها. وخير الكلام ما دل واستدل.

تمام عدنان حسين

مشاركة