خطاب المرجعية بين العبر والإستغلال – كامل كريم الدليمي

 

 

 

خطاب المرجعية بين العبر والإستغلال – كامل كريم الدليمي

جميعاً ننظر بعين التقدير والاحترام لتوجيهات سماحة السيد السستاني وخاصة فيما يخص الحفاظ على وحدة البلد وكرامة المواطن ، والتي دائما” ما تصدر من سماحته بين الحين والاخر على شكل توجيهات وتأكيدات على الثوابت الوطنية الصرفة ، وهيَّ بنفس الوقت أرشادات ودلالات لفتح سُبل الاختناقات وقلَّة الحيلة التي اصابت العملية السياسية وزعاماتها !!!

 اللقاء الأخير الذي جَمَعَ سماحتهُ مع السيدة جنين بلاسخارت ممثلة الامين العام للامم المتحدة في العراق في النجف الأشرف كان لهُ دلالات مهمة وعميقة ، فقد أشارَ  سماحتهُ الى وجوب أجراء إنتخابات مُبكرة  ونزيهة تضمن حق المشاركة الفاعلة والكبيرة للمواطنين ، وتحفظ صوت المواطن من شرور المزورين واصحاب الاجندات الخارجية مدفوعة الثمن مُسبقاً ، كما حثَّ سماحتهُ على محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين فسماحتهُ يعلم جيداً ان سلطة الفاسد اقوى من سلطة المواطن النزية بل وأقوى من سلطة القانون.

  كما ان تأكيد سماحته على ضرورة إنهاء حالة الطيش والانفلات الامني ونزع السلاح المُنفلت الذي يُشكل خطر حقيقيا” على مستقبل ووحدة البلد وحياة المواطن العراقي .

منْ منا لاينظر الى تلك الثوابت بعين الاحترام والتقدير ، ونثني جميعاً على اهتمام سماحته الدائم وحرصه على بناء ورعاية

عملية سياسية رصينة تحفظ للعراق مكانته وللمواطن احترامه .

انتهى اللقاء بين سماحة السيد وبلاسخارت ، وانطلقت بيانات الترحيب والثناء والمؤازرة  لتوجيهات سماحته .

لقد استبقت الرئاسات الكتل السياسية في سرعة اطلاق بياناتها وفرحتها وتمسكها بتوجيهات سماحة السيد ، بل وأعتبروها  منهج عمل ودستور دائم لايمكن الحياد عنه وجميعهم استعد لتقديم قرابين الطاعة والولاء والالتزام بالتوجيهات ، حتى جعلونا نصدق مايقولون !!!

وليسَ نحنُ فقط من انطلت علية اللعبة بل حتى شعبنا المغلوب على امره – صدقَّ –  وفرح فرحاً كبيراً  كونهم جميعاً متخوفين من مصيرنا المجهول ، وهو ما شجعنا على اعتبار بيانات الرئاسات موافقة مِلزمة لاصحابها بالسير على نهج وتوجيهات سماحة السيد ،

ولم نكن نعلم جميعاً ان طبق المحاصصة الحزبية تم طبخهِ على نار هادئة وينتظر الفرصة المواتية  للاعلان عن صفقتهم واتفاقاتهم الحزبية والطائفية  وبما يضمن لهم الاستتار من ردة فعل الشارع الغاضب .. لذا جاءت توجيهات سماحة السيد كطوق النجاة لهم وليرى مشروعهم  النور ويُثبتوا للعالم انهم جزء لايتجزأ من مشروع المحاصصة رغم كل المُسميات التي يستظلون بها .

 يوما” واحد مرَّ  على توجيهات السيد السيستاني حتى فاجئنا السيد رئيس مجلس الوزراء بقائمة من المناصب الحزبية بأمتياز مُستترين بتوجيهات المرجعية ومستغلين تفاعل الشارع معها .

والسؤال المهم : هل الموضوع مُعَّد سلفاً حتى مع بلاسخارت ؟؟؟

ام حكمت الصدفة والظروف ذلك!!

لقد أنهيتم بمشروعكم ماتبقى من ثقتنا بكم ، فلن نراكم بعد اليوم سوى مجموعة سياسية بأمتياز متمسكة بمباديء المحاصصة الحزبية والطائفية ولن تكونوا يوماً جزء من نهضة العراق العظيم .

اين ذهبت خطابات الترحيب والتهليل التي وجهتموها لسماحة السيستاني  ، أم أهميتها كونها تكللت بتمرير مشروعكم في التحاصص المناصبي !!!

اتوجه بخطابي الى سماحة السيد السستاني ؛ أن  لكل العراقيين في سماحتكم سماحتكم ثقة وجانب ، ولستم فقط لطائفة او عرق ، وحديثكم وتوجيهاتكم الدائمة تنم عن مدى حرصكم على بيتك (العراق) وابنائك (العراقيين ) ، ويكفينا يقينا” أن لنا فيك الأب

 ورب الأسرة الكبيرة  الذي يجاهد للحفاظ على بيته وابنائه .. وكوني واحداً  منهم أقول لسماحتكم :

أن خطاباتكم وتوجيهاتكم عادة ما تُستثمر لتمرير مشاريع لاتمت لتوجيهاتكم وتوجهاتكم بصلة !!

لذا نرجو من سماحتكم بأن لاتعطوا مبرراً لأحد بعد اليوم ان يستخدم اسمكم وتوجيهاتكم في ترسيخ مباديء المحاصصة والطائفية !!!  ونتمنى على سماحتك ان تكون واضحاً وحاسماً معهم لاننا لم نعد نثق بهم ابداً .. فالعراق يمر باخطر انعطافاته التأريخية ،  ولن نكون بخير مادام المتحاصصين على رأس السلطة …

والله من وراء القصد .

مشاركة