خبراء مغاربة يناقشون التصور الدستوري للإدارة القضائية وواقع الجمعيات العمومية بالمحاكم

خبراء مغاربة يناقشون التصور الدستوري للإدارة القضائية وواقع الجمعيات العمومية بالمحاكم
الرباط ــ عبدالحق بن رحمون
على مدى يومين انكب قضاة وخبراء في القانون مغاربة على وضع قضية في غاية الأهمية تحت مجهر النقاش والتحليل، في اللقاء اتسم بالجرأة والشفافية والوضوح في النقاش، ومن هنا دعا المشاركون في لقاء انعقد بمدينة الحسيمة شمال المغرب على ضرورة ضمان شفافية وديمقراطية الجمعيات العامة بالمحاكم بما ينسجم مع النصوص الدستورية الجديدة الضامنة لاستقلال القضاة والسلطة القضائية. ومن جهة أخرى، شدد المشاركون إلى ضرورة التعجيل بإصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية. وأكد رئيس نادي قضاة المغرب أن واقع الجمعيات العامة للقضاة بالمحاكم يكشف أنها ديكتاتورية وغير ديمقراطية حيث طالب بضمان شفافيتها والعمل على دمقرطتها بما يضمن الرفع من النجاعة القضائية وتجسيد مبدأ القرب. وتجدر الاشارة أن محكمة الاستئناف بالحسيمة شمال المغرب احتضنت يومي فاتح وثاني من شهر كانون الأول ديسمبر الجاري الأيام المفتوحة، المنظمة من طرف المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالحسيمة حول موضوع المفهوم الجديد للإدارة القضائية الجمعيات العمومية بالمحاكم نموذجا . وفي هذا السياق اعتبر ياسين مخلي، رئيس نادي قضاة المغرب في كلمة الافتتاح أن إسناد مهمة تنقيط القضاة للمسؤولين القضائيين قد شل الجمعيات العامة للقضاة وجسد تغول سلطة المسؤولين القضائيين داخل الادارة القضائية مما أدى إلى انحراف الجمعيات العامة للقضاة عن القيام بأدوارها الحقيقية ، كما اعتبر رئيس نادي قضاة المغرب أن اعتماد مبدأ التفويض للمسؤولين القضائيين يعتبر خطيئة بكل ما تحمله الكلمة من معنى على اعتبار أن الهيئات المشكلة بنص القانون لا يجوز فيها التفويض ، مضيفا بأن تغيير توزيع الشعب والجلسات على القضاة خارج نطاق الجمعيات العامة يعتبر خطئا مهنيا جسيما من طرف المسؤولين القضائيين وتدخلا في استقلال السلطة القضائية والقضاة .
استقلال السلطة القضائية
وأضاف ياسين مخلي أن الطعون القضائية المقدمة في محاضر الجمعيات العمومية تعتبر مدخلا لتأسيس الدور الجديد لهذه الجمعيات العامة على ضوء التعديلات الدستورية الجديدة، كما أكد أن نادي قضاة المغرب سينشر قريبا تقارير عن كيفية انعقاد الجمعيات العامة انطلاقا من الأدوار التي يضطلع بها في مجال الدفاع عن استقلال السلطة القضائية. من جهة أخرى أبرز شريف الغيام رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالحسيمة أهمية موضوع الأيام المفتوحة تأتي قبيل أيام قليلة من انعقاد الجمعيات العامة للمحاكم، حيث كشف عن أن سكوت المشرع عن تنظيم الأحكام المتعلقة بكيفية انعقاد وعمل هذه الجمعيات التي تعد مناسبة لتدبير طريقة الاشتغال بالمحاكم وتوزيع الشعب على القضاة وتحديد مواعيد الجلسات قد أفرز ممارسات غير ديمقراطية في طريقة اشتغالها بسبب تعسف بعض المسؤولين القضائيين وانفرادهم بسلطة توزيع الشعب والجلسات على القضاة مستغلين في ذلك سلاح التنقيط، ولا مبالاة بعض القضاة، معتبرا ضرورة إيلاء أهمية قصوى لموضوع الإدارة القضائية كبوابة أساسية لإصلاح منظومة العدالة ولا سيما أمام مفهومها الجديد الذي أضحى يتشكل في ظل دستور فاتح تموز يوليو . من جانب آخر ناقش ادريس فجر رئيس غرفة بمحكمة النقض لموضوع التصور الدستوري للإدارة القضائية إلى ضرورة اعتماد معايير مهنية واضحة في اختيار المسؤولين القضائيين القادرين على تنزيل مضامين الاصلاح القضائي، مستعرضا بعض المشاكل التي تواجه الإدارة القضائية ومتطلباتها خاصة على مستوى الموارد البشرية، ومشددا التأكيد على أهمية استحضار الجميع لمبدأ استقلال السلطة القضائية بوصفه الحجر الاساس لمنظومة العدالة ، وباعتباره حقا للمواطنين وواجبا على القضاة. أما محمد المرابط، رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة ففي مداخلته حول الإدارة القضائية بين التكوين والتأطير أكد على ضرورة إحداث معهد عال للإدارة القضائية وإخضاع المسؤولين القضائيين للتكوين والتقييم من أجل تحقيق قيادة قضائية قوية وشجاعة، معتبرا أن طريقة اشتغال المجلس الاعلى للقضاء حاليا في مجال إسناد المسؤوليات تتصف بغياب أدنى معايير واضحة وشفافة في اختيار المسؤولين القضائيين مما يعد هدرا للطاقات والكفاءات الموجودة.
صنع القرارات
من جانبه أوضح فاتح كمال، المستشار بمحكمة الاستئناف بتازة في مداخلته الجمعيات العمومية أي دور للقضاة مفهوم الادارة الجماعية للمحكمة من خلال الجمعية العامة التي يعهد لها تسيير هذه المؤسسة من قبل مجموع القضاة الذين يتولون صنع القرارات. كما استعرض فاتح كمال بعض محاسن الإدارة الجماعية وأهمها تشجيع المسؤولية المشتركة، وهو ما يسمح بمناقشة وبحث القرارات التي يمكن اتخاذها. كما سلط الضوء على بعض المعايير المقترحة في توزيع الأشغال بين القضاة، وبعض المهام المسندة للجمعيات العامة ومن بينها تقييم منجزات السنة القضائية والاهتمام بالتواصل.
سيف على الرقاب
وفي كلمتها الموجهة للأيام المفتوحة حول واقع الجمعيات العمومية بالمحاكم أكدت حجيبة البخاري نائبة رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس ورئيسة المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس أن واقع حال تدبير أشغال الجمعية العامة للمحاكم يشهد أن سلطة المسؤول القضائي في توزيع المهام بين القضاة وحصر جدول الجلسات كانت ولا تزال مطلقة وذلك ضدا على ما ينص عليه القانون من وجوب أن يكون الأمر تشاركيا وينبع من القضاة أنفسهم. النتيجة أنه في الوقت الذي مارس فيه البعض من المسؤولين سلطتهم هاته بما يخدم سير العدالة والصالح العام من وجهة نظرهم استبد العديد منهم بها وسلطوها سيفا على رقاب من يخالفون توجهاتهم المزاجية أو يهددون مصالحهم الخاصة . وتواصلت أشغال اليوم الثاني بتقديم عدد من المداخلات من بينها مداخلة أحمد أحيدار نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالناظور، حول موضوع الجمعيات العمومية بين سلطة المسؤول الادارية وميولات القضاة العلمية ، ومداخلة الأستاذ سعد الدحوتي قاض بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة، حول موضوع الحكامة القضائية ومفهوم الجمعيات العمومية بالمحاكم . قبل أن يفتح الباب أمام المناقشات العامة والتي ركزت على هشاشة الإطار القانوني المنظم للجمعيات العامة بالمحاكم حيث خلص المشاركون في ختام أشغال الأيام المفتوحة إلى مجموعة من التوصيات التي دعت إلى الحرص على مراجعة النصوص القانونية المنظمة للجمعيات العامة من خلال تحديد طريقة انعقادها، والجهة التي تتولى تسييرها والنصاب اللازم لانعقادها، وآليات اتخاذ المقررات، وتنفيذ برامجها؛ كما أجمع القضاة والخبراء المشاركون في اللقاء المذكور الالتزام بنشر تقارير حول كيفية انعقاد الجمعيات العامة للمحاكم والآليات المتبعة لذلك، بالموقع الرسمي لنادي قضاة المغرب؛ من جانب آخر تم التأكيد على عدم تفويض الجمعيات العامة للمحاكم للمسؤولين القضائيين تغيير توزيع الشعب إلا وفق الآليات القانونية؛ وفي ذات السياق تم حث القضاة على التبليغ عن أي محاولة لخرق الجمعيات العامة أو تغييب دورها، والتقدم بالطعون القضائية في مواجهة مقررات المسؤولين القضائيين خارج نطاق الجمعيات العامة، وكل المحاضر التي لا تنسجم مع القانون.
AZP02

مشاركة