خبراء لـ (الزمان):الكشف عن ملفات الفساد عبر الاعلام لا يكفي..ويجب تسليمها إلى القضاء

بغداد‭- ‬الزمان‭:‬

اعتبر‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬النزاهة‭ ‬الاتحاديَّة،‭ ‬حيدر‭ ‬حنون،‭ ‬السبت‭ ‬الماضي،‭ ‬في‭ ‬المُلتقى‭ ‬الذي‭ ‬عقدته‭ ‬الهيئة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬السفارة‭ ‬العراقيَّة‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬والمجلس‭ ‬الاقتصاديِّ‭ ‬العراقيِّ،‭ ‬ومجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬العراقيِّ‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬أنَّ‭ “‬عدم‭ ‬تعاون‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وسكوته‭ ‬عن‭ ‬الابتزاز‭ ‬وجرائم‭ ‬الفساد‭ ‬منح‭ ‬الفاسدين‭ ‬قوَّة‭ ‬وجعلهم‭ ‬يقترفون‭ ‬جرائم‭ ‬كبرى‭”. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أعرب‭ ‬حنون‭ ‬عن‭ “‬الأسف‭ ‬لتردُّد‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭”‬،‭ ‬حث‭ ‬خبراء‭ ‬قانون،‭ ‬وباحثون،‭ ‬المسؤولون‭ ‬والأفراد،‭ ‬والجهات،‭ ‬الذين‭ ‬يحاربون‭ ‬الفساد‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام،‭ ‬إلى‭ ‬النزول‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬القضاء،‭ ‬وتقديم‭ ‬الأدلة‭ ‬والبراهين‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬دعاوى‭ ‬قضائية،‭ ‬بشكل‭ ‬قانوني‭ ‬ورسمي،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬إن‭ ‬مجرد‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام،‭ ‬لن‭ ‬يحقق‭ ‬نتائج‭ ‬مرجوة‭ ‬لتعزيز‭ ‬نظام‭ ‬العدالة،‭ ‬ولن‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭ ‬أمام‭ ‬القانون،‭ ‬الا‭ ‬بقدر‭ ‬محدود‭.   ‬واعتبرت‭ ‬المداخلات‭ ‬التي‭ ‬تحاور‭ ‬فيها‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الزمان،‭ ‬إن‭ ‬الاعلام‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬النزاهة‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬يجب‭ ‬إن‭ ‬يكون‭ ‬مقرونا‭ ‬بجمع‭ ‬الأدلة‭ ‬بشكل‭ ‬كاف‭ ‬وتقديمها‭ ‬إلى‭ ‬السلطات‭ ‬القضائية‭. ‬

ويقول‭ ‬الباحث‭ ‬القانوني‭ ‬علي‭ ‬التميمي،‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭ ‬إن‭ ‬الجهات‭ ‬والشخصيات‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭ ‬وتطالب‭ ‬بمحاربته،‭ ‬عليها‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الاكتفاء‭ ‬باستعراض‭ ‬التفاصيل‭ ‬والاتهامات‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭. ‬

وقال‭ ‬التميمي‭ ‬لـ‭ ‬الزمان،‭ ‬إن‭ “‬شخصيات‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬ومسؤولين‭ ‬حكوميين‭ ‬ونواب،‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬ملفات‭ ‬الفساد،‭ ‬لكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬لديهم‭ ‬تحفظات‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬توجهات‭ ‬سياسية‭ ‬تمنعهم‭ ‬من‭ ‬تسليم‭ ‬الملفات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالفساد‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭”. 

واعتبر‭ ‬التميمي‭ ‬إن‭ “‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيفه‭ ‬قانونيا،‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬التستر‭ ‬على‭ ‬المجرمين‭” ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬العراقي‭”. 

واستطرد‭ ‬في‭ ‬القول‭ ‬إن‭ “‬جريمة‭ ‬التستر‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الخطرة‭ ‬والتي‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تكتشف‭ ‬الا‭ ‬بعد‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬الجناة‭ ‬واكتشاف‭ ‬الجريمة‭ ‬وبدأ‭ ‬التحقيق‭ ‬فيها‭ ‬وسماع‭ ‬افادات‭ ‬بقية‭ ‬المتهمين‭ ‬او‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التحري‭ ‬والتفتيش،‭ ‬وهذه‭ ‬الجريمة‭ ‬يختلف‭ ‬شكلها‭ ‬من‭ ‬جريمة‭ ‬لأخرى‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬المال،‭ ‬غيرها‭ ‬في‭ ‬السرقة‭ ‬او‭ ‬القتول‭”. 

ويخشى‭ ‬أفراد‭ ‬لديهم‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬والانتقام‭ ‬الشخصي،‭ ‬ما‭ ‬يدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬إخفاء‭ ‬الملفات‭ ‬لحماية‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وقد‭ ‬يتواطأ‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬المتورطين‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬لحماية‭ ‬مصالحهم‭ ‬المشتركة‭. ‬

وكشف‭ ‬التميمي‭ ‬عن‭ ‬إن‭ “‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬العراقي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬إن‭ ‬مجرد‭ ‬العلم‭ ‬بالجريمة‭ ‬او‭ ‬معرفة‭ ‬المجرم‭ ‬وعدم‭ ‬الابلاغ‭ ‬عنها‭ ‬هو‭ ‬تستر،‭ ‬وان‭ ‬عدم‭ ‬الابلاغ‭ ‬يشكل‭ ‬جريمة‭ ‬أيضا‭”‬،‭ ‬مستدركا‭: “‬المشرع‭ ‬أراد‭ ‬بذلك‭ ‬حماية‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬واثارها‭ ‬الاخرى‭ ‬فجعل‭ ‬الوازع‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والوطني،‭ ‬هو‭ ‬الدافع‭ ‬للإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭”. 

والأجهزة‭ ‬العراقية‭ ‬الرسمية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة،‭ ‬تحاول‭ ‬حسم‭ ‬ملفات‭ ‬الفساد‭ ‬عبر‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬أو‭ ‬المعلومات‭ ‬وتقديمها‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬القضائية‭ ‬أو‭ ‬الرقابية‭ ‬المختصة،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬معوقات‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬منها‭ ‬الفوضى‭ ‬الإدارية‭ ‬وتخلف‭ ‬تقنيات‭ ‬التحقيق‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬صعوبة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭ ‬الفساد‭. ‬

وينص‭ ‬قانون‭ ‬الأصول‭ ‬الجزائية‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬البلاغ‭ ‬سريا‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬الخطرة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والإرهابية‭ ‬والتي‭ ‬عقوبتها‭ ‬المؤبد‭ ‬او‭ ‬الإعدام،‭ ‬وفق‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬به‭ ‬المادة‭ ‬47‭ ‬من‭ ‬قانون‭  ‬الأصول‭ ‬الجزائية‭. ‬

ويرى‭ ‬التميمي‭ ‬انه‭ “‬ومع‭ ‬كثرة‭ ‬جرائم‭ ‬المال‭ ‬والفساد‭ ‬الإداري‭ ‬والمالي‭ ‬وحجمها‭ ‬الهائل‭ ‬وأثرها‭ ‬ونتائجها‭ ‬على‭ ‬الاجيال‭ ‬القادمة‭ ‬كونها‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فان‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لتأمين‭ ‬حياة‭ ‬المخبرين‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭”. ‬

ويحذر‭ ‬الخبير‭ ‬القانوني‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬النايل،‭ ‬في‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬الزمان،‭ ‬من‭ ‬إن‭ “‬ظاهرة‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الابتزاز‭ ‬وليس‭ ‬هدفه‭ ‬مواجهة‭ ‬الفساد‭ ‬وهنا‭ ‬تقع‭ ‬مسؤولية‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬حيث‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتكلم‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭ ‬يتم‭ ‬استدعاؤه‭ ‬لتثبيت‭ ‬شهادته‭”. ‬

ويرى‭ ‬النايل‭ ‬بـ‭”‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬واضحة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الفساد‭”‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ “‬المال‭ ‬العام‭ ‬استخدم‭ ‬كثيرا‭ ‬لأجل‭ ‬البقاء‭  ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬وهو‭ ‬فساد‭ ‬أيضا‭”. ‬

وأضاف‭ ‬أن‭ “‬مواطنين‭ ‬ترتفع‭ ‬أصواتهم‭ ‬ضد‭ ‬الفساد‭ ‬لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬تقديم‭ ‬دعاوى‭ ‬قضائية‭ ‬لأنهم‭ ‬يضطهدون‭ ‬ويهددون‭”‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ “‬جهات‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الفساد‭ ‬والفاسدين‭ ‬والدليل‭ ‬تهريب‭ ‬المدانين‭ ‬بالفساد‭ ‬من‭ ‬السجون‭”. ‬

وقال‭ ‬إن‭ “‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشواهد‭ ‬حيث‭ ‬القضاء‭ ‬يعجز‭ ‬احيانا‭ ‬عن‭ ‬المواجهة،‭ ‬بسبب‭ ‬قرارات‭ ‬العفو‭ ‬الخاصة،‭ ‬والتسويات‭” ‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ “‬متورطين‭ ‬جرت‭ ‬عملية‭ ‬تسوية‭ ‬أوضاعهم‭ ‬بحجة‭ ‬أنهم‭ ‬ارجعوا‭ ‬الأموال‭ ‬ما‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬ثقافة‭ ‬السرقة‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬لبعض‭ ‬موظفي‭ ‬كبار‭ ‬الدولة،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬انه‭ ‬عندما‭ ‬يمسك‭ ‬المتورط‭ ‬بالجرم‭ ‬المشهود‭ ‬ويدان‭ ‬فهو‭ ‬مطمئن‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ارجاع‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سرقته‭ ‬سوف‭ ‬يؤمن‭ ‬اطلاق‭ ‬سراحه،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬المتورطين‭ ‬من‭  ‬جرى‭ ‬إعادته‭ ‬إلى‭ ‬منصبه‭”.  ‬وقال‭ ‬إن‭ “‬هناك‭ ‬مسؤولين‭ ‬يبقون‭ ‬في‭ ‬وظائفهم‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬تغييرهم‭ ‬لأنها‭ ‬تعود‭ ‬بالنفع‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬صاحبة‭ ‬الشأن‭”‬،‭ ‬كاشفا‭ ‬عن‭ “‬مناصب‭ ‬تشترى‭ ‬بمبالغ‭ ‬كبيرة‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفعيل‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬العراقي‭ ‬ويكون‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬التسويات‭ ‬السياسية‭ ‬وستبقى‭ ‬ظاهرة‭ ‬الفاسدين‭ ‬الذين‭ ‬يتظاهرون‭ ‬بمحاربة‭ ‬للفساد‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬ضعف‭ ‬الإجراءات‭ ‬القضائية‭ ‬والحماية‭ ‬السياسية‭”. ‬

المواد‭ ‬المعاقبة‭ ‬على‭ ‬التستر‭ ‬

وتعاقب‭ ‬المادة‭ ‬245‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬العراقي‭ ‬بالحبس‭ ‬لمدة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬السنة‭ ‬لمن‭ ‬يحجم‭ ‬عن‭ ‬الابلاغ‭ ‬عن‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬يعرفها،‭ ‬وعاقبت‭ ‬المادة‭ ‬247‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬العراقي‭ ‬ايضا‭ ‬بالحبس‭ ‬إلى‭ ‬الخمس‭ ‬سنوات‭ ‬لمن‭ ‬يمتنع‭ ‬عن‭ ‬الاخبار‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬وكان‭ ‬واجبه‭ ‬يلزمه‭ ‬بذلك،‭ ‬والمادة‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬13‭ ‬لسنة‭ ‬2005‭ ‬عاقبت‭ ‬بالسجن‭ ‬المؤبد‭ ‬على‭ ‬التستر‭ ‬او‭ ‬إخفاء‭ ‬معلومات،‭ ‬او‭ ‬اشخاص‭ ‬بطبيعة‭ ‬إرهابية،‭ ‬فيما‭ ‬المادة‭ ‬273‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬العراقي‭ ‬عاقبت‭ ‬بالسجن‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬اخفاء‭ ‬الاشخاص‭ ‬المطلوبين‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭  

ويقول‭ ‬د‭. ‬غازي‭ ‬فيصل‭ ‬حسين،‭ ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭ ‬أن‭ “‬الفساد‭ ‬السياسي‭ ‬يعني‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬السلطة‭ ‬العامة‭ ‬لتحقيق‭ ‬منافع‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬ومصالح‭ ‬شخصية‭ ‬ومكاسب‭ ‬خفية‭”‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬إن‭ “‬الفساد‭ ‬يبرز‭ ‬في‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬غير‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬مهما‭ ‬اختلفت‭ ‬هويتها‭ ‬وعناوينها‭ ‬ومسمياتها‭ ‬وتوجهاتها،‭ ‬حيث‭ ‬يرتبط‭ ‬الفساد‭ ‬السياسي‭ ‬بالفساد‭ ‬المالي،‭ ‬الذي‭ ‬يؤسس‭ ‬للجريمة‭ ‬المُنظّمة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬والمرتبطة‭ ‬بجرائم‭ ‬تجارة‭ ‬المخدرات،‭ ‬وغسيل‭ ‬الأموال،‭ ‬وتزييف‭ ‬العملة،‭ ‬والجريمة‭ ‬السيبرانية،‭ ‬والعمولات‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬على‭ ‬الصفقات،‭ ‬والذي‭ ‬يُعد‭ ‬جريمة‭ ‬مخلة‭ ‬بالشرف‭ ‬وخيانة‭ ‬للوطن‭ ‬طبقا‭ ‬للقوانين‭ ‬العراقية‭”. 

وقال‭ ‬إن‭ “‬حجم‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يشمل‭ ‬البنية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بكاملها،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اتساع‭ ‬ظاهرة‭ ‬البطالة‭ ‬التي‭ ‬ارتفعت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬31‭ %‬،‭ ‬وارتفع‭ ‬مستوى‭ ‬الفقر‭ ‬إلى‭ ‬35‭%‬،‭ ‬كما‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬الأميين‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة،‭ ‬وانتشر‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬بين‭ ‬6‭ % ‬من‭ ‬شباب‭ ‬العراق،‭ ‬بجانب‭ ‬غياب‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬التوظيف‭ ‬بسبب‭ ‬احتكار‭ ‬جهات‭ ‬نافذة‭ ‬للتوظيف‭ ‬عبر‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬الدولة‭”. ‬

واعتبر‭ ‬حسين‭ ‬إن‭ “‬تدهور‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مرتبط‭ ‬بظاهرة‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭”‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ “‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬دراسات‭ ‬تنموية،‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬العراق‭ ‬توفر‭ ‬في‭ ‬أعوام‭ ‬سابقة‭ ‬على‭ ‬فوائض‭ ‬مالية‭ ‬تقدر‭ ‬بـ‭ ‬700‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لم‭ ‬يستفد‭ ‬منها،‭ ‬وكان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭”. ‬

الأكاديمي‭ ‬الدكتور‭ ‬ضياء‭ ‬واجد‭ ‬المهندس‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لـ‭ ‬الزمان،‭ ‬إن‭ “‬عدم‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬القضاء‭ ‬والى‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬ليس‭ ‬بجديد‭. ‬وقال‭: “‬شخصيا‭ ‬قصدت‭ ‬هيئة‭ ‬النزاهة‭ ‬والنزاهة‭ ‬النيابية‭ ‬وقدمت‭ ‬عشرات‭ ‬الملفات،‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭”. ‬

واعتبر‭ ‬المهندس‭ ‬إن‭ “‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ليس‭ ‬حقيقيا‭ ‬بسبب‭ ‬جهات‭ ‬نافذة‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬مزادات‭ ‬المناصب،‭ 

والصفقات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فان‭ ‬المواطن‭ ‬يدرك‭ ‬إن‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬لكشف‭ ‬الملفات‭”. 

يتحدث‭ ‬الناشط‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد،‭ ‬سعيد‭ ‬ياسين‭ ‬موسى،‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭ ‬عن‭ ‬أن‭ “‬الخطاب‭ ‬وجهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬محاور‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬حكومية‭ ‬وقطاعية‭ ‬وقضائية‭ ‬واخرى‭ ‬تشريعية‭ ‬اضافة‭ ‬إلى‭ ‬خطاب‭ ‬اعلامي‭ ‬تنويري‭ ‬إرشادي‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭”. ‬

واعتبر‭ ‬موسى‭ ‬إن‭ “‬من‭ ‬أخطر‭ ‬انواع‭ ‬الخطاب‭ ‬هو‭ ‬التلويح‭ ‬برزم‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬امام‭ ‬الكاميرات‭ ‬دون‭ ‬احالتها‭ ‬الى‭ ‬الادعاء‭ ‬العام‭ ‬او‭ ‬هيأة‭ ‬النزاهة‭ ‬للتحري‭ ‬والتدقيق‭ ‬والتحقيق،‭ ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬شبهة‭ ‬الابتزاز‭ ‬السياسي‭ ‬لان‭ ‬الموضوع‭ ‬سوف‭ ‬ينسى،‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬وهذا‭ ‬مؤشر‭ ‬منذ‭ ‬2006‭ ‬صعودا‭ ‬وليومنا‭ ‬هذا‭”. ‬

وقال‭ ‬موسى‭ ‬إن‭ “‬السياسة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الناجحة‭ ‬هي‭ ‬اعتماد‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬المعلومات‭ ‬وإبلاغ‭ ‬الجمهور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأخبار‭ ‬والبيانات‭ ‬الرسمية‭ ‬ونشر‭ ‬المعلومات‭ ‬واجبة‭ ‬النشر‭” ‬داعيا‭ ‬إلى‭ “‬وجوب‭ ‬إحالة‭ ‬أية‭ ‬ملفات‭ ‬الى‭ ‬هيئة‭ ‬النزاهة‭ ‬والادعاء‭ ‬العام‭ ‬بدل‭ ‬التلويح‭ ‬بها‭ ‬امام‭ ‬الكاميرات‭”. ‬

مشاركة