خبراء الأزمة السياسية بالكويت نتاج مباشر لتعديل قانون الانتخابات واليد الحكومية على صلة بها

خبراء الأزمة السياسية بالكويت نتاج مباشر لتعديل قانون الانتخابات واليد الحكومية على صلة بها
الكويت ــ الزمان
مع فتح باب الترشيح لانتخابات مجلس الأمة الكويتي صباح امس، تدخل الأزمة السياسية في البلاد والتي وصفها خبراء بأنها صناعة حكومية منعطفا لا يمكن التنبؤ بنهايته خاصة مع تمسك المعارضة والحكومة بمواقفهما وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات التغيير.
ويرى مراقبون أن يوم التاسع عشر من آب من عام 2011 يمثل تاريخا فاصلا في الصراع الذى ظل مكتوما بين الفريقين لفترات طويلة، حيث شهد هذا اليوم بدء تفجر القضية المعروفة إعلاميا بـ نواب الإيداعات المليونية والتي اتهم خلالها 13 نائبا من نواب الأغلبية الحكومية في مجلس 2009 بتلقي رشاوى حكومية للموافقة على خطط حكومية.
أزمة نواب الإيداعات المليونية كشفت في مرحلة لاحقة عن وجود تحويلات رسمية لمكاتب وزارة الخارجية في عدة عواصم أجنبية دون معرفة الغرض منها.
في 17 تشرين أول من عام 2011 رفض وزير الخارجية آنذاك محمد الصباح الزج باسمه وتقدم باستقالته مكتفيا بالقول إنه لا يعلم شيء عن تلك التحويلات لينتهي الأمر بحل المجلس وإسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد على وقع مظاهرات شارك فيها آلاف الكويتيين الذين رفعوا لأول مرة شعار الشعب يريد إسقاط الرئيس و ارحل يا ناصر .
قضية التحويلات استفادت منها المعارضة وهو ما ترجم خلال انتخابات 2012 بتحقيقها أغلبية مريحة تشكلت في الأساس من تحالف الإسلاميين وأبناء القبائل لتتمكن بذلك من استعادة رئاسة مجلس الأمة بعد نحو 10 سنوات من سيطرة الحكومة عليه.
ومع أولى جلسات مجلس 2012 أعلن عن تشكيل لجنة تحقيق بشأن الإيداعات المليونية وتم استدعاء عدد من المسؤولين وأبناء الأسرة الحاكمة وفي مقدمتهم محمد الصباح وزير الخارجية السابق لسؤاله فيما نسب إليه، وفي تلك الأثناء فاجأت المحكمة الدستورية الجميع في حزيران الماضي، بحكمها الذى قضى ببطلان حل مجلس 2009 ومن ثم بطلان مرسوم الدعوة لانتخابات 2012 ليعود المجلس السابق دون أن يتمكن من عقد جلسة واحدة لعدم اكتمال النصاب. وينتهى الأمر بصدور مرسوم أميري بحله للمرة الثانية، في 7 تشرين أول الجاري، ويحدد انتخابات مبكرة في الأول من كانون أول المقبل، ويعدل قانون الانتخابات بما يسمح للناخب بالتصويت لمرشح واحد بدلا من أربعة مرشحين كما كان في السابق.
وساعد الحكومة في سعيها لتعديل قانون الانتخابات، وجود بعض الاتجاهات التي تقر بأن قانون الانتخابات بصيغته القديمة لا يحقق العدالة بين الدوائر المختلفة وفقا للكثافة السكانية في كل منها.
ومع صدور مرسوم حكومي بضرورة تعديل قانون الانتخابات رفضت المعارضة تلك الخطوة معتبرة إياها عدوانا على الدستور متحججة بانتفاء حالة الضرورة فيما يتعلق بأمر تعديل قانون الانتخاب الذى يفترض أن يتم في ظل وجود المجلس وليس من طرف الحكومة وحدها لتدخل الأزمة مرحلة الصراع المعلن بعودة المظاهرات مرة أخرى إلي الشوارع في 21 تشرين الثاني الجاري، أسفرت عن جرح أكثر من 100 متظاهر و11 شرطيّاً. وارتفع سقف المظاهرات هذه المرة عبر رفعها لشعار لن نسمح لك في إشارة إلى خطوة الأمير بشأن إقرار مرسوم التعديل. الأزمة الحالية برأي المنسق العام للجبهة الوطنية لحماية الدستور وأحد أبرز قيادات اليسار أحمد الديين، هي من صنع السلطة التي تجاوزت الدستور وأصرت على انتخابات تم العبث بنظامها، وتجاهلت المطالب الشعبية المتمثلة في الانتقال للنظام البرلماني الكامل بوجود رئيس وزراء منتخب وتأسيس الهيئات السياسية والأحزاب بما يتيح تداول ديمقراطي للسلطة ينهى احتكار الأسرة للوزارات السيادية ورئاسة الوزراء مع ضرورة نيل رئيس الوزراء ثقة البرلمان .
واضاف الديين إنه يمكن حلحلة الأزمة على مسارين أولهما يتمثل في تخفيف الاحتقان القائم حاليا بتراجع السلطة عن مرسوم تعديل آلية التصويت الذى أصدرته وإجراء الانتخابات وفق النظام القديم وترك أمر التعديل للمجلس الجديد . أما المسار الثاني بحسب الديين فيتمثل في إزالة الاحتقان تماما وإنهاء الأزمة ويقتضى تخلى السلطة عن عقلية ونهج المشيخة الذى عفا عليه الزمن، وهو أمر يحتم حسم التناقض التاريخي بين نهج المشيخة ومطالبات التطور الديمقراطي وبدون ذلك ستظل الأزمة قائمة ومالم تتراجع السلطة فإن الاعتراض سيأخذ مسارات أكثر تفاقما وأبعادا يصعب التنبؤ بها .
ومن وجهة نظر استاذ العلوم السياسية، والمدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية شفيق الغبرا، فإن الكويت ذات التاريخ في مجال الديمقراطية والحريات والمجتمع المدنى تصل الآن الي مرحلة ما من التفاعل الأعمق يجعلها جاهزة لشكل من أشكال الإصلاح السياسي الذى لم يصل حتى الآن لمرحلة التوافق بين مكونات المجتمع ممثلة في الأسرة الحاكمة والمجتمع المدني والمعارضة والطوائف المختلفة .
وإذا كان الغبرا يرى أن المرحلة حبلى باتجاه الدفع للانتقال الديمقراطي فإنه يشخص ما يحدث بأنه خلاف على المنهج والأسلوب بين أكثر من مدرسة يحاول كل منها فرض رؤيته .
أما الأمين العام لمظلة العمل الكويتية أنور الرشيد، قال إن المشهد السياسي في طريقه لمزيد من الأزمات وغير بعيد عن الصدام مع تمسك الحركات الشبابية والتيارات السياسية بمواقفها ، مضيفا ستصطدم بالحكومة إن عاجلا أم آجلا .
أما أصل المشكلة فيعود من وجهة نظره إلى عدم رغبة الحكومة في المساءلة السياسية وانزعاجها من وجود برلمان قادر على ممارسة دوره التشريعي بشكل حقيقي بينما التيارات المعارضة تدفع باتجاه تقوية المؤسسة التشريعية .
واعتبر الرشيد التعديل الأخير يهدف إلي الحيلولة دون وصول شخصيات بعينها إلي مجلس الأمة من جديد .
أما حل الأزمة فيأتي عبر اقتناع الحكومة بالدستور الحالي فهي برأيه غير مقتنعة به أو بالممارسة الديمقراطية التي تكفل لعضو البرلمان محاسبة الوزير أو رئيس الوزراء وفق ما هو منصوص عليه في الدستور .
AZP02

مشاركة