خاشقجي ليس هو السر الأعظم – علي السوداني

مكاتيب عراقية

لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬قصة‭ ‬الموت‭ ‬المرعب‭ ‬لجمال‭ ‬خاشقجي‭ ‬ستنتهي‭ ‬قريباً‭ ‬،‭ ‬وستتم‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬سوّرتها‭ ‬ورافقتها‭ ‬،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭ ‬البائد‭ .‬

دعائياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬وحتى‭ ‬اقتصادياً‭ ‬،‭ ‬ظلت‭ ‬تلك‭ ‬القصة‭ ‬المثيرة‭ ‬للإشمئزاز‭ ‬والخوف‭ ‬،‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬شبهة‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬ثانية‭ ‬ولا‭ ‬ثالثة‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الفاعل‭ ‬هو‭ ‬دولة‭ ‬اسمها‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬أمر‭ ‬القتل‭ ‬قد‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬شخص‭ ‬واحد‭ ‬اسمه‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬،‭ ‬وعمله‭ ‬هو‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬المملكة‭ ‬ورجلها‭ ‬القوي‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ .‬

تركيا‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬الجريمة‭ ‬فوق‭ ‬أرضها‭ ‬،‭ ‬ظلت‭ ‬تتعامل‭ ‬معها‭ ‬باسلوب‭ ‬‭ ‬التقسيط‭ ‬المريح‭ ‬‭ ‬الذي‭ ‬يضرب‭ ‬ويينتظر‭ ‬حصاد‭ ‬الضربة‭ ‬،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬السعودية‭ ‬الضعيفة‭ ‬وغير‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬المحاججة‭ ‬والمرافعة‭ ‬،‭ ‬بتسديد‭ ‬فواتير‭ ‬الأسئلة‭ ‬المرمية‭ ‬فوق‭ ‬طاولتها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأتراك‭ ‬والأمريكان‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬،‭ ‬تبدأ‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬وأسئلة‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬لها‭ ‬صلة‭ ‬قوية‭ ‬بالحلب‭ ‬وبشكل‭ ‬العلاقة‭ ‬القائمة‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬الترك‭ ‬والسعوديين‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك‭ ‬ودواليها‭ .‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬الذي‭ ‬سيظل‭ ‬مفتوحاً‭ ‬طويلاً‭ ‬،‭ ‬اشتغلت‭ ‬أشرس‭ ‬وأخبث‭ ‬وسائل‭ ‬الدعاية‭ ‬والإعلام‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬إخفاء‭ ‬الدور‭ ‬التركي‭ ‬المفترض‭ ‬،‭ ‬والأسئلة‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تتصل‭ ‬به‭ ‬،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬تركيا‭ ‬كانت‭ ‬علمت‭ ‬بالمقتل‭ ‬منذ‭ ‬دقائقه‭ ‬الأولى‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬مخابراتها‭ ‬كانت‭ ‬تغطي‭ ‬كل‭ ‬مبنى‭ ‬قنصلية‭ ‬السعودية‭ ‬وبيت‭ ‬قنصلها‭ ‬باسطنبول‭ ‬،‭ ‬وان‭ ‬لديها‭ ‬كل‭ ‬مشهد‭ ‬الفلم‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬انه‭ ‬قد‭ ‬صنع‭ ‬بعناية‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬الأتراك‭ ‬كانوا‭ ‬اسقطوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬محطة‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬بئر‭ ‬الشبهة‭ ‬،‭ ‬عندما‭ ‬سربت‭ ‬جرائد‭ ‬قريبة‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬أردوغان‭ ‬،‭ ‬صورة‭ ‬خبرية‭ ‬تقول‭ ‬ان‭ ‬الأتراك‭ ‬كانوا‭ ‬يعلمون‭ ‬بتلك‭ ‬المؤامرة‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬ودخول‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬الى‭ ‬بطن‭ ‬القنصلية‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬الخطير‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬يتحدث‭ ‬أحد‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬،‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬تركيا‭ ‬تقف‭ ‬بموقف‭ ‬المتفرج‭ ‬ولا‭ ‬تقوم‭ ‬بمنع‭ ‬خاشقجي‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬الى‭ ‬القصّابخانة‭ ‬،‭ ‬وتالياً‭ ‬سماحها‭ ‬بمغادرة‭ ‬فريق‭ ‬الإغتيال‭ ‬الكبير‭ ‬بسهولة‭ ‬ويسر‭ ‬،‭ ‬تبعه‭ ‬مغادرة‭ ‬الشاهد‭ ‬الأعظم‭ ‬وهو‭ ‬قنصل‭ ‬المملكة‭ ‬لدى‭ ‬الباب‭ ‬العثماني‭ .‬

صار‭ ‬واضحاً‭ ‬جداً‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬رجب‭ ‬كان‭ ‬يعرف‭ ‬بالموقعة‭ ‬الفاجعة‭ ‬منذ‭ ‬لحظاتها‭ ‬الأولى‭ ‬،‭ ‬لكنه‭ ‬فضل‭ ‬السكوت‭ ‬وتقسيط‭ ‬الكشف‭ ‬وجلد‭ ‬ظهر‭ ‬المملكة‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬اليوم‭ ‬الى‭ ‬مرحلة‭ ‬تبدو‭ ‬نهائية‭ ‬جداً‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬مرحلة‭ ‬القول‭ ‬الفصل‭ ‬والخبر‭ ‬اليقين‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬شهرين‭ ‬ونصف‭ ‬الشهر‭ ‬على‭ ‬حدوث‭ ‬المصيبة‭ ‬!!!

سنجرب‭ ‬الآن‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬واقعة‭ ‬جمال‭ ‬خاشقجي‭ ‬كانت‭ ‬ثأراً‭ ‬وفخاً‭ ‬تركياً‭ ‬كبيراً‭ ‬نصب‭ ‬للسعوديين‭ ‬الذين‭ ‬أغرقوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬بمستنقعات‭ ‬فائضة‭ ‬لم‭ ‬يحسبوا‭ ‬نتائجها‭ ‬جيداً‭ ‬،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬تحت‭ ‬عباءتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬،‭ ‬كانت‭ ‬وضعت‭ ‬حركة‭ ‬الأخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬معناه‭ ‬بالعربي‭ ‬الفصيح‭ ‬أنها‭ ‬تعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬الاخواني‭ ‬رجب‭ ‬ارهابياً‭ ‬،‭ ‬فكيف‭ ‬تطلب‭ ‬منه‭ ‬اليوم‭ ‬السكوت‭ ‬ونسيان‭ ‬تلك‭ ‬الصفعة‭ ‬؟!

مشاركة