حورية في محكمة العدل الإلهية – قيس الدباغ

حورية في محكمة العدل الإلهية

قيس الدباغ

حورية طفلة في الخامس الابتدائي تأخرت بالالتحاق في صفوف الدراسة بسبب الهجمة الداعشية التي طالت 3 سنوات عجاف والدها قريب جدا من وصف ذوي الاحتياجات الخاصة  جسديا وحالتهم المعاشية لم تغادر البؤس منذ أن لامست عيناها النور وأمها ساقها نصيبها إلى الاقتران بهذا الزوج، وحورية اخت لطفلين آخرين وبهذا العمر الغض تقوم حورية بأعمال المنزل وتربية إخوتها لأن امها تحاول كسب الرزق عن طريق الخدمة في البيوتات ، قاد الحظ العاثر حورية للزواج من شاب وهي لم تتجاوز الاربعة عشر ربيعا ونظرا لضعف الحالة المعاشية تم تقديم أقل مايمكن لعائلة حورية من مستلزمات الزواج وفرحت الفتاة للخلاص من البؤس التي تعانيه ولكن خابت ظنونها فلقد قام الزوج بأخذ مصوغات زواجها على قلتها القليلة جدا وباعها في السوق ثم قامت حماتها ببيع أثاث غرفة زواج حورية المستعملة والمعاد صبغها بثمن بخس، وزوجها غارق في ملذاته حيث يعمل يوم في البناء ويستريح عشرة أيام والمسكينة حورية تقوم بكل أعمال المنزل وتخبز للجيران مقابل أجور زهيدة وفي الليل عند عودة الزوج ينهال على حورية بالضرب المبرح بسبب أو بدون سبب تغادر حورية إلى بيت ابيها شاكية باكية الظلم الذي تقاسيه ليلا ونهارا فما تلقى سوى عبارات أصبري وصابري وأن من حق الزوج ضرب زوجته لم تحظى البائسة بأي تعليم فتعود حائرة وعيناها تدور بالفضاء تبحث عن جواب لما تعانيه، عاد الزوج ليلا وانهال عليها بالضرب والسباب ولعن الساعة التي اقترن بها هرعت حورية والدماء تسيل من وجهها إلى إناء صغير لحفظ وقود مستلزمات الخبز وصبته على رأسها وأشعلت النار في جسدها لم تكد تصل المشفى حتى غادرت الحياة وفي بطنها جنين في الشهر السادس، طارت روحها إلى السماء ووقفت الملائكة محتارة ماذا تفعل بحورية المنتحرة والقاتلة لجنينها؛ تم على الفور عقد جلسة محاكمة وجيئ بالفتاة المحروقة يغطي جسدها الدخان الأسود وملابسها ملتصقة بجلدها جلس الحاكم ينظر لحورية وعلى يمينه الإدعاء العام المسمى القصاص ثم صاح الحاكم  أين محامي الدفاع وقفت مجموعة كبيرة من المحامين متوشحين بثياب بيضاء ، قال الحاكم من انتم أجابوا بصوت واحد  نحن الرحمة ياسيادة  الحاكم نطلب من عدالتكم إطلاق سراح حورية فورا وإرسالها إلى جنائن المظلومين حتى تقوم الساعة ويرث الله الأرض كما نطالب من عدالتكم أن تثبتوا حكمكم من الآن على كل من سعى بمظلومية حورية من مفكرين ودعاة وحكام سرقوا الفرحة من حياة حورية وأمثالها ونؤكد اتهامنا على كل من سمع بظلمها ولم يحرك ساكنا وعلى كل من البس ثوب الظلم لباس الحق   وقال هذا من عند الله وهو ليس من عنده وكل من رسخ تلك المفاهيم في عقول الناس وكل من سمح بزواج القاصرات وكل من سرق قوت الفقراء ، وخرب أفكار العباد وعاث فسادا بالبلاد هنا ضجت القاعة بأصوات الله أكبر إن رحمة الله وسعت كل شيء، انعطف الحاكم إلى جهة القصاص وقال اتلو ادعائك ، وقف القصاص وعيناه تدمع وقال أضم صوتي إلى صوت الرحمة واطلب من عدالتكم تثبيت التهم والجرائم على كل من ورد إسمه في طرح الدفاع، غادرت حورية بثياب بيضاء نقية واجنحة نورانية إلى جنة المظلومين تحتضن جنينها والملائكة تسبح وتمجد لله الواحد القهار وجاء من السماء السابعة صوت كأنه الرعد ألا يعلمون بأن الله يرى
القصة حقيقة في بدايتها أما النهاية فعلمها عند الله ويقينا إن النهاية لن ولم تبتعد عن عدالة الحق.
مشاركة