جمعة اللامي يبث همومه بلا صدى **
رسائل متبادلة ترسم صورة المبدع مغترباً**
زيد الحلي-بغداد
لمن اقدم أعتذاري؟
هل اقدمها لصديقي الذي أتمني على رسائل شخصية، وفيها حاكاني مثلما يحاكي ذاته ، ام اعتذر من نفسي التي ارغمتها على بوح ماهو شخصي وصلها الى العامة؟ حرّت بالاجابة، لكني على قناعة تامة، بأنه ينبغي ان تتوارى الذات وراء الموضوع.. وتتحد آلام الفرد بآلام المجموع، ويصبح الشأن الشخصي وسيلة للتعبير، عما هو عام وضروري ومعقول.. فقضية القاص المبدع الصديق جمعة اللامي، لم تعد مسألة شخصية تتعلق بحالة معينة، بل هي اعمق واشمل، وفي مجملها تعطي صورة بانورامية، تجسد الشد والجدب بين دولاب المسؤولية، فهناك من يوعز بتنفيذ ماهو عالق، وهناك من يجذر هذا العالق، متعكزاً على رؤية ضيقة، لاتستقيم مع الصورة الشمولية المراد معايشتها وسيرورتها.
لن اطيل، وها أنا ، اشرك القارئ في متابعة ما كتبه لي صديقي الاثير جمعة اللامي، الذي آمل ان يتسع صدره لنشري رسائله الشخصية، وقلم اللامي لا تعبير غامض في كتاباته، او حالم، او مغلف بالسحاب.. بل فيه وضوح قاس، عنيد ودقة موضوعية، لا يمكن ان يساء فهمها.. كلماته كالسيف لا يمكن ان تحمل معنيين.. تستبعد العرضي لتستخلص الضروري.
فماذا كتب اللامي
إمارة الشارققة
الخميس 18»4»2013
أخي العزيز الأستاذ زيد الحلي
شكرا لك ومن خلالك اتقدم بالشكر والعرفان الى زميلاتي وزملائي جميعا، الذين وقفوا معي في أثناء الجائحة الصحية التي ضربت جسمي منذ صيف سنة 2011.
أكرر شكري لك عزيزي، وأود ان اخبرك انني سأكون في عمّان ـ الأردن، إعتبارا من يوم السبت المقبل 21 نيسان الجاري، نزيلا على مركز الأميرحسين بن عبدالله لأمراض وجراحة الكلى وزراعة الأعضاء ، بمبادرة من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة ـ عضو المجلس الأعلى لدولة الأمارات العربية المتحدة
لقد قام هذا الأنسان العروبي ـ الذي يفتخر ان أجداده قدموا من سامراء العراق الى الساحل الشرقي للخليج العربي ـ بهذا الموقف الاخوي بعد ان سمع بتردي وضعي الصحي في مثل هذا الوقت من سنة 2011، بالأتصال الهاتفي معي من منزله الشحصي على منزلي، بعد ان قيل له في مستشفى القاسمي، انني غادرت الى هذا المستشفى الى داري بهذة الأمارة العربية، فقد كان ينوي عيادتي وأنا على فراش المرض.
كان سلطان على الخط الآخرللهاتف، من منزله الشخصي، عند الساعة الثالثة عصرا، يتكلم اليّ على طريقة أهلنا العرب الأخيار، ليقول لي الله في السماء فوقنا جميعا هو الذي يحمينا ويسدد خطانا، وانا اقول لك انني اقف معك، أخا وصديقا، ولو إقتضى ذلك تجاوز آخر أفق على كوكب الأرض .
لقد قال هذا الكاتب والمحقق والمسرحي والاستاذ الجامعي، بهذا الموقف، بعد ان أعاد على مسمعي ـ كعادته المعروفة لدينا ـ بعض ما قدمه الأدباء والمثقفون والأعلاميون العراقيون، للمشهد الأدبي والثقافي والأعلامي بدولة الأمارات العربية المتحدة، متذكرا اسماء بعينها من هذه النخبة العراقية المعروفة.
أخي العزيز
لقد استقبل الادباء والمثقفون العراقيون، موقف سطان هذا.. بالتقدير والأعتزاز، مقرونا بالدعوة الى ان يحتذي أهل السلطة الحالية بالعراق، بموقف هذا الأديب العروبي حيال رموز ثقافتنا، رغم علمهم ـ بالتجربة المحسوسة ـ أن هؤلاء مشغولون بإهتمامات أخرى أتعفف عن ذكر بعضها وأنا اكتب اليك هذه السطور، لكن محدثي النعمة هؤلاء لم يستمعوا الى تلك المطالبات المنشورة في عدد من وسائل الأعلام العراقية والعربية.
أخي العزيز
أنا اشعر بالخيبة والمرارة، بل بالأشمئزار، جراء هذا الموقف الحكومي المشين، لا سيما اذا ما صدر وهو صدر فعلاً عن وزارة الثقافة في العراق مع الأسف الشديد، بحقي شخصيا.
إن في فمي دما وصديدا ـ أخي زيدا ـ جراء مواقف هذه الوزارة حيال مشكلات عدد من المثقفين العراقيين، وليس ماءً فقط، ولكنني لا أكتبه في وسائل إعلام غير عراقية، خشية ان أخدش حياء العراق، فلقد إقتنعت منذ العقد السادس من القرن الماضي، أن الحديث عن اي مسؤول عراقي، خارج العراق، ربما يتحول الى خدش لسمعة هذا البلد الذي أكرمه الله بإرادات ثقافية وأدبية وفنية وإعلامية، يشهد الجميع لأسماء أصحابها بالذكر الطيب على مر الأيام والليالي.
شكرا لك لأنك فرشت أمامي للحديث اليك، وأنا بين يدي العراق.
وتقبل تحياتي الأخوية، وأرجو ان تبلغ زملاءنا جميعا ، سلامي ومحبتي لهم، في هذا الوقت الذي أحضر نفسي فيه للإمساك بذكرى نسائم العراق الذي طينه كافوري، وماؤه يحييني، وذكراه تبعد اي وصب عني.
ليس بعد الله،
إلاّ العراق.
هيهات من العراقيين الذلة.
اخوك»جمعة اللامي
إمارة الشارقة
الخميس 18»4»2013
وفي رسالة ثانية ارفق ليّ صديقي اللامي رسالة د. نوفل ابو رغيف، اعيد نشرها وهي موجدودة في مكان آخر من هذه الوثائق..
اما رسالتة الثالثة، فقد عكس اللامي فيها، رسالة سبق ان بعثها لوزير الثقافة، هذا نصها
اخي العزيز زيد
تجد بعد هذه الكلمات، رسالتي الى وزير الثقافة، حول السلوك غير المسؤول لوكيل الوزارة بصدد موضوع علاجي .
مع التقدير
اخوك»جمعة اللامي
20»4»2013
الشارقة 17 ـ 9 ـ 2012
الأخ الدكتور»سعدون الدليمي المحترم
وزير الثقافة ــ بغداد
تحية طيبة
بالإشارة إلى كتاب وزارة الثقافة رقم 11924 ، بتاريخ 3»6»2012م. و كتاب مكتب السيد رئيس مجلس الوزراء العدد م.ر.ن »35»31»509 بتاريخ 12»1»2012م، بخصوص تكفل الدولة العراقية نفقات علاجي كافة خارج العراق….،،
أضع أمام معاليكم النقاط التالية
أولاً
إن قرار السيد رئيس مجلس الوزراء قرار سيادي مطلق . كما فهمت من نصه، وكما ورد ذلك في المتابعات التي رافقت صدوره ونشره في وسائل الإعلام العراقية والعربية.
وهذا يعني أن الدولة العراقية تتحمل نفقات علاجي، منذ تاريخ صدور كتاب مكتب رئيس الوزراء، وأثناء العملية الجراحية، وبعد العملية الجراحية بالفترة الزمنية التي يقررها الأطباء المعالجون، لا سيما في صدد الإجراءات المتبعة في عمليات زراعة كلى .
ولاحظت أنا ذلك شخصياً في ملاحظاتكم الخطية على الرسالة التي رفعها إليكم المدير العام لدائرة الشؤون الإدارية»وكالة، بتاريخ 25»4»20212م.
ثانياً
1ـــ إن رسالة وزارة الثقافة الموقعة من قبل السيد وكيل الوزارة، المشار إليها أعلاه، خصصت المبلغ المذكور، بناءً على إمكانية ميزانية هذه الوزارة ، كما جاء في السطر الأخير من تلك الرسالة.
وبذلك تحول قرار رئيس مجلس الوزراء بصدد علاجي، إلى قضية أخرى تماماً، كما سأشرحه لمعاليكم لاحقاً.
2ـــ إن رسالة السيد الوكيل أجملت المبلغ المذكور بتكلفة العملية الجراحية بالإضافة إلى
الـ 5 ملايين دينار المكافأة الخاصة بي المخصصة لي من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء، والتي هي خارج تكاليف العملية الجراحية.
لـ 10 آلاف دولار أمريكي، وهي الهدية التي ينبغي أن أقدمها الى مانح الكلية.
نفقات النقل والإقامة لمانح الكلية، و لمرافقيّ الإثنين، اي مانح الكلية وزوجتي.
وهكذا، فإنه إذا ما يتبقي من المبلغ الذي خصصته الوزارة شيء إنْ يبقي منه شيء فعلا، بعد هذا الإيضاح ، فانه لا يمكن أن يقبل به كل من يعرف متطلبات إجراء عملية جراحية معقدة في بلد اوروبي، كـعملية زراعة كلية في بلد مرتفع مستوى المعيشة مثل ألمانيا.
ثالثاً
لقد تفضل الأخ الوكيل، مشكوراً، بالتحدث ّ الّيَّ هاتفياً أثناء ما كنت في وطني، في أيار سنة 2012م، وفصلت على مسامعه هذه الفكرة الملخصة بين ايديكم الآن، ورجوته أن يعتبر الموضوع منتهياً من طرفي، و أنني أعتذر عن عدم قبول ذلك المبلغ، لأني لا أريد أن أحرج نفسي، ولا أريد لوزارة الثقافة العراقية أن تظهر بمظهر آخر لها، لا يليق بها وبتاريخها وبسمعتها… أبداً.
معالي الأخ الوزير
أريد قبل أن أنهي هذه الرسالة، أن أشكرك على موقفك، الذي نقله اليَ الأخ الصديق نوفل أبو رغيف المدير العام لدار الشؤون الثقافية، و الذي أبلغته أنا شخصياً الى السيد الوكيل، بأن موقفكم الأخلاقي والمعنوي، وإهتمامكم بوضعي، لا سيما في رسالتكم الى رئيس مكتب مجلس الوزراء.. هو موضع تقدير واحترام من قبلي، ومن الذين اطلعوا عليه من اصدقائي العراقيين والعرب والاجانب .
أما موقفي ـ معالي الوزير ـ من موقف وزارة الثقافة، كما ثبته الأخ الوكيل، وحصره في مكانية هذه الوزارة ، فهو كما يلي
1ــ بارك الله له في جهده، الذي اعزوه الى حرصه، او الى حداثة العهد بالاستجابة الى مثل هذه القضايا.
2ــ إن الرسالة المذكورة التي وصلت اليَّ ممهورة بختم الاخ الوكيل، حولت القرار السيادي الذي اتخذه رئيس مجلس الوزراء، الى قرار اداري روتيني ، ولم ترتقِ بـ وزارة ثقافة ذاتها الى حيث ينظر اليها الراي العام الوطني والخارجي. بل ان تلك الرسالة لم تكن حتى على مستوى قرارات مماثلة صدرت في العهود العراقية السابقة، حيال الوضع الصحي لعدد من رموز الثقافة والفن والاعلام في بلادنا.
3ــ ان وزارة الثقافة في البلدان ذات التاريخ الثقافي المرموق، والعراق في مقدمتها طبعا، هي راية تلك الدول وعينها الصافية على العالم وشعوب هذا الكوكب.
4ــ ولكن لأن قرار الوزارة بتحديد المبلغ المذكور، هو بحدود ميزانية هذه الوزارة ، كما يكتب الاخ الوكيل، وهي كما يبدو لي ميزانية فقيرة، وليست على المستوى الخاص للثقافة العراقية وتاريخها، فإنه يعني لي، أن المبلغ المذكور يتحول إلى منحة علاج خاصة يمكن أن أضيف اليه أنا من جيبي ما يترتب عليَّ لإجراء تلك العملية الجراحية في اوروبا.
5ــ وكما تعلم، معالي الوزير، هنالك فرق بين القرار السيادي و المنحة العلاجية الخاصة .
ودمتم بخير وأمان… مع تقديري الشخصي.
/5/2013 Issue 4492 – Date 1 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4492 التاريخ 1»5»2013
AZP09