جاهلية أم همجية ؟ 1
العنف ضد المرأة
الكثير من العادات والتقاليد التي يرتبط بها المواطنون في المجتمع ادت الى ان يكون مستوى الوعي لديهم بما يخص العنف ضد المرأة محدد وقليل والسبب الآخر هو الاعراض العشائرية ومستوى التعليم والسلوكيات الخاطئة باسم الدين والمستوى المعيشي والاقتصادي والانغلاق وعدم الانفتاح على ثقافات الشعوب ودور المرأة في بناء مجتمعاتهم وتسليط الضوء على دورها في التنمية والاقتصاد في المجتمعات الاوربية بالاضافة الى كونها زوجة وام في نفس الوقت وصاحبة قرار سياسي لدى هذه المجتمعات، وهناك اسباب اخرى ادت الى تعنيف المرأة في مجتمعنا هو ضعف تطبيق القوانين والمعاهدات الدولية التي تنادي بعدم التمييز ضد المرأة باعتبار مجتمعنا ذكورياً وسلطوياً..
العنف ضد المرأة يتخذ اشكالا معدودة، منها العنف الجسدي والعنف النفسي والعنف الجنسي، فالعنف يبدأ بفعل بسيط لينتهي بالقضاء على المرأة، فالعنف الجسدي يتمثل بأي اساءة موجهة لجسد المرأة من لكم، صفع، ورمي بالاجساد الصلبة وايضا استخدام لبعض الآلات الحادة للتهديد باستخدامها بالنسبة للعنف النفسي والعاطفي والذي من شأنه التقليل من اهمية المرأة من خلال اطلاق بعض الشتائم والالقاب عليها ونعتها بصفات لا تليق بكائن بشري، فالسب والشتم والتهميش والحجر والاهمال كلها اشكال للعنف الموجه ضد المرأة وهذا يعرف بالعنف النفسي فضلا على انه سلوك يعمل على منع المرأة من ممارسة اعمال ترغب بالقيام بها مثل التعليم او الخروج للعمل او التزويج، اما بالنسبة للعنف الجنسي فالكثير يعدونه الاغتصاب، الا ان الاغتصاب هو احد اشكال العنف الجنسي ضد المرأة والعنف الجنسي هو اي فعل او قول يمس كرامة المرأة ويخدش جسدها من تعليقات جنسية سواء في الشارع ام عبر الهاتف او من خلال محاولة لمس اي عضو من اعضاء جسدها دون رغبة منها بذلك.
فالعنف ضد المرأة موضوع متشعب واسبابه كثيرة ومن هذه الاسباب هو نظرة المجتمع للعنف الواقع على المرأة من خلال نظرته للمرأة نفسها فكيف يرى المجتمع المرأة وكيفية التعامل معها وهل المرأة كائن انساني ام انها شيء آخر لم تحدد هويته بعد؟ بالرغم من التطور التكنولوجي وبالرغم من وصول المرأة الى درجات عليا على الصعيد العلمي والعملي وحتى على الصعيد السياسي الا ان النظرة مازالت كما كانت عليه، بل اصبح العنف ضدها بازدياد واكثر من السابق بسبب ظهور بعض التيارات الدينية المتطرفة والردة التي وقعت في المجتمعات العربية بسبب القراءات الخاطئة في النصوص الدينية وممارسات هذه التيارات المتطرفة للعنف الموجه ضد المرأة من اغتصاب وسبي بالاضافة الى تغليفها بالعباءة والخمار وبيعها في سوق الرق وعدها غنيمة من غنائم الحروب.
كل هذه ممارسات لا انسانية ونحن في القرن الحادي والعشرين فوسائل التطور التكنولوجي لم تستطع ان تغير المجتمع ومن نظرته للمرأة بل على العكس اتاحت هذه الوسائل كالنت والفضائيات الاسلامية من نشر الخطابات الدينية المتطرفة ضد المرأة وتعنيفها وتهميشها وجعلها في خانة الجنس والانجاب ورهينة الواجبات البيتية وابقت هذه الخطابات المرأة في نظر المجتمع هي الطرف القاصر والاضعف حتى وان كانت متعلمة. فيرى المجتمع ان من حق الزوج استخدام الضرب لتأديب زوجته وحق الاخ بتأديب اخته ومنعها من مزاولة حقها في التعليم والخروج من البيت بل حتى يتدخل بطريقة لبسها، فالمرأة في مجتمعنا اداة لرفاه الرجل لضمان راحته وتأمين متطلباته فقط بدون اية حقوق لها في الحياة.
وللعنف آثارعدة مع المرأة كانسانة من هذه الآثار هي عدم الثقة بالنفس وعدم الشعور بالامان بالاضافة الى عدم القدرة على تربية اطفالها واحيانا يكون العنف حافزا قويا للخلاص من الحياة عن طريق الانتحار باعتبار ان الحياة في نظر المرأة المعنفة اصبحت سوداوية فاقدة للامل او تصبح المعنفة شخصية عدوانية وكارهة للمجتمع ففي الآونة الاخيرة اخذ موضوع العنف ضد المرأة حيزا كبيرا ما بين منظمات المجتمع المدني وركزت على كيفية محاربة العنف ضد المرأة الا ان هذه الجهود لم تتمكن لغاية الان من تغيير نظرة المرأة الى ذاتها كأنسان له الحق في العيش بأمان فهناك عدد من العوامل وراء ميول المرأة للعنف وقبولها للعنف يلعب دورا كبيرا في تقبلها للعنف الواقع عليها والقبول للعيش مع شخص يهينها ويعنفها، ومن هذه العوامل خلفية المرأة الاجتماعية الداعمة لسيطرة الرجل على المرأة وعدم تمكين المرأة من اتخاذ قرارها والانهزام والتنازلات في الحقوق فضلا عن سقوط القيم وتهشم المدركات واهتزاز الثقة بالنفس ومع مرور الوقت تعتاد الضحية على الاهانات بل حتى وصول المرأة المعنفة بالاعتقاد ان العنف الذي يوجه لها والهيمنة عليها هو حق طبيعي للذكر وهكذا تتوارث الاجيال قيم الخضوع والذل والاستكانة مما يؤدي بالمرأة الى تهميشها وجعلها فردا ثانويا ليس له قيمة او اية حق من حقوق الانسان بالاضافة الى وجود عوامل اخرى موجودة في المرأة نفسها لتقبل العنف وهو الصمت على العنف الذي يزاول ضدها وعدم ثقتها بالقوانين التي تشرع لحماية حقوقها لان المجتمع الذكوري في رأيها اكبر من اي قانون والمتسيد على هذا القانون هو ذكر يتعاطف مع اخيه الذكر ولا ينصف المرأة لان ثقافته ذكورية بحتة هذا بالاضافة الى تبعيتها لاقتصاد الرجل من حيث السكن والمعيشة فتعطيه الحق في تعنيفها وهناك مشكلة اخرى هو خوف النساء المعنفات من اللجوء الى المحاكم دون استكمال القضية وحلها وديا حيث لا توجد عقوبة رادعة للعنف ويمكن ممارسة سلطاته لسحب الدعوة وان معظم هذه القضايا تسقط باسقاط الحق الشخصي وتخرج المرأة خاسرة مما لا يشجع غيرها على القيام بهذه الخطوة وفي حالات سجن المعنف تواجه المشتكية ضغوطا كبيرة تحول دون استمرارها في الشكوى لكونه المصدر الوحيد للدخل او ان تمارس عليها ضغوط من اهلها ومن المقربين كون شكوى المرأة على زوجها او اخيها من المحظورات في المجتمع وقد توصم بالعار طوال حياتها نتيجة لاستخدامها لهذا الحق او حتى تقتل احيانا انتقام.
ماجدة البابلي – بغداد