
ثورة ضد العسكر ثم ثورة على الإخوان ثم…؟
فاتح عبدالسلام
شقَّ الدول والأحزاب والكونغرس الأمريكي والاتحاد الأوربي ثم شقَّ فئات الشعب المصري، ذلك المصطلح الذي تداولته الألسن والإذاعات والصحف يوم الثلاثين من حزيران الماضي كأنه يقال أول مرّة، وكأنَّ أبو أسود الدؤلي أحياه اللّه ليجترح مصطلح الانقلاب العسكري ثم أماته مع سيبويه وزملائهما في المهنة اللغوية العويصة. لم يعد الوضع السياسي يتحمل عقلانية من أي نوع. وأتذكر الأمريكان وأذنابهم أكثر منهم كانوا متأثرين وحائرين وغاضبين كلما يكتب عراقي عن الاحتلال الأمريكي، من دون أن يريدوا الاعتراف بأنَّ الاحتلال صيغة قانونية دولية لها مستحقات ودلالات وسياقات وعلاقات عمل ومن ثم هنالك حقوق مترتبة على مفردة الاحتلال يجب أنْ يلبيها المحتلون إزاء الشعب الذي وقع عليه فعل الاحتلال.
ويبدو أن الأمريكان حظوا بمساعدة مَنْ ينتسب إلى الجنسية العراقية الذين كانوا لهم الغطاء في تضييع حقوق العراقيين المترتبة من صيغة الدولة المحتلة على وفق القانون الدولي.
اليوم، خصوم التيارات الإسلامية والإخوانية يرفضون مصطلح الانقلاب العسكري ولكلٍ أسبابه في الرفض، حيث يرفض الأمريكان تطبيق المصطلح الانقلابي على ما حصل في مصر لأنه يتقاطع مع موافقة الكونغرس على تقديم المنحة السنوية البالغة ملياراً ومائتي مليون دولار. فلا يجيز الدستور الأمريكي تقديم منحة لحكومات جاءت عبر الانقلابات وهي مسألة لا يستطيع الرئيس اوباما الاستعجال في التعاطي معها. أمّا الخصوم في داخل مصر فيرون إنها ثورة وسبق أنْ عرّفوا ما حصل في 25 يناير بأنّّه ثورة أيضاً وكان ما حصل عام 1952 ضد الملك فاروق ثورة ثم تناسلت عنها كل الحكومات العسكرية في خلال ستين سنة.
تثبيت مصطلح الانقلاب العسكري هو أكثر ضماناً لحقوق المصريين في فرض استحقاقات التحول إلى المرحلة المدنية عبر أدوات ديمقراطية وفي صيغ محددة منها مدة الفترة الانتقالية والدستور الدائم والانتخابات المبكرة وسواها. ومن ثمَّ إلزام العسكر بحماية المكتسبات الديمقراطية.
المفروض أن يجري الانتقال سريعاً إلى الحالة المدنية في الحكم وأن لا يبقى الأمر كله سائباً وخاضعاً لتضادات التجاذبات السياسية حيث تبدو مصر الآن كأنها كلّها تقوم بثورة ضد الإخوان فقط وتنسى إنها قبل أكثر من سنة كانت عبر الشوارع تقوم بثورة ضد حكم العسكر ونظام مبارك. فهل تعود مصر إلى اهداف ثورتها ما قبل الإخوان أم إلى اهداف ثورتها على الإخوان فحسب؟
FASL

















