ثمن كلمة لا
فاتح عبدالسلام
لا معنى للدعوة الحكومية الرسمية لرفض ثقافة سيادة السلاح بيد المليشيات بعد عشر سنوات من إطلاق يد المليشيات علناً أو سراً، والتغطية على أمرائها وتجارّها وعملائها لأسباب سياسية وانتخابية وشخصية وتجارية واستخبارية وإقليمية ودولية، ومن ثم رعايتها مباشراً وغير مباشر لتنفيذ عمليات مسلحة لأسباب تندرج في إطار التدخل في شؤون دولة أخرى حتى لو وافقت حكومة سوريا على ذلك. إذْ كان من المفترض أن تكون حكومة في العراق تقف ضد التدخل الخارجي، فما هو الفرق بين روسيا التي تسّهل إرسال الشيشانيين لخلط الأوراق في سوريا وبين التصرف العراقي؟
حين يمتلك أيّ مسؤول أو جهة حاكمة ولها صلاحيات، إرادة النطق بكلمة لا، لكل هؤلاء الأوباش وحواضنهم ومعظمها خارجي، يكون للتصريحات معنى مفيد، وإلاّ فإنَّها نوع من الملح الذي يرش على جراح نازفة.
قول كلمة لا بصراحة لمن يقتل ويفجّر لأسباب الفتنة الطائفية، ليس سهلاً وله ثمن باهض ويجب أن تقال في جملة محددة المعنى. أليس للمسؤولية ثمن يجب دفعه لمن أقسم بأغلظ الأيمان أنْ يكون وفياً للعراق ومخلصاً له وحامياً لشعبه؟ وهذا هو وقت دفع الثمن. قولوا لا لمن تعرفونهم وهم جميعاً وأجزم جميعاً، ليسوا أشباحاً وإنما هي جهات معروفة، غير إنّها تمكّنت من زرع الخوف في قلوب السياسيين المسؤولين لذلك يصول عملاؤهم بحرية في العراق يفعلون ما يشاؤون تحت أغطية وعلى المكشوف أيضاً.
الحملات الأمنية ما أكثرها، وهي مكروهة ومتجاوزة لحقوق الإنسان ومليئة بالمخالفات القانونية والدستورية والأخلاقية أيضاً، لكن لنمش معها قليلاً، ونتساءل لماذا تتجاهل هذه الحملات مناطق في وسط بغداد كانت ولا تزال مرتعاً للمليشيات وأوكار مخابرات أجنبية لا تخفى على أحد، في حين بات معروفاً أنّ تجريد أية حملة عسكرية أو أمنية إنما هو استهداف لفئة أو جهة أو مدن وقرى معينة، والشواهد بالمئات وفي متناول أي جرد إحصائي لحملات الحكومة على ما تسميه إرهاباً وهو يلعب ويلهو ويتمتع بالامتيازات الرسمية وغير الرسمية قريباً من مكاتبها في المنطقة الخضراء؟
لكلمة لا ثمن.. وليس يليق إلاّ بأصحاب الإرادات من رجال العراق عبر تاريخه كلّه.
AZP20