ثروة كردستانية مهدورة – باسل الخطيب
كان سائقو خط بغداد عمان يحصلون على دخل مضاف من خلال تهريب مصارين المواشي، إلى العاصمة الأردنية عمان، لأن هنالك من يستفيد منها في صناعة خيوط العمليات الجراحية وأوتار الآلات الموسيقية وغيرها من الأمور النافعة.
تذكرت ذلك وأنا أشاهد ظاهرة سلبية في مدينة السليمانية، لا تشكل خطراً على الصحة والبيئة حسب، بل وتعد هدراً لثروة مهمة بالإمكان استثمارها للحصول على مزايا اقتصادية وبيئية جمة.
فقبيل الوصول إلى منطقة قريبة من الساحة التي تباع فيها الحيوانات (الجوبة)، على طريق منطقة (عربت)، جنوب شرقي مدينة السليمانية، تفوح رائحة نتنة نفاذة نتيجة رمي فضلات الذبائح، من جلود وأصواف وأحشاء داخلية، في العراء مباشرة، بعيداً عن أي رقابة صحية أو بيئية، ويقوموا بعدها بحرقها بنحو منفر ومقزز ومضر بالبيئة، بحجة عدم وجود من يستفاد منها، برغم ما لتلك الجلود والأصواف والأحشاء من قيمة صناعية واقتصادية مهمة.
الغريب أن الجهات البلدية أو الرقابية في مدينة السليمانية، غائبة تماماً عن تلك المأساة الصحية والبيئية والاقتصادية في آن معاً، لاسيما أن زحف المجمعات السكنية وصل إلى مشارف المنطقة التي توجد فيها تلك (الجوبه)، وأن غالبية أهالي المدينة والمسؤولين يعرفونها جيداً!!!
إن تلك الجلود والأصواف والأحشاء، يمكن أن تشكل ثروة مهمة إذا ما تم استثمارها، وتحويلها إلى مواد يمكن أن تدخل في صناعات جلدية أو نسيجية أو صحية أو زراعية وغيرها، من خلال وجود آلات أو وحدات أو معامل بسيطة تؤمن معالجتها أولياً، من خلال غسل الأصواف، وتنظيف الأحشاء، وعزل الجلود وتهيئتها تمهيدا لتصنيعها محليا أو تصديرها كمواد خام، ما يؤمن مبالغ جيدة تدعم الاقتصاد المحلي وتمنع هدر تلك الثروة فضلاً عن حماية البيئة.
ترى أليس بالإمكان تنظيم عمل تلك (الجوبه) وتجهيزها بأماكن جزارة نظامية، على غرار علوة بيع الخضروات والفواكه مثلاً، وضمان التخلص من فضلاتها بنحو سليم يحقق الاشتراطات الصحية والبيئة، ويضمن الاستفادة منها لاحقاً؟! وإلى متى يستمر هذا الهدر للثروات في مدينة تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة ومعروفة؟!
إن تنفيذ مشروع (جوبه) نظامية لا يكلف كثيراً، لاسيما إذا ما أحيل للاستثمار، على وفق اشتراطات تحقق المطلوب صحياً وبيئياً واقتصادياً وحضارياً، بل أنه يمكن أن يحقق للمدينة، كما إقليم كردستان، مورداً اقتصادياً هما في أمس الحاجة إليه، والأهم أنه يخلص السليمانية من تلوث خطير ومنظر بشع فضلاً عن المخاطر الصحية.
حرق مقرف
ترى متى يدرك من يعنيهم الأمر في السليمانية وإقليم كردستان بعامة، أن الجلود والأصواف والأحشاء الحيوانية التي ترمى ومن ثم تحرق في العراء بنحو مقرف، بحجة عدم وجود من يستفاد منها، ربما ليس في السليمانية حسب، بل وأيضاً في مدن كردستانية أخرى.. تشكل قيمة صناعية واقتصادية مهمة، وفرصة جديدة لتشغيل مئات العاملين، ناهيكم عما لها من أثر إيجابي على المدينة والإقليم، ومن غير المعقول ولا المقبول هدرها، فيما يتباكون نتيجة شحة الموارد وعدم وجود التخصيصات.. فهل من مبادر لاستثمار تلك (الكنوز).. قولوا إن شاء الله.