توقيع

توقيع
وضوح روسيا وغموض أمريكا
فاتح عبدالسلام

أظهر حلفاء الحكم في دمشق وضوحاً عالياً في المواقف علي طول خط الأزمة، حيث تحدثت روسيا والصين بلسان “فصيح” في رفض أيّ عقوبات أو إدانة أو قرار دولي ضد الحكومة السورية، وذلك علي وتيرة واحدة من قوة الرفض وقوة الدعم المعنوي والمادي. ولعلّ وضوح الموقف الروسي حتي هذه اللحظة هو مفاجأة لكل مَنْ بني أحكامه علي التاريخ الأسود للروس في التخلّي عن حلفائهم وملاحقة الصفقات الرابحة. في حين إنَّ مواقف المعسكر الدولي الآخر تعاني من غموض وتذبذب بما لا يتيح اطمئناناً لدي المعارضة السورية ذاتها في التعويل عليها، بالرغم من إنّه لا خيار لها سوي ذلك التعويل في ظل تذبذب آخر تعاني منه الجامعة العربية.
ويمثل الموقف الأمريكي مثالاً في عدم الوضوح، ومن الصعب قراءته إلاّ من خلال زاوية حشر الرئيس باراك أوباما نفسه في مضمار السباق الانتخابي ورهن كلّ شيء بخيارات الترشيح بما لا يوفر موقفاً أمريكياً يستحق الإشارة إليه سلباً أو إيجابياً في الميزان الدولي من الأزمة السورية المشتعلة.
واشنطن التي اندفعت مبكراً نحو خيار العقوبات الاقتصادية ضد دمشق، كانت تداري ما تعانيه من عجز عن أي خيار آخر وربّما كانت تلتمس اعفاءها من أي خيار مختلف. بل لعلّها ذهبت عبر أوباما إلي تصريحات عالية السقف مبكراً أيضاً من دون أن تستطيع أن توفر غطاء يحمي أو يوفر أفقاً لتنفيذها كما في دعوتها إلي تنحي الرئيس بشار الأسد وقد قبضت مقابلها الريح فوراً. وهي الآن، تعود من خلال تكرار أن الحل المطلوب في سوريا هو سياسي من دون أن تفسر التغيير المفاجئ في موقفها الذي جاء يحمل معني الخسران والذلّ بعد الفيتو الثاني من موسكو وبكين. والأهم في ذلك هو إن واشنطن لا تفسر للعالم معني الحل السياسي الذي تنشدهُ لا سيما إنّها لا تذهب باتجاه وجهة النظر الروسية التي تريد الحل السياسي أيضاً. فماذا تعني، ولمن توجه خطابها الآن. وما معني أن تحذر كلاً من روسيا والصين من إنّ التحالف مع دمشق خيار خاسر ثم تصرّ هي علي إنّ الحل السياسي هو الأساس، وهي ذاتها دعوة الروس أيضاً. فأين المشكلة يا أمريكا، فإذا لم يكن لكم لسان واضح خاص بكم فلا تورطوا أحداً بغموضكم وضياعكم أو تعلّموا الكلام بـ «الروسيّة» حتي ولو علي كبر!
وضوح حلفاء النظام السوري انتصر علي غموض أعدائه، ولعل المعارضة، وقبلها الشعب السوري كلّه، أول الخاسرين.

/2/2012 Issue 4116 – Date 7- Azzaman International Newspape

جريدة «الزمان» الدولية – العدد 4116 – التاريخ 7/2/2012

AZP20