توقيع
الحسم ثنائي بين واشنطن وموسكو
فاتح عبدالسلام
الموقف الروسي هذه المرّة من الأزمة الدمويّة في سوريا لا يمكن حسمه بالسلب أو الإيجاب عبر جلسة عادية لمجلس الأمن الدولي. وإذا ما بدا شكلهُ هكذا في الوهلة الأولي فلأنَّ هناك تداخلاً بين ملفين، الأول جاءت به الجامعة العربية ولجنتها الوزارية والثاني ما يتحدث به الأعضاء الدائمون في المجلس فضلاً عن الأعضاء غير الدائمين.
إنَّ كلَّ المعلومات المتوافرة تؤكد أنَّ المباحثات الثنائية والتي تشبه الاتصالات الشخصية بين واشنطن وموسكو علي أصعدة الزعامات أو وزراء الخارجية والاستخبارات، هي ستكون حاسمة في تحديد الأفق الزمني لتحولات الموقف الروسي المتوقعة. ذلك إنَّ موسكو تدرك أنّها تمسك بورقة مهمة للغاية لكنها تعلم أيضاً إنَّ هذه الورقة لا يمكن أن تبقي علي حالها محصورة في يد مغلقة لمدة طويلة من دون أن تنزل إلي الطاولة الدولية المعروفة بالمساومات، وإلاّ فقدت فائدتها. لكن متي تنزل بشكلها الجديد بعد أنْ نزلت بصيغة «فيتو» مدوٍ شلّ مجلس الأمن وخلخَلَ الموقف التركي وأضعف لهجة الجامعة العربية المتشدّدة، ذلك هو السؤال المستمر.
اللعبة ثنائية الآن بين الروس والأمريكان، فلا أوربا مؤثرة ولا تركيا حاسمة ولا العرب سوي واجهة سيئة السمعة في الحالين، حال عجزهم عن الحل ولجوئهم إلي مجلس الأمن الدولي، وحال تدويلهم أزمة عربية بطريقة لا تختلف عن مقدمات سبقتها لتدخلات دولية في شأن دولة عربية ذات سيادة. لن يكون من الفخر بعد احتلال العراق أنْ يكون العرب معبراً لجيوش الغزاة.
بين موسكو وواشنطن أنواع من الملفات العالقة وتحتاج إلي بحث من باب المصالح وليس سواه أساساً، قبل البت في الملف السوري. بل لعلّ تراخي اهتمام واشنطن بالحسم في سوريا من باب قرارات تشبهُ التدخل هو الذي يثير حفيظة الروس ويشعرهم بأنَّ الورقة التي بين أيديهم ليست جذابة لمساومات أكبر. وليس صحيحاً أبداً أنَّ موسكو تريد أن يسكت مجلس الأمن عن إجراء أو مداولة أو قرار أو صيغة، وكأنَّ شيئاً لا يحدث في سوريا، لكن الروس يريدون توقيتات للكلام واتجاهات للقرارات بما ينسجم مع نضوج الطبخة كلّها إعداداً وتسويقاً.. وأكلاً.
/2/2012 Issue 4113 – Date 4- Azzaman International Newspape
جريدة «الزمان» الدولية – العدد 4113 – التاريخ 4/2/2012
AZP20