توقيع
الكسر والجبر بين سوريا والعرب
فاتح عبدالسلام
ما ينكسر بين العرب مجتمعين ودولة عربية معينة لا يمكن جبره بسهولة، وقد لا يجبر إلاّ في مرحلة سياسية مختلفة لاحقة. فما حصل من قطيعة بين مصر في أيام الرئيس محمد أنور السادات أثر زيارته القدس عام 1977 لم يتم تجاوزه إلاّ بعد أن استقر نظام حكم الرئيس الذي خلفه وهو محمد حسني مبارك بعد حادثة المنصة الشهيرة. وما كان من قطيعة مستمرة بين معظم الدول العربية والعراق في أيام الرئيس صدام حسين استمر من حرب الكويت 1991 حتي رحيل النظام العراقي السابق بحرب الاحتلال الأمريكي عام 2003 مع استثناءات غير كبيرة وظرفية.
وبعد قرارات الجامعة العربية الأخيرة إزاء سوريا تحت حكم الرئيس بشار الأسد قد يجعل القطيعة حتمية ونهائية حتي مجيء نظام لاحق أو حدوث تغيير نوعي بشكل داخلي أو خارجي. غير إنَّ ذلك يعتمد علي قدرة الحكم في دمشق علي المطاولة والسباحة عكس التيار العربي كلّه أو قدرته علي استخدام قوارب النجاة الإيرانية أو الروسية عند الاضطرار وفي اللحظة المناسبة.
التطورات خطيرة علي نحو قد لا يراها بشكل كافي الوضوح السوريون حكومة وشعباً وهم في داخل الأزمة علي الأرض السورية، ذلك أنَّ الحشد الدولي لا سيما في الجمعية العامة للأمم المتحدة وما يرتبط بها من منظمات فاعلة كمفوضية حقوق الانسان قد يدفع الأمور إلي مرحلة نوعية هي المحكمة الجنائية الدولية في تعقب أسماء محددة مشاركة في العنف، ما يعني انَّ جانباً قضائياً دولياً سيكون طرفاً ضاغطاً علي الفيتو الروسي ويحد من آثاره أو يجعله تكراره للمرّة الثالثة تحت عيون كاشفة بما يحرج مصالح روسيا في العالم مستقبلاً وهي الحريصة علي المناورات الدولية.
هناك معلومات مفادها إنَّ الصين سوف تلجأ بعد الضغط الدولي إلي النزول من الفيتو إلي الأمتناع عن التصويت، حيث باتت تعلم أنّ الفيتو الذي أتخذته قد يكلفها علاقات استراتيجية مع العرب الأثرياء والفقراء علي حد سواء ذات يوم قريب بالرغم من إنَّ التقارب الروسي الصيني نوعي وفيه رائحة النفط إيضاً.
الوقوف عند نقطة الخيار العسكري لا يوفر حسماً برغم كل القوة الهائلة التي لا يزال النظام السوري يمتلكها، لأن أعمار حركات التمرد ذات التأييد الشعبي داخل الدول قد تبلغ عقدين أو ثلاثة عقود كمتوسط زمني من دون أن يتم الحاق الآذي الكبير بها. وانَّ هذا الزمن هائل جداً إزاء تطورات باتت تحدث بالساعات والأيام لوضع الحكم في سوريا.
قالها المعلم في بداية الأزمة: سنشطب علي أوربا في الخارطة. هل يجري التعامل مع العرب بطريقة الشطب أيضاً. وكيف يمكن توقع الحلول بعدها.
/2/2012 Issue 4122 – Date 14- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4122 – التاريخ 14/2/2012
AZP20