توقيع عراقي وليس سورياً
عراقي وليس سورياً
فاتح عبدالسلام
ليس سرا أن أقول إنه منذ اندلعت الأزمة السورية الدموية لم أكتب في موضوع سواها، وسمعت من قال إنه كاتب هجر الموضوع العراقي وسمعت آخرين يقولون إنه فعلا الآن يكتب في الموضوع العراقي وليس سواه.
مسؤولون في بغداد انفرط صمتهم سريعا ويتحدثون عن خطر محدق بالعراق اذا وصل الى الحكم في سوريا حزب ديني، في إشارة الى الاخوان المسلمين، وهو تبسيط في غير محله واختصار بحراك شعبي عارم بحزب واحد. ويوما بعد يوم تكرست حالة عداء كبيرة بين الحكم في بغداد والحركات السورية المعارضة كما أبدى الاقليم الكردي العراقي تحفظه على داعم المعارضة لعدم وضوح اهداف كردية في البيان السياسي للمعارضة. ثم خرجت المعلومات ولا أقول الاخبار من السر الى العلن حول تسهيلات مالية منحتها الحكومة العراقية باعتراف البنك المركزي العراقي الى الحكومة السورية تقدر بعشرة مليارات دولار وبنسبة منها الى ايران والبلدان يخضعان للعقوبات الدولية والأمريكية التي لا يمكن ان يكون لها معنى إجرائي بوجود تعاون سياسي وثيق بين العراق وايران وسوريا، حيث الدول الثلاث متصلة بجغرافيا حقيقية وسياسية لا يفسرها سوى الخوف الذي يبديه الحزب الحاكم في العراق على نحو خاص من أي تغيير سياسي في سوريا لا يوفر ذلك الغطاء لتعاون نوعي يخرج من مصالح الشعوب الى منافع الأنظمة حصرا.
الحكم في بغداد لم يعرف طعم النضج السياسي لمعالجة أزماته الداخلية الكبرى والخطيرة لذلك يبدو من غير المتسق مع الواقع ان يكون ذلك الحكم مطالبا بتقدير استراتيجي لمصالح العراق اذا حدث التحول النوعي في الخارطة الاقليمية المتاخمة.
الدور الذي تحدث عنه مسؤولون عراقيون في التنسيق مع المعارضة السورية لاقناعها بالحوار مع السلطات السورية بدا موقفاً مقحماً أو إنها وساطة بالنيابة عن طرف غير عربي مهم في المعادلة لكنه مكروه عربيا ولا يمكن ان يكون هناك اصغاء لمبادرة يطلقها هنا او هناك. غير ان المشكلة هي ان القائمين على الحكم في بغداد ليسوا طرفاً مريحا للمعارضة السورية في زرع الثقة.
إنه موضوع عراقي بامتياز لكن أحداثه الساخنة سورية وكذلك مسمياته.
/4/2012 Issue 4184 – Date 26 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4184 التاريخ 26»4»2012
FASL