تمور إسرائيلية وجزائرية على طاولة الجدل السياسي في المغرب

الرباط‭ – ‬عبدالحق‭ ‬بن‭ ‬رحمون‭ ‬

في‭ ‬سرعة‭ ‬مدهشة‭ ‬تحولت‭ ‬التمور‭ ‬الرمضانية‭ ‬الى‭ ‬مادة‭ ‬لجدل‭ ‬سياسي‭ ‬مغربي‭ ‬حين‭ ‬ازداد‭ ‬استيراد‭ ‬انواعها‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والجزائرية‭ ‬مؤخرا‭ .  ‬فيما‭ ‬تحول‭  ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬حي‭ ‬شعبي‭ ‬بوسط‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الأبرك‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬عربية‭ ‬ومغاربية‭ ‬مصغرة،‭ ‬حيث‭ ‬تلتقي‭ ‬في‭ ‬درب‭ ‬ميلان‭ ‬بحي‭ ‬الفرح‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الممثلة‭ ‬في‭ ‬منتوجاتها‭ ‬من‭ ‬التمور،‭ ‬كالسعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وتونس‭ ‬والعراق‭ ‬وتركيا‭..‬،‭ ‬وتحتل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬التمور‭ ‬مكانة‭ ‬رفيعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬التجاري‭ ‬وهي‭ ‬المجهول،بوفقوس‭ ‬والجيهل‭.‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬فليتنافس‭ ‬المتنافسون،‭ ‬مابين‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬والأسعار‭ ‬المشجعة‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬شهدت‭ ‬أسعار‭ ‬أنواع‭  ‬التمور‭ ‬المغربية‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ارتفاعا‭ ‬صاروخيا‭ ‬بالموازاة‭ ‬مع‭ ‬موجة‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يتخبط‭ ‬فيها‭ ‬المغاربة‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬وشمل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬أغلب‭ ‬أنواع‭ ‬وأصناف‭ ‬التمور‭ ‬المنتجة‭ ‬محليا‭ ‬بواحات‭ ‬المغرب‭ ‬أو‭ ‬ضيعات‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الجنوب،‭ ‬وتواجه‭ ‬التجار‭ ‬المغاربة‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬منافسة‭ ‬التجار‭ ‬الموردين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأسعار‭ ‬والجودة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاطار‭ ‬يعد‭ ‬المغرب‭ ‬أول‭ ‬مستورد‭ ‬للتمور‭ ‬التونسية،‭ ‬كما‭ ‬تقع‭ ‬تونس‭ ‬ضمن‭ ‬لائحة‭ ‬الدول‭ ‬الست‭ ‬العربية‭ ‬الأكثر‭ ‬إنتاجا‭ ‬للتمور،‭ ‬إذ‭ ‬وفرت‭ ‬الواحات‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفلاحي‭ ‬2020‭-‬2021‭ ‬كميات‭ ‬هامة‭ ‬بلغت‭ ‬345‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬ملحوظ‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الجودة‭ ‬والحجم،‭ ‬وتعادل‭ ‬هذه‭ ‬الكمية‭ ‬نسبة‭ ‬4‭% ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭. ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬الشعبي‭ ‬أكبر‭ ‬سوق‭ ‬للتمور‭ ‬بالمغرب‭ ‬منها‭ ‬المحلية‭ ‬والمستوردة،‭ ‬وهو‭ ‬حي‭ ‬مجاور‭ ‬للطريق‭ ‬السيار‭ ‬يتواجد‭ ‬مابين‭ ‬ملتقى‭ ‬طريق‭ ‬الرباط‭ ‬وطريق‭ ‬الجديدة‭ . ‬وكل‭ ‬من‭ ‬تسأله‭ ‬عن‭ ‬درب‭ ‬ميلان‭ ‬بحي‭ ‬الفرح‭ ‬سيوجهك‭ ‬نحو‭ ‬أكبر‭ ‬سوق‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭ ‬لبيع‭ ‬التمور‭ ‬بالجملة‭ ‬وبالتقسيط،‭ ‬وهو‭ ‬سوق‭ ‬تعرض‭ ‬فيه‭ ‬جميع‭ ‬الأصناف،‭ ‬حيث‭ ‬تحتل‭ ‬التمور‭ ‬التونسية‭ ‬حصة‭ ‬الأسد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المبيعات،‭ ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬يتصاعد‭ ‬نقاش‭ ‬سياسي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المحلية،‭ ‬وأيضا‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حيث‭ ‬يشتد‭ ‬الصراع‭ ‬حول‭ ‬دولتين‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالتمور‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬وتدعو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أصوات‭ ‬معارضة‭ ‬إلى‭ ‬مقاطعة‭ ‬استهلاك‭ ‬هذه‭ ‬التمور،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬عدم‭ ‬عرضها‭ ‬للبيع‭ ‬بمختلف‭ ‬المحلات‭ ‬بالأسواق‭ ‬الوطنية‭. 

أما‭ ‬الحكومة‭ ‬فترد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬بنفس‭ ‬الأسلوب‭ ‬على‭ ‬منتقديها‭ ‬بالحجج‭ ‬والبراهين‭ ‬وتصريحات‭ ‬ليست‭ ‬لغتها‭ ‬أشبه‭ ‬بلغة‭ ‬الخشب،‭ ‬ولكنها‭ ‬توضيحات‭ ‬وإجراءات‭ ‬إدارية‭ ‬وقانونية‭ ‬لابد‭ ‬منها،‭ ‬حيث‭ ‬توضح‭ ‬أن‭  ‬عملية‭ ‬استيراد‭ ‬التمور‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬مراحل‭ ‬أساسية‭ ‬تشمل‭ ‬المراقبة‭ ‬الوثائقية‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬محتوى‭ ‬الملفات‭ ‬والمستندات‭ ‬المرافقة‭ ‬للتمور،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬تتعلق‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬بمراقبة‭ ‬الهوية‭ ‬والمراقبة‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تروم‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬مطابقة‭ ‬التمور‭ ‬المستوردة‭ ‬للشواهد‭ ‬والوثائق‭ ‬المرفقة‭ ‬بها،‭ ‬وأنها‭ ‬تفي‭ ‬بالمتطلبات‭ ‬التي‭ ‬تحددها‭ ‬النصوص‭ ‬والقوانين‭ ‬الجاري‭ ‬بها‭ ‬العمل،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬ووفق‭ ‬تقارير‭ ‬سابقة‭ ‬تشير‭ ‬تلك‭ ‬البيانات‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬تصدير‭ ‬التمور‭ ‬العراقية‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬والهند‭ ‬ومصر‭ ‬وسوريا‭ ‬والأردن‭ ‬والإمارات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وبنغلاديش‭ ‬وبعض‭ ‬الأسواق‭ ‬الأوروبية‭ ‬والأميركية‭. ‬

على‭ ‬صعيد‭ ‬آخر،‭ ‬طرح‭ ‬بالعاصمة‭ ‬المغربية‭ ‬الرباط‭ ‬،‭ ‬خبراء‭ ‬مغاربة‭ ‬وبريطانيون،‭ ‬تحت‭ ‬المجهر‭ ‬آليات‭ ‬تمنيع‭ ‬الشباب‭ ‬ضد‭ ‬التطرف‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت،‭ ‬وكذا‭ ‬المحاور‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬المنظمات‭ ‬المتطرفة‭ ‬لاستقطاب‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬لقاء‭ ‬دراسي‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬‮«‬رؤى‭ ‬متقاطعة‭ ‬حول‭ ‬التطرف‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭: ‬التجربة‭ ‬المغربية‭.‬‮»‬‭ ‬،‭ ‬وأكد‭ ‬سفير‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بالرباط‭ ‬،‭ ‬سيمون‭ ‬مارتن،‭ ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬وبريطانيا‭ ‬”‭ ‬يتقاسمان‭ ‬تحدي‭ ‬مشترك‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مشكل‭ ‬التطرف‭ ‬عبر‭ ‬الأنترنت‭ ‬‮«‬،‭ ‬مبرزا‭ ‬أهمية‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬والتجارب‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬من‭ ‬جهته،‭ ‬دعا‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للرابطة‭ ‬المحمدية‭ ‬للعلماء،‭ ‬أحمد‭ ‬عبادي،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬حماية‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي‭ ‬وعلى‭ ‬أهمية‭ ‬بناء‭ ‬أسس‭ ‬وجملة‭ ‬من‭ ‬المراجع‭ ‬الفكرية‭ ‬والوجدانية‭ ‬وكذا‭ ‬الوجودية‭ ‬عند‭ ‬الشباب‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬لديهم‭ ‬المناعة‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬بنائين‭ ‬في‭ ‬مجتمعهم‭.‬‭ ‬

وعرف‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬تنظمه‭ ‬الرابطة‭ ‬المحمدية‭ ‬للعلماء‭ ‬بشراكة‭ ‬مع‭ ‬سفارة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بالرباط،‭ ‬طرح‭ ‬حلول‭ ‬بديلة‭ ‬للتمنيع‭ ‬من‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬مغبات‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬عبر‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأمثل‭ ‬لمختلف‭ ‬الأبحاث‭ ‬المغربية‭ ‬والبريطانية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬وتبادل‭ ‬التجارب‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬مساهمات‭ ‬وأبحاث‭ ‬المشاركين‭ ‬من‭ ‬باحثين‭ ‬وأساتذة‭ ‬وممثلين‭ ‬لمؤسسات‭ ‬وطنية‭ ‬وفعاليات‭ ‬مدنية‭. ‬

 

مشاركة