تقسيمات شعرية

تقسيمات شعرية
ابتدع احد أصدقائنا ثلاثة مصطلحات في عالم الأدب فقد قسم الشعر إلى ثلاثة أنواع وصف الأول (بالمنبري) والثاني (بالدفتري) أما الثالث فقد اسماه (الخبزوي) الأول هو الذي يكون فاعلا في المنابر والندوات والاحتفالات أما النوع الثاني فهو ما يكتبه الشعراء في دفاترهم الشخصية دون إلقاءه ويبقى حبيسا في الدفاتر والدواوين الشعرية . وأكد إن الإلقاء هو احد سمات الشعر فلا شعر قوي دون إلقاء قوي وان الشاعر الكبير هو من يكبر بقوة إلقاءه وهو الذي يهزز مشاعر السامعين ويجعل القاعة تدوي له بالتصفيق ومع القول إن الإلقاء يعد كاشفا للشعر لا منشئ له وانه من كماليات الأمر لا من جوهره وان الإلقاء قد يخفي عيوب الشعر ولا يحسنه ….
إن الكثير من القصائد التي نتفاعل معها(صوتيا) عند سماعها ننساها حال مغادرتنا القاعة ولربما نرى إنها لا ترقى لمستوى يذكر عند التأمل فيها وكثيرا ما نكون مخدوعين عند إعادة قراءتها….
عندما سئل احد الشعراء الكبار وممن يجيدون الشعر بأنواعه وكان هذا الشاعر يمتلك قدرة إلقاء مبهرة أين تجد نفسك وأين تجد الصعوبة وفي أي نوع من الشعر.. فكان جوابه: الصعوبة تكمن عندما القي قصيدة نثرية لا تزويق فيها و لا ينفع فيها الإلقاء من شئ دون كلمات قوية جدا تؤثر بالجمهور وتفعّله.
عم لو كان الشعر يحيا ويزدهر بالإلقاء لما وصل إلينا شعر الأموات ولما عرفنا المتنبي والمعري وأبو تمام أو البحتري وكعب بن زهير وعنترة بن شداد لقد عرفناهم دون أن نسمع أصواتهم ولا ندري هل كانت أصواتهم جميلة أم فيها بحة وهل كانوا يعرفون مكبرات الصوت التي تخفي عيوب الصوت وخفوته وهل ألقى احدهم قصيدة بمكبر صوت مجــــسم (ستريو)..؟
إن المنابر لا تخلد شاعرا وإنما يخلد الشعراء بما يسطرونه في دفاترهم ونحن هكذا عرفنا الشعراء الكبار وحفظنا قصائدهم دون أن نسمع أصواتهم وحتى لم نر صورهم أو نتخيلها عرفنا الشعر المترجم وأعجبنا به رغم إن الترجمة قد افقدته بعض بريقه ووصلنا دون ما اعتدنا عليه من وزن أو تفعيلة تزينه .. إن ما نريد قوله فإن قوة الشعر بقوة معانيه ولن يضيف الإلقاء شيئاً للقصيدة إلا لمدة إلقاءه وللأشخاص الموجودين في القاعة فقط.. كيف وان الشعر صار ينتقل عبر الانترنت لكل أنحاء المعمورة وصارت قصائد الشعراء الروس واليابانيين وغيرهم بيننا ونقراها دون أن نسمع شاعرها أو نعرف عمره أو أمره وإذا كان احد شعرائنا الأولين قد قال: إذا الشعر لم يهززك عند سماعه…. فليس حريا أن يقال له شعر فإننا نقول بعد استئذانه ..أذا الشعر لم يهززك عند قراءته … وسواء كان الشعر منبريا أو دفتريا فأنه أفضل حالا من الشعر الذي اسماه صاحبنا بالشعر الخبزوي الذي لولاه ما وصلنا إلى ما نحن فيه من استبداد مجدناه لقرون خلت وسوغنا فيه الباطل وخدعنا شعبنا في مدح من لا يستأهل المدح وذممنا من لا يستحق الذم لقد زين الشعر الخبزوي أعمال الطغاة ما الحل؟ هل نضع مادة دستورية تحرم الشعر الذي يمدح الأحياء من القادة و لربما هو الحل الأوحد فلا الشعراء يضبطون أنفسهم ولا القادة يمنعون مدحهم .
سعد حيدر حسين
AZP02

مشاركة