
فاتح عبد السلام
عندما يقال في العراق انَّ هناك خرقا دستوريا، ما الذي يحصل بعد ذلك بالضبط؟
لا شيء مطلقاً، إذ يبدو انّ المسموح به هو فقط التصريح العلني بأنّ هناك خروقات في تجاوز مواد دستورية او تعطيلها أو التصرف العشوائي بها أو مخالفة المُدد الدستورية المقررة لإعلان التشكيلات الحكومية والرسمية بعد الانتخابات.
لا أحد يتوقف عند أسباب حدوث تلك التجاوزات والنتيجة التي سيصل اليها البلد بعد تراكمها سنة بعد أخرى ودورة اثر دورة.
كما لا أحد يتوقف عند الدستور ذاته الذي يقف وحده من دون حماية فيما يتلقى دائما الطعنات من جميع الجوانب، في الوقت الذي تنص النصوص على انّ هناك حماة له يجردون سيوفهم القانونية للذود عنه في مثل تلك الأوقات.
الطريف هو انَّ جميع الأطراف المتجاوزة على الدستور والمتضررة من ذلك التجاوز تشكو على حد سواء من عدم التقيد بالدستور وتغليب التوافقات أو الاتفاقات الخارجية على نصوصه المعمول بها أو المؤجلة.
اذهبوا الى نقل التجاوزات الى أفكار لتعديل الدستور وتجنب وضع العصي في العجلة القانونية للبلاد مستقبلاً. ذلك ان تعديل الدستور كان مطلبا لدى معظم السلطات والقوى في السنوات الماضية ثم جرى غض النظر عن ذلك فجأة. والتعديل الدستوري متاح ومباح، ويمكن ان يستند الى تجربة عمرها اثنا عشر عاما قد تفيد في اغناء التعديلات التي ستكون نتاج فحص النص على الواقع وامتحان النصوص مع البشر.
التعامل مع أي دستور لا يمكن ان يكون نسبياً، بل هو امر مطلق، إمّا ان تقبل أطراف العملية السياسية بتطبيق الدستور الثابت بشكل مطلق لا اجتهاد فيه مع النص الدستوري أو أن ينتظروا هزات مفاجئة في منعطفات دولية او إقليمية منعكسة على العراق الذي ضيعت قواه فاعلية الدستور.
لا يكفي ان يقول بيان الخارجية العراقية للمبعوث الأمريكي توم باراك الذي ادخل العراق في توصيفات التقسيم المحتملة بأن الدستور العراقي يمنع حدوث التقسيم، ذلك ان المقاطعات الاقتصادية والمسلحة والتنفيذية والحزبية والوجاهية والشخصية تتعامل مع واقع تقسيمي وتكرسه تحت شعار واحد هو وحدة العراق. هذه التناقضات لها نهاية مفجعة، ولن تكون سائبة الى الأبد، كما كان لها ذات يوم بين عامي 2003 و2005 بداية دراماتيكية.
ليس مهما أن ترفع شعاراً سياسياً ملتزماً بالدستور، لكن المهم الا يقول لسان حال سلوكك : تعالوا نخرق الدستور.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية


















