تطوّر عمراني مقابل تراجع إنساني – زينب كاظم

تطوّر عمراني مقابل تراجع إنساني – زينب كاظم

سنتحدث في هذا المقال عن موضوع طالما ترددنا بالكتابة عنه لأنه يخص السياسة والسياسة من وجهة نظرنا شيء مقزز في بلداننا العربية  وخاصة العراق ودوما  نحاول نبتعد عن الكتابة بخصوص السياسة لكن غيرة الإنسان على وطنه وحبه لأبناء بلده  والمشاهد الموجعة التي نشاهدها يوميا في المدارس  والمستشفيات والدوائر  الحكومية وحرمان الفرد العراقي لأبسط متطلبات الحياة لدرجة أنه لا يملك قوت يومه أوكم متر ملك يعيش فيها عيشة كريمة هو وعائلته لدرجة أنه يكون مجبرا على العيش بالعشوائيات وتفشي الأمراض والاوبئة وقلة الأدوية والأجهزة الطبية ،كل ذلك  يدفعنا للكتابة ويدفعنا لنتساءل أسئلة  مؤلمة  لكنها تطرح نفسها دوما وهي كيف تصبح المدن مسرحًا ويترك المواطن خلف الستار؟وما الذي يحدث عندما تقرر مدينةٌ ما أن تتجمّل بالقوة؟تُشعل شوارعها حتى تظنّ أن الضوء سيعمي الناس عن عتمة الواقع،وتبني مولات ترتفع كالأصنام الحديثة،ثم تجلس تنتظر التصفيق، بينما الجمهور في الحقيقة يبحث عن لقمة العيش، وعن دواء، وعن مدرسةٍ لا تتساقط جدرانها كما حدث قبل أيام عندما فقد طفل حياته عندما سقط عليه جدار المدرسة بعد الأمطار الأخيرة في أحد محافظات العراق .

سنكتب عند ذلك بحبر الدم أنه  التمثيل الرديء بميزانيات ضخمة.

مجرد ديكور فخم يخفي تحته أرضًا مشقّقة وفقرًا يُراد له أن يصمت،منطق هذه المدن بسيط جداً وهو دعوا الناس تُعجب، ولا تهتموا أن تعيش،ماذا يسمى ذلك عندما يضيئون الشوارع كأنهم يحاولون محو ظلام الفقر من وجه الخارطة،لكن الضوء لا يغيّر الحقيق الضوء فقط يفضحها.

والفضيحة هنا واضحةمدارس متهالكةو مستشفيات حالتها يرثى لهاو شوارع لامعة فوق بطون خاوية.

لا نعرف كيف تفكر حكومة الفشل وسياسيو الصدفة وكيف يفكر من يضع الأولويات؟وكيف يقرر أن الواجهة أهم من الإنسان؟

وكيف يسوغ لنفسه أن يبني مولًا بمليارات، بينما طفلٌ في مدرسة ابتدائية أو طالب متوسطة وإعدادي لا يجدوا كتابًا نظيفًا؟ أو مدارس تستوعب عدد الطلبة والتلاميذ الأمر ليس سوء إدارة فقط بل إنه سوء نية في إدارة الوعي. محاولة لإقناع الناس بأن المدينة بخير، حتى لو كانوا هم ليسوا بخير،لن نضع رؤوسنا في التراب كالنعام فمدينةٌ لامعة لا تخدم أهلها ليست مدينة،هي إعلان كبير مغروس في أرض مهملة.

نعم، من السهل جدًا أن تبني برجًا،أما أن تبني إنسانًا… فهذا يحتاج ضميرًا، وهذا بالضبط ما هو مفقود والأدهى أن البعض يظن أن الفقر يمكن تغطيته بشمعة وأن تعب الناس يمكن دفنه تحت بلاط مول خمس نجوم،وكأن معاناة المواطن مجرد عيب بصري يجب إخفاؤه.

تنمية زائفة

لكن المدن التي تكذب تتشقق سريعًا،والمدن التي تعيش على المظاهر تسقط أولاً عند أول سؤال بسيط أين ذهبت حقوق الناس؟

وحين لا نجد جوابًا،نعرف أن الضوء ليس نورًا… بل خدعة.

وأن المباني ليست إعمارًا بل ستارًا،وأن التنمية هنا ليست مشروعًا… بل مشهدًا مصطنعًا لعرض لم يحضره أحد،فلماذا يسكت المواطن على هندسة المظهر وتعطيل الجوهر وأنه وهم التحضر والتنمية الزائفة واقتصاد الواجهة فقط وليس اقتصاد العمق والحقيقة والمردود الإقتصادي لبلد النفط والخيرات العراق أن كل ذلك مرض مزمن بل متلازمة تدعى التجميل الحضري الذي هو في الحقيقة تقبيح وتراجع وان كل ذلك  وللأسف تنمية شكلية بلا أي أثر اجتماعي أنها فجوة التحضر التي سقط فيها المواطن ضحية، لم يعد يرضي المواطن المدينة المضللة بصريا لذلك قاطع الكثير من الناس الإنتخابات في الفترة الماضية لم يعد يرضى الناس كذلك باختلال أولويات التنمية ووهم التطور الزائف

نحن أصبنا باليأس لكن نكتب لأن  قلوبنا تبكي وجعا من الواقع واقلامنا الحرة تطالب بكتابة مطالبات ورسائل إلى اصحاب الضمائر التي لا زالت حية من حكومات وجهات معنية.

 – بغداد