تشويه الإعلام الأردني
عبدالله محمد القاق
ليس من باب التباهي ولكن مع قول الحقيقة الناصعة إن إعلامنا حقق تطوراً نوعياً وكمياً خلال السنوات القليلة الماضية، وما زال ينشر المزيد من القضايا التي تهم الوطن والمواطنين، ويبث الكثير من المعلومات المختلفة عن قضايا وموضوعات تتعلق بالأمة وشؤون المناطق والمحافظات والعالم أجمع، بحيث اصبح عدد المتلقين لهذه المعلومات الصحيحة والواضحة أكثر من أي وقت مضي جراء الحرية والديمقراطية والحيادية في تناول الشأن المحلي والعربي والدولي.
لقد استطاعت صحافتنا تسليط الضوء علي الاختلالات البنيوية والثغرات في مختلف الأجهزة والمؤسسات الحكومية وغيرها، من خلال الرغبة الجادة في الاصضلاع بدورها في حل المشكلات التي تواجهنا في الاردن وتقديم المقاربات الضرورية لمعالجتها وتجاوزها، بخاصة أن هناك زملاء وباحثين تمكنوا من تشخيص واقعنا المحلي والعربي، وتقويم الأداء والخطاب والمضمون، واستقصاء الوظائف المجتمعية والتحقق من دوره في صياغة الرأي العام العربي من جهة والتصورات الغربية ازاء العرب من جهة اخري.
وقد كانت صحيفة ــ الدستور ــ موضع الاهتمام والتقدير من الصحفيين العرب والاجانب عبر الملتقيات الإعلامية والثقافية التي كان لي شرف حضورها في كل من تونس والمغرب والقاهرة، وبيروت والكويت والإمارات العربية المتحدة حيث اشاد هؤلاء الزملاء بالخطوات الصحفية الكبيرة لهذا الصرح الإعلامي الكبير ?الدستور? في تناول قضايا واشكاليات تتصل بالعمل الإعلامي مثل الحرية والاستقلالية والمصداقية ودور الإعلام في الحرب وتحت الاحتلال، والدور الكبير الذي تلعبه للنهوض بواقع الإعلام العربي وتطوير تجربته وترشيد مساره وتعزيز تأثيره المستقبلي. ما دعاني لهذا القول، هو ما يدور في الاوساط الصحفية والبرلمانية والسياسية الاردنية من شراء ذمم 51 صحفياً اردنياً من قبل احدي الشخصيات الأمنيةوهو مدير المخابرات الاسبق، وهذا الكلام يدل علي خطورة كبيرة للوسط الصحفي، وتأثيره علي اعلامنا ودوره الريادي الذي عُرف عنه بالدفاع عن قضايا العدل وحقوق الانسان والرغبة بتوظيف نجاحاته لتصحيح الصورة المشوهة عن العرب والمسلمين من خلال تفاعل اعلامنا مع وسائل الإعلام العربية والعالمية وفتح القنوات مع المؤثرين في هذا العالم من مفكرين وسياسيين واقتصاديين ومراكز دراسات ومنظمات المجتمع المدني، لكون اعلامنا، يتمتع برسالة هي ــ التنوير ــ والتي تحث علي التنمية وبناء الانسان، والاعتدال والحوار والانفتاح والتحديث الاقتصادي والسياسي والإصلاح الشامل، انطلاقا من الرغبة بالتعاطي بكل جرأة ومسؤولية ووضوح مع القضايا الوطنية بغية علاج المشكلات والسعي لسد الثغرات والنواقص ونتطلع قدما لبناء الوطن وتحقيق رؤاه الوطنية والقومية. فهذه القائمة التي نشرت في بعض المواقع الالكترونية بحروف ابجدية، اثارت الكثير من الاشكالات من اللغط ضد صحافتنا وصحفيينا، الأمر الذي دعا نقابة الصحفيينالاردنية برئاسة نقيبها الزميل طارق المومني واعضاء النقابة الي التصدي لهذه الاشكالات والاتهامات” الباطلة “ومطالبة النائب العام ولجنة مكافحة الفساد بالتحقيق في هذه المسألة، لأنها ?مهمة? وتمس هذا الجسم الصحفي الذي يسعي ليظل ــ كما عرفه الجميع ــ يؤدي دوره بكل نزاهة وديمقراطية وشفافية بعيداً عن الضغوطات او التدخل الخارجي او المحلي، خاصة اننا الصحفيون نحمل علي عاتقنا كأجهزة اعلام مسألة حرية الاعلام، تلك الحرية التي لا تتجرأ ولا يمكن ان تنجح المطالبة بالحرية الإعلامية اذا لم تكن جزءاً من المطالبة بالحريات الاخري.
فهذه الاتهامات يجب ان ينظر المسؤولون المختصون لها نظرة جدية، واصدار البيانات المطلوبة لتوضيح مواقف الزملاء الصحفيين، لأن استمرار هذه الاتهامات ليس من شأنه تعريض صحفي او آخرين للرشوة ــ لا سمح الله ــ بل هدفه محاولة ?تقزيم الدور الذي يلعبه اعلامنا الوطني? كآليات محفزة لعمليات التغيير والاصلاح الاجتماعي وإيجاد المناخ الملائم لتطوير المجتمع المدني واحداث النقلة النوعية للنهوض بالوطن والمواطنين عبر توسيع المشاركة الوطنية لفئات المجتمع في مختلف المجالات. لقد أحسن الزملاء في النقابة ومركز حرية وحماية الصحفيين وغيرهما بالمطالبة السريعة من الجهات المختصة بالتحقيق في هذه المسألة الحساسة، الامر الذي ينبغي متابعتها، بخاصة ان الحرية البعيدة عن الإغراءات شرط ضروري للنهوض بالإعلام العربي وتطويره، ولا سيما ان مثل هذا التجني علي بعض الصحفيين سيؤثر علي اعلاميينا وصحفنا دون توضيح الاسماء عبر الجهات القضائية المختصة التي عرفت بدورها الوطني والقومي والتي تشيد بها كل الاوساط لما اتصفت به من حيادية واستقلالية، والتي ربما تكشف النقاب عن هذه الفئة ــ باعتبار ان حرية الإعلام شرط ضروري وحيوي للنهوض بإعلامنا وعدم المساس به او تشويه مسيرته الوطنية، لا سيما انه يضطلع بالادوار المرجوة عبر كل الصعد. الأمل كبير ان تحقق الجهات المختصة بهذه البيانات واظهار الحق لأن استمرار الصمت او السكوت عن هذه المسألة من شأنه ان يمس صحافتنا وصحفيينا لأن مثل هذه الرشاوي ــ ان ثبتت وهي مجرد حديث اعتذر الموقع الالكتروني التي اقدم علي نشرها لاطهارها عبر موقعه لعدم توفر البرهان او السند القانوني فانها ستسهم بايجاد الاختلالات بالجسم الصحفي بخاصة ان اعلامنا يسعي لتخليصه من القيود الحكومية وتحريره من القوانين والتشريعات التي تكبل حريته واستقلاله كما الحال في المادة 23 من قانون مكافحة الفساد والتي تنادي الصحفيون جميعهم لرفضها من قبل مجلسي النواب والاعيان لأنها تمثل اداة معوقة لتسليط الضوء علي الفساد والمفسدين!
وكلنا ثقة بأن تتعاون مختلف الجهات الإعلامية مع الجهات الرسمية في تقديم المعلومات الصحيحة حول ــ الموضوع ــ حتي لا يظل اعلامنا موضع الشك بخاصة انه يتأثر بما يدور في المجتمع وينعكس عليه ويؤثر في حركة الوطن وديناميكيته!.
رئيس تحرير جريدة الكاتب العربي الأردنية
/2/2012 Issue 4123 – Date 15- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4123 – التاريخ 15/2/2012
AZP07