تشارلز الثالث يلقي خطابه الأول للعرش

لندن‭ – ‬الزمان‭ ‬

ألقى‭ ‬الملك‭ ‬تشارلز‭ ‬خطاب‭ ‬العرش‭ ‬الأول‭ ‬له‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان‭ ‬الثلاثاء،‭ ‬والذي‭ ‬سعت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬حكومة‭ ‬المحافظين‭ ‬بقيادة‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬طويلة‭ ‬المدى‮»‬‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭.‬

و»حرصاً‮»‬‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬إدامة‭ ‬إرث‭ ‬‮«‬والدته‭ ‬الحبيبة‮»‬‭ ‬إليزابيث‭ ‬الثانية،‭ ‬شارك‭ ‬تشارلز‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬طقوس‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية‭ ‬الذي‭ ‬يتمّ‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬افتتاح‭ ‬الدورة‭ ‬البرلمانية‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭.‬

وكان‭ ‬قد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقليد‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬وريثاً‭ ‬للعرش‭. ‬فقد‭ ‬تلا‭ ‬الخطاب‭ ‬الأخير‭ ‬للعرش‭ ‬في‭ ‬أيار‭/‬مايو‭ ‬2022‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الملكة‭ ‬إليزابيث‭ ‬الثانية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬صحّتها‭ ‬هشّة‭.‬‮ ‬

ولدى‭ ‬وصوله‭ ‬بعربة‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬ويستمنستر،‭ ‬استُقبل‭ ‬الملك‭ ‬الذي‭ ‬يحتفل‭ ‬بعيد‭ ‬ميلاده‭ ‬الـ75‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نومبر،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عشرات‭ ‬المتظاهرين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يهتفون‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬ملكي‮»‬‭ ‬و‮»‬يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خسارة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬تشهده‭ ‬عهد‭ ‬إليزابيث‭ ‬الثانية‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬مراسم‭ ‬ذات‭ ‬تقاليد‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬قرون‭ ‬مضت،‭ ‬تحدّث‭ ‬الملك‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرتدي‭ ‬التاج‭ ‬الإمبراطوري‭ ‬الاحتفالي،‭ ‬والذي‭ ‬جلس‭ ‬على‭ ‬العرش‭ ‬الذهبي‭ ‬لمجلس‭ ‬اللوردات‭ ‬بجوار‭ ‬الملكة‭ ‬كاميلا‭.‬‮ ‬‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬المراسم،‭ ‬يقوم‭ ‬‮«‬حرّاس‭ ‬الملك‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يشكّلون‭ ‬أقدم‭ ‬فيلق‭ ‬عسكري‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني،‭ ‬بتفتيش‭ ‬الأقبية‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬متفجّرات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إحياء‭ ‬ذكرى‭ ‬‮«‬مؤامرة‭ ‬البارود‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1605،‭ ‬حينما‭ ‬أراد‭ ‬الكاثوليك‭ ‬تفجير‭ ‬البرلمان،‭ ‬خلال‭ ‬وجود‭ ‬الملك‭ ‬البروتستانتي‭ ‬جيمس‭ ‬الأول‭ ‬لإلقاء‭ ‬خطابه‭. ‬وقال‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬أعدّه‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك،‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬أولوية‭ ‬حكومتي‭ ‬هي‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الصعبة‭ ‬ولكن‭ ‬الضرورية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬لتغيير‭ ‬هذا‭ ‬البلد‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬تفشّي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬والحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬اللتين‭ ‬ساهمتا‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬تكلفة‭ ‬المعيشة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬‮ ‬

ويعدّ‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬الأول‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان‭ ‬لريشي‭ ‬سوناك‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬قبل‭ ‬عام،‭ ‬بعد‭ ‬فضائح‭ ‬عهد‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭ ‬وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬49‭ ‬يوماً‭ ‬زاخرا‭ ‬بالأحداث‭ ‬خلال‭ ‬عهد‭ ‬ليز‭ ‬تراس‭. ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الأخير‭ ‬بالنسبة‭ ‬لسوناك،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المقرّر‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬بحلول‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭. ‬ويشهد‭ ‬المحافظون‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬حوالى‭ ‬14‭ ‬عاماً،‭ ‬تراجعاً‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬يتصدّرها‭ ‬حزب‭ ‬العمّال‭ ‬بقيادة‭ ‬كير‭ ‬ستارمر‭.‬

ويشكّل‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتعدّى‭ ‬عشر‭ ‬دقائق،‭ ‬لحظة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬رغم‭ ‬أنّ‭ ‬محتواه‭ ‬السياسي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬غامضاً‭ ‬وعامّاً‭. ‬بالتالي،‭ ‬فإنّه‭ ‬يمثّل‭ ‬إحدى‭ ‬الفرص‭ ‬الأخيرة‭ ‬لريشي‭ ‬سوناك‭ ‬لإعطاء‭ ‬فكرة‭ ‬عن‭ ‬المسار‭ ‬المتّبع‭ ‬لعكس‭ ‬اتجاه‭ ‬التطوّرات‭ ‬في‭ ‬الممكلة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وللنأي‭ ‬بنفسه‭ ‬عن‭ ‬حزب‭ ‬العمّال‭.‬

وأكمل‭ ‬الملك‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬أعدّه‭ ‬سوناك،‭ ‬فكرّر‭ ‬فيه‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬التضخّم‭ ‬وخفض‭ ‬الفواتير‭ ‬الذي‭ ‬يدفعها‭ ‬المواطنون‭ ‬البريطانيون،‭ ‬وأيضاً‭ ‬تدريب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرّضين‭ ‬وحظر‭ ‬بيع‭ ‬السجائر‭ ‬تدريجياً‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

ويرغب‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬داونينغ‭ ‬ستريت‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬قليلاً‭ ‬عن‭ ‬عام،‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬‮«‬أطر‭ ‬قانونية‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬لدعم‭ ‬تطوير‭ ‬المركبات‭ ‬ذاتية‭ ‬القيادة‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

ومنح‭ ‬سوناك‭ ‬وعوداً‭ ‬للجناح‭ ‬اليميني‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬حيث‭ ‬اقترح‭ ‬تشديد‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬القتلة‭ ‬ومرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬الجنسية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬صلاحيات‭ ‬الشرطة‭ ‬والمحاكم‭ ‬لمكافحة‭ ‬‮«‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬الأطفال‮»‬‭.‬

وكما‭ ‬أفيد‭ ‬الاثنين،‭ ‬فإنّ‭ ‬هناك‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬‮«‬سيدعم‭ ‬ترخيص‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الجديدة‭ ‬لمساعدة‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2050،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إضافة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأعباء‭ ‬على‭ ‬الأسر‮»‬،‭ ‬حسبما‭ ‬قال‭ ‬الملك‭ ‬أثناء‭ ‬تلاوته‭ ‬خطاب‭ ‬سوناك،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرفّ‭ ‬له‭ ‬جفن‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أنّه‭ ‬معروف‭ ‬بالتزامه‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬البيئة‭.‬

غير‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتخذة‭ ‬باسم‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬تتعرّض‭ ‬لانتقادات‭ ‬قاسية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الناشطين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البيئة،‭ ‬الذين‭ ‬يتحرّكون‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬جاست‭ ‬ستوب‭ ‬أويل‮»‬‭ (‬Just‭ ‬Stop‭ ‬Oil‭) ‬ضدّ‭ ‬مشاريع‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬استخراج‭ ‬المحروقات‭.‬

وقال‭ ‬ريتشارد‭ ‬كار‭ ‬أستاذ‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬أنغليا‭ ‬رسكين،‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬إنّ‭ ‬هذه‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬الأخيرة‮»‬‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬لفرض‭ ‬رؤيته‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭. ‬ويضيف‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬المشكلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬سوناك‭ ‬هي‭ ‬أنّ‭ ‬الوقت‭ ‬ينفد‭ ‬أمامه،‭ ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬الناخبين‭ ‬متعبون‭ ‬وغاضبون‭ ‬من‭ ‬حكومات‭ ‬المحافظين‮»‬‭.‬

مشاركة